فكرته تعود إلى 2022.. تقرير يكشف تفاصيل جديدة عن "هجمات البيجر" بلبنان

فكرته تعود إلى 2022.. تقرير يكشف تفاصيل جديدة عن "هجمات البيجر" بلبنان

كشف تقرير حديث، نشر اليوم الأحد، عن تفاصيل عملية سرية معقدة نفذها جهاز "الموساد" الإسرائيلي، وأدت إلى تفجيرات في لبنان في 17 سبتمبر الماضي عبر أجهزة نداء مفخخة "بيجر" تم استخدامها من قبل "حزب الله". 

وكشف التقرير، الذي استند إلى معلومات من مسؤولين إسرائيليين وشرق أوسطيين وأمريكيين مطلعين على العملية، عن كيفية تصميم هذه الأجهزة المتفجرة وطريقة تجميعها واستخدامها لضرب "حزب الله" دون علمه، وفق صحيفة "واشنطن بوست".

وأوضح التقرير أن فكرة هذه العملية تعود إلى عام 2022، حين بدأت تتبلور في أروقة "الموساد" كجزء من استراتيجية أوسع لمواجهة "حزب الله". 

في ذلك الوقت، كانت الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان هادئة نسبياً، إلا أن إسرائيل استمرت في مراقبة "حزب الله" باستخدام وسائل متقدمة من المراقبة الإلكترونية وعبر عملاء ميدانيين. 

مع مرور الوقت، أدرك قادة "حزب الله" خطورة هذه المراقبة، ما أثار لديهم مخاوف من إمكانية تحويل الهواتف المحمولة العادية إلى أجهزة تنصت يمكن أن تستخدمها إسرائيل للتجسس عليهم.

تقول الصحيفة الأمريكية، من هنا، جاءت فكرة تطوير أجهزة اتصالات يصعب على إسرائيل اختراقها، وبناءً على هذه المخاوف، بدأ "حزب الله" في البحث عن معدات اتصالات آمنة وغير قابلة للاختراق، وفي نفس الوقت كان "الموساد" يعمل على تصميم أجهزة اتصالات لاسلكية مموهة تحتوي على متفجرات. 

وأضافت صحيفة "واشنطن بوست" أن تنفيذ الخطة بدأ عام 2015، حيث بدأت إسرائيل في تهريب هذه الأجهزة إلى لبنان عبر شبكة معقدة من العملاء.

خداع حزب الله 

بحلول عام 2023، تم بيع دفعات كبيرة من أجهزة نداء من نوع AR924 إلى "حزب الله" عبر شبكة تسويق يقودها وكيل غير مدرك للهدف الحقيقي من هذه الأجهزة. 

كانت أجهزة النداء هذه تحمل علامة "أبولو" التايوانية، وهي علامة تجارية عالمية معروفة لا علاقة واضحة لها بإسرائيل. 

ونجحت مسؤولة تسويق، وصفها التقرير بأنها امرأة موثوقة لدى "حزب الله"، في تقديم هذه الأجهزة كمنتج ذي مواصفات عالية، حيث كانت البطاريات تدوم طويلاً ويمكن شحنها بسهولة، مما جعلها تبدو مثالية للاستخدام في المناطق الميدانية.

وفقًا للتقرير، تم تجميع أجهزة النداء في إسرائيل تحت إشراف "الموساد"، واحتوت على بطاريات مموهة بإتقان بحيث تخفي كمية ضئيلة من المتفجرات عالية القوة. 

كانت هذه المتفجرات غير قابلة للاكتشاف حتى مع تفكيك الأجهزة، مما جعلها أسلحة فتاكة خفية في يد عناصر "حزب الله" دون علمهم.

تفجيرات ودمار واسع

في 17 سبتمبر، في وقت حساس بالنسبة لـ"حزب الله"، كانت آلاف من أجهزة النداء التي تحمل علامة "أبولو" تُستخدم في مختلف أنحاء لبنان وسوريا. 

عندما تلقى مستخدمو الأجهزة رسالة مشفرة على شاشات الأجهزة، اتبعوا التعليمات بالضغط على زرين لفتح الرسالة، وفي هذه اللحظة، انفجرت الأجهزة في أيديهم، مما أدى إلى تمزيق الأيدي وإصابة المستخدمين بجروح بليغة، وخلال أقل من دقيقة، انفجرت آلاف الأجهزة الأخرى عن بعد، بغض النظر عما إذا كان المستخدم قد لمس جهازه أم لا.

وفي اليوم التالي، 18 سبتمبر، تكررت التفجيرات باستخدام أجهزة اتصال لاسلكي مفخخة، مما أدى إلى مقتل وإصابة المزيد من عناصر "حزب الله" والمارة. 

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فقد كانت هذه الهجمات جزءاً من استراتيجية إسرائيلية واسعة النطاق لضرب "حزب الله" في وقت حرج، حيث وجهت إسرائيل بعد أيام عدة من الانفجارات ضربات جوية مكثفة استهدفت مقار الحزب، بما في ذلك ترسانات الأسلحة والمراكز اللوجستية.

استهداف حسن نصر الله

كانت قمة هذه العمليات في 27 سبتمبر الماضي، حيث نفذت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية الكبرى، بما في ذلك قصف مركز قيادة "حزب الله" في بيروت بقنابل ضخمة تزن ألفي رطل. 

وفي تلك الأثناء، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في طريقه إلى نيويورك لإلقاء خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث وجه رسالة صارمة إلى "حزب الله" قائلاً: "كفى".

وفي 28 سبتمبر، أكدت مصادر داخل "حزب الله" مقتل زعيم الحزب، حسن نصر الله، في هجوم إسرائيلي دقيق استهدفه أثناء وجوده في أحد المراكز القيادية السرية. 

جاءت هذه الضربة في وقت كان فيه التوتر بين إسرائيل و"حزب الله" على أشده، وقد حذرت الولايات المتحدة مسبقاً من أي تصعيد يمكن أن يؤدي إلى حرب شاملة بين الطرفين، خاصة مع مشاركة إيران المحتملة في النزاع.

تحذيرات ومخاوف من التصعيد

أثارت هذه العمليات نقاشات حادة في دوائر الأمن القومي داخل إسرائيل، بعض القادة العسكريين حذروا من أن تفجير أجهزة النداء قد يؤدي إلى رد فعل عنيف من "حزب الله" وإيران، وربما يقود إلى حرب شاملة. 

ورأى آخرون، لا سيما داخل "الموساد"، أن هذه فرصة ذهبية لتوجيه ضربة كبيرة لـ"حزب الله" وزعزعة الوضع الراهن على الحدود الشمالية.

ووافق نتنياهو في نهاية المطاف، على تفعيل العملية رغم المخاطر، متيحاً الفرصة لـ"الموساد" لتنفيذ واحدة من أكثر عملياته السرية تأثيراً على الأرض. 

حالة من الارتباك والضعف

وتركت هذه الهجمات "حزب الله" في حالة من الارتباك والضعف، فيما تراقب إسرائيل تطورات الأحداث بحذر استعداداً لأي رد فعل من الحزب أو من إيران.

وكشفت عملية أجهزة النداء المفخخة التي نفذها "الموساد" عن مدى التعقيد والدقة التي تستخدمها إسرائيل في مواجهتها مع "حزب الله"، في ظل ظروف أمنية حساسة على الحدود الشمالية. 

وتمثل هذه العملية، التي استمرت في الإعداد لأكثر من عقد، نقلة نوعية في أساليب الحرب السرية والتكنولوجية المستخدمة في الصراع الطويل بين إسرائيل و"حزب الله"، وسط تحذيرات من أن التصعيد قد يقود إلى نزاع أكبر في المنطقة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية