«فايننشيال تايمز»: الإسبان يرشقون الملك بالطين بسبب كارثة الفيضانات

«فايننشيال تايمز»: الإسبان يرشقون الملك بالطين بسبب كارثة الفيضانات
غضب شعبي في إسبانيا بسبب كارثة الفيضانات

أُجلي رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، يوم الأحد، من منطقة الكارثة التي خلفتها الفيضانات بإسبانيا، بعد أن صبَّ السكان غضبهم على الملك فيليب السادس والزعماء السياسيين، موجهين إليهم اتهامات بالتقصير والفشل في حمايتهم من فيضانات قاتلة لم يشهدوا لها مثيلاً.

ووفقا لصحفية "فايننشيال تايمز"، اندلعت الاحتجاجات بعد وصول سانشيز، والملك فيليب، ورئيس إقليم فالنسيا إلى بلدة "بايبورتا"، حيث قضى نحو ثلث الضحايا البالغ عددهم 214 شخصاً حياتهم، وارتفعت أصوات بعض السكان غاضبة، واصفة إياهم بـ"القتلة"، في مشهد يعكس الإحباط الشديد جراء تردي الاستجابة الحكومية.

تقاعس السلطات

شكا سكان "بايبورتا"، البلدة التي غمرتها المياه، من تأخر السلطات في تحذيرهم بشأن تهديد الفيضانات، الأمر الذي زاد سوءاً بفشل الإدارة في تنظيم جهود إغاثة سريعة وفعالة، تاركة العديد من السكان يعانون بمفردهم على مدى أيام.

وتزامنت الزيارة الرسمية مع استمرار عمليات البحث عن الجثث بعد 5 أيام من اندلاع الفيضانات، في أسوأ كارثة طبيعية تواجهها إسبانيا منذ عقود، وفقاً لتأكيدات العلماء الذين ربطوا تلك الظواهر بتغير المناخ.

وواصل رجال الإنقاذ سحب المياه من مواقف السيارات تحت الأرض، والتي يخشى أن تكون قد احتجزت أشخاصاً أثناء محاولتهم نقل مركباتهم.

وذكر مكتب رئيس الوزراء الاشتراكي أن سانشيز تم إجلاؤه بعد تعرضه وزملائه "للإهانة والهجوم"، فيما غادر أيضاً كارلوس مازون، رئيس حكومة فالنسيا المسؤول عن الوقاية من الكوارث والإغاثة.

أما الملك فيليب، فقد بقي في الموقع أكثر من ساعة، يتحمل وابل الطين ويلتقي بالضحايا مواسياً ومستمراً في الاستماع إليهم، وفي مشهد مؤثر، انهمرت دموع الملكة ليتيثيا، في تعبير عن تضامنها مع المعاناة التي واجهها الأهالي.

مقهى “بار أروسا” بإسبانيا وقد غمرته مياه الفيضانات 

التحديات اللوجستية

في داخل مقهى "بار أروسا"، الذي غمرته طبقات الوحل، كانت سيلفيا مارتينيز، صاحبة المقهى، تشرف على تنظيفه، قائلة: "نحن نزيح الطين المتكدس من كل زاوية إلى الشارع".

وعلى الرغم من تعهد الحكومة بزيادة عدد الجنود في عمليات الإغاثة ليصل إلى 7500، وتأكيد إدارة فالنسيا على تحسين التعاون مع مدريد، أبدت مارتينيز شكوكها، قائلة: "السياسيون يقولون على التلفاز إن الطعام والمياه وصلتنا منذ اليوم الأول، هذا كذب".

وبينما جمع السكان حليباً ودقيقاً ومواد غذائية أخرى من طاولة أقامها المتبرعون على جانب الطريق، كان من الصعب تصديق أن هذه المشاهد تجري في بلدة متوسطة الدخل تقع قرب البحر الأبيض المتوسط، حيث لا يزال بعض السكان بلا كهرباء أو ماء أو غاز.

انتقادات للحكومة

تزايدت الضغوط على كارلوس مازون، عضو الحزب الشعبي المحافظ، حيث اعترف بقوله: "لقد ارتكبنا أخطاء، بما في ذلك أنا"، وأعلن عن تشكيل خمس لجان لإدارة الأزمة، تضم مسؤولين من الحكومة الوطنية والإقليمية.

وتعرض مازون لانتقادات من المعارضة لعدم إعلانه حالة "الطوارئ الكارثية"، وهو أعلى مستوى للإنذار يخول الحكومة الإسبانية تولي السيطرة على الأزمة تلقائياً.

في المقابل، رفض سانشيز، عضو الحزب الاشتراكي، فكرة تحمل الحكومة المركزية المسؤولية الكاملة، داعياً إلى نسيان الخلافات الحزبية والعمل معاً كدولة موحدة، مشيراً إلى أنه "سيكون هناك وقت لاحق لتحليل الإخفاقات وتحسين توزيع الصلاحيات في مواجهة الأزمات المماثلة".

تأخير التحذيرات

أوضحت وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية "آيميت" أنها أصدرت أول تحذير من مستوى "الأحمر" عن الأمطار الغزيرة في الساعة 7:36 صباحاً يوم الثلاثاء، لكنه جاء خالياً من تعليمات واضحة ولم يُنشر بشكل كافٍ.

وفي "بايبورتا"، لم تتلقَ "ماتي غارسيز" تحذير الطوارئ عبر هاتفها إلا بعد الساعة الثامنة مساءً، لكنها كانت قد واجهت تدفق المياه الموحلة في الشارع برفقة أطفالها قبل ساعات، وأعادتهم بسرعة إلى المنزل قبل أن تشاهد المياه ترتفع إلى مستوى باب المبنى، كما ساعدت في إنقاذ رجل علق على سطح شاحنة، بإلقاء شرشف إليه وسحبه عبر نافذة الطابق الأول.

نقص معدات وإمدادات الإغاثة

وتذمر السكان من نقص في المعدات الأساسية في جهود الإغاثة، حيث أغلقت السلطات المحلية الحدائق والمقابر بعد ظهر الثلاثاء، لكنها لم تقم بإغلاق المدارس، وأعربت غابرييلا نافار عن غضبها قائلة: "كيف يُمنع أطفالي من الذهاب إلى الحديقة، لكن يُسمح لهم بالموت في المدرسة؟".

وشاركت وحدة الطوارئ العسكرية، بعد وصولها إلى "بايبورتا"، في إزالة المركبات والركام من الشوارع ومداخل المنازل، لكن السكان طالبوا بتوفير مزيد من مضخات المياه، وآلات شفط الطين، والرافعات.

ورغم حضور الجيش، فإن عدد المتطوعين الذين جاؤوا من مختلف المناطق للمساعدة بأدواتهم الخاصة كان يفوق عدد الجنود، في مشهد يعكس عجز السلطات عن التعامل مع حجم الكارثة واحتياجات السكان الملحة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية