عندما يتحول الرزق إلى معاناة يومية.. أزمة المناخ تهدد اقتصاد نساء الأرياف في تونس

عندما يتحول الرزق إلى معاناة يومية.. أزمة المناخ تهدد اقتصاد نساء الأرياف في تونس
تونسيات يجمعن الأعشاب البرية- أرشيف

في أرياف تونس، وبالتحديد في منطقة عين دراهم شمال غرب البلاد، تجتمع النساء كل صباح لجمع الأعشاب البرية المستخدمة في صناعة الزيوت الطبية والعطرية، لكن ما كان في الماضي نشاطًا اقتصاديًا مجديًا بات اليوم يعاني نتيجة تغير المناخ.

نقص الإنتاج وتراجع الدخل

مبروكة العثيمني، التي تدير مجمع "البركة" وتوظف فيه 51 امرأة يعتمدن على هذا العمل كمصدر رزق رئيسي منذ أكثر من عشرين عامًا، تقول إن إنتاج الأعشاب البرية تراجع بشكل كبير بسبب انحباس الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، كنا نحصل على كميات كبيرة، أما الآن بالكاد نملأ نصف سلالنا"، بحسب وكالة فرانس برس

تعاني تونس من موجة جفاف متواصلة منذ ست سنوات، حيث تراجعت نسبة امتلاء السدود إلى 20%، وهو أدنى مستوى منذ عقود، كما شهدت البلاد ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة، مما أثر على نمو الأعشاب البرية، مثل نبتة الإكليل الجبلي والقضوم، التي تعد أساسية للاقتصاد المحلي.

واقع اقتصادي هش

تمثل النساء نحو 70% من العاملين في قطاع الزراعة بتونس، ولكنهن أكثر الفئات تضررًا من التغير المناخي بسبب هشاشة أوضاعهن الاقتصادية والاجتماعية، وتؤكد منجية السوداني، إحدى العاملات، أن نقص الإنتاج أثر بشكل مباشر على دخل عائلتها.

تتلقى النساء تدريبات من منظمات دولية مثل "منظمة الأغذية والزراعة" لتعزيز استدامة الموارد الطبيعية، ومع ذلك، تشير الباحثة إيناس الأبيض إلى ضعف تفعيل القوانين المناخية وتجاهل الاعتبارات الجندرية، ما يزيد من معاناة النساء العاملات في هذا القطاع.

الأمل في المستقبل

بينما تواجه نساء الأرياف في تونس تحديات يومية، يبقى الأمل في إيجاد حلول مستدامة وتحسين الظروف المعيشية، كما تردد قاطفة الأعشاب بشرى بن صالح: "ليس في يدنا شيء سوى انتظار رحمة الرب".

وسبق أن حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء الفيضانات والجفاف الشديد والعواصف وحرائق الغابات"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".

ويؤكد التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

ووفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، فإن عدد الكوارث قد تضاعف تقريبًا منذ عام 2000، بينما تضاعفت الخسائر الاقتصادية الناتجة بمعدل ثلاثة أضعاف، ويرجع ذلك أساسًا إلى تغير المناخ، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري فقد تكون هناك زيادة بنسبة 40% في عدد الكوارث بحلول عام 2030.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية