السوريتان حكمة وغزل.. شقيقتان تتقاسمان الألم والأمل
السوريتان حكمة وغزل.. شقيقتان تتقاسمان الألم والأمل
الشقيقة الصغرى أصيبت بشظية في النخاع الشوكي فاخترعت لها شقيقتها الكبرى جهازاً للحركة
تعيشان على أمل إجراء عملية جراحية لـ"غزل" لإزالة الشظية من نخاعها الشوكي وعودتها للحياة
الإمارات الدولة الوحيدة التي تُجري هذه العمليات الجراحية الدقيقة
من رحم الألم والمعاناة يولد الأمل والتحدي، كلمات جسدتها الشقيقتان السوريتان حكمة وغزل، لتخرجا معاً من تحت أنقاض اليأس منتصرتين.
والشقيقتان كأبناء جلدتهما دفعا ثمنا غاليا للحرب السورية، بعد أن تعرض منزلهما في دمشق للقصف يوم 5 فبراير 2015، لتكون الشقيقة الصغرى غزل (14 عاما) هدفا لشظية تستقر في نخاعها الشوكي، وتصيبها بشلل نصفي منذ أن كان عمرها 7 سنوات.
تحولت معاناة "غزل" إلى مصدر إلهام وقوة لشقيقتها الكبرى "حكمة" (25 عاما) والتي درست الطب وحصلت على إجازة في الهندسة الطبية، لمساندة شقيقتها على مشقة الحياة بعد فاجعة الإصابة.
وعلى مدى سنوات، تحولت غزل إلى مركز اهتمام ورعاية عائلة السيد محمد ناصر الجبولي، والمكونة من زوج وزوجة و3 أشقاء بينهم شاب، فالطفلة الصغيرة كانت بطلة في رياضة الجمباز قبل أن تحطم أحلامها شظية الغدر.
وتقول الشقيقة الكبرى حكمة لـ«جسور بوست»: "بحثت في الأسواق عن أجهزة تساعد غزل على الحركة، فوجدت جهازاً ميكانيكاً يعمل بشكل تقليدي صنع في ألمانيا لكنه باهظ الثمن ولا نستطيع شراءه".
وتضيف: "شعرت أنني مكتوفة الأيدي وقليلة الحيلة، حتى ألهمتني غزل بقولها (تدرسين هندسة طبية وتستطيعين صناعة جهاز يساعدني بكُلفة بسيطة) ومن هذه اللحظة تغير مساري تماما".
وتوضح حكمة: "قضيت فترة طويلة في محاولات تصنيع الجهاز الذي يساعد غزل على العودة لحياتها الطبيعية، فقمت بإعداد نموذج مبدئي ثم أجريت عليه تعديلات كثيرة، حتى وصلت لنموذج يحسن من أداء ومرونة العضلات ويساعد المريض في الاعتماد على ذاته نسبياً".
وفي الوقت الذي كانت تعمل فيه حكمة على ابتكار الجهاز، كانت غزل تقاوم إصابتها بطريقة أخرى، فاستبدلت شغفها برياضة الجمباز بتنمية موهبتها في الفن التشكيلي، حتى صارت شديدة التميز وحصلت على جائزة "المهرجان العالمي الدولي لملوك التميز والإبداع على مستوى الوطن العربي" في القاهرة وعدة جوائز أخرى.
واستمدت حكمة من صمود شقيقتها الصغرى، قوة أعانتها على التميز فاشتركت في مسابقة الملكية الفكرية في سويسرا، وانضمت إلى جمعية "المخترعون اللامعون" في فرنسا، واللجنة الدولية المشتركة (jci)، وحصلت على درع أفضل مشروع على مستوى سوريا فئة الإبداع الطبي للشباب، وجوائز أخرى.
وبفضل غزل تخصصت حكمة في تصنيع الأجهزة التقويمية والأطراف الصناعية وصيانة الأجهزة الطبية، وبات شغلها الشاغل تطوير جهازها بإضافة مزايا أخرى تساعد المرضى على الحركة والاعتماد على أنفسهم.
وتسعى حكمة إلى صناعة جهاز مثبت عليه لوحة مفاتيح (ريموت) ومتصل بهاتف نقال، بحيث يرتديه المريض ويضغط على الأزرار أو يسجل بصوته لتنفيذ طلبه بالحركة أو الجلوس.
ولم تجرب حكمة الجهاز سوى على شقيقتها غزل لما يتطلبه ذلك من إمكانيات مادية باهظة، وتقول: "أحتاج لدعم يوفر لي مكاناً ومعدات تصنيع لابتكار هذا الجهاز بأيدٍ محلية وإتاحته لجميع المرضى".
وتضيف حكمة: "نحن كشباب سوريين لدينا الإرادة والتصميم ولا نعرف للمستحيل سبيلاً، وهذا ما حاولنا القيام به أنا وغزل رغم كل معاناتنا، فخورة لأني استطعت تمثيل سوريا على مستوى العالم".
وتقول: "كنت ضمن عشرين متسابقا، اختارتهم اللجنة المختصة بتقييم أعمال المشاركين في اليوم العالمي للملكية الفكرية من بين 164 متسابقا، وحصلت على المركز الأول عن الجهاز الذي ابتكرته من أجل غزل".
وتختتم حديثها قائلة: "تحتاج غزل إلى جراحة دقيقة لإزالة الشظايا من النخاع الشوكي، والبلد العربي الوحيد الذي يجري هذه الجراحات المتخصصة هو الإمارات، أتمنى أن تعود غزل لحياتها كبطلة جمباز وليس لنا أمل في الأمر سوى الانتظار".