«واشنطن بوست»: الحرب التجارية بين أمريكا والصين تهدد استقرار الأسواق العالمية
«واشنطن بوست»: الحرب التجارية بين أمريكا والصين تهدد استقرار الأسواق العالمية
تعتبر الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين الشعبية من أكثر القضايا الاقتصادية التي تشغل الرأي العام العالمي في الوقت الراهن، حيث يزداد القلق بشأن هذه الحرب، ليس فقط من ناحية تأثيراتها المباشرة على البلدين المعنيين، بل أيضًا من حيث الأبعاد العالمية التي قد تؤثر على الاستقرار الاقتصادي العالمي، فقد أظهرت السنوات الأخيرة كيف أن التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم يمكن أن تتسبب في هزات اقتصادية تمتد إلى جميع الأسواق المالية العالمية.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، الاثنين، فإن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تؤدي إلى تفاقم العديد من المشكلات الاقتصادية العالمية، ما يهدد استقرار الأسواق المالية الدولية، في العام الماضي، فرضت الحكومة الأمريكية مجموعة من الرسوم الجمركية على السلع الصينية، في محاولة لتقليل العجز التجاري مع الصين.
وهي خطوة ردّت عليها الصين بفرض رسوم مماثلة على المنتجات الأمريكية، هذه الحرب التجارية، على الرغم من تركيزها الأولي على البلدين المتورطين فيها، تسببت في آثار سلبية على اقتصادات دول أخرى ذات علاقات تجارية مع كلا الطرفين.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن هذه الإجراءات لا تقتصر فقط على التأثيرات المباشرة المترتبة على الرسوم الجمركية، بل تمتد لتشمل الأضرار الناجمة عن تراجع حجم التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم، هذا التراجع أضر بشكل خاص بسلاسل التوريد العالمية، التي تعاني من انخفاض الكفاءة وارتفاع تكاليف الإنتاج.
وتتمثل إحدى المشكلات الأساسية في هذه الحرب التجارية في أن هذه السياسات التجارية قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام، ما يزيد العبء على المستهلكين والشركات على حد سواء في جميع أنحاء العالم.
التداعيات على النمو العالمي
وتناولت "واشنطن بوست" التأثيرات السلبية لهذه الحرب التجارية على النمو الاقتصادي على مستوى العالم، تقول إن الآثار المترتبة على تزايد الرسوم الجمركية بين الصين والولايات المتحدة قد تؤدي إلى تباطؤ النمو في العديد من الاقتصادات العالمية، ففي حين شهد الاقتصاد الصيني تراجعًا في معدلات النمو، بسبب تراجع الصادرات وارتفاع تكاليف الإنتاج جراء الحرب التجارية، فإن الاقتصاد الأمريكي أيضًا تعرض لضغوط كبيرة نتيجة لهذه السياسات الحمائية.
وعلى الرغم من أن بعض الصناعات في الولايات المتحدة قد استفادت من فرض الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، فإن القطاعات الأخرى، بما في ذلك الشركات الأمريكية التي تعتمد على استيراد المواد الخام الصينية، تعرضت لخسائر كبيرة، وفي الوقت نفسه، يواجه الاقتصاد العالمي تحديات كبيرة بسبب تراجع النشاط التجاري.
وبينت الصحيفة أن الأسواق المالية الدولية تعرضت لتقلبات حادة نتيجة للأزمة التجارية، حيث تأثرت الأسهم والسندات بشكل كبير، مما زاد من حالة القلق لدى المستثمرين.
وتتعرض الدول النامية التي تعتمد على التجارة مع الولايات المتحدة والصين، إلى مزيد من الضغوط الاقتصادية، حيث تأثرت صادراتها وارتفعت تكاليف استيراد السلع، ما يزيد من صعوبة الأوضاع الاقتصادية لهذه الدول.
تصاعد الحرب التجارية
وفقًا للتقرير، فإن استمرار تصعيد الحرب التجارية قد يتسبب في دخول العالم في حالة من الركود الاقتصادي الشامل، فحتى الآن، أظهرت هذه الحرب التجارية كيف يمكن للتوترات بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم أن تؤدي إلى اضطرابات في أسواق المال العالمية، مما يزيد من حالة عدم اليقين التي يشعر بها المستثمرون والمستهلكون في الوقت نفسه.
وقد يؤدي هذا التصعيد إلى انخفاض كبير في حجم التجارة العالمية، مما يؤثر على قطاعات عديدة مثل الصناعة، والطاقة، والتكنولوجيا، بالإضافة إلى تأثيرات سلبية على النمو الاقتصادي في أسواق المال العالمية.
وتزيد من تعقيد الوضع التوقعات بشأن الأوضاع المستقبلية، حيث يتوقع العديد من المحللين الاقتصاديين أن تؤدي السياسات الحمائية إلى إضعاف قدرة العالم على مواجهة التحديات الاقتصادية الكبرى في السنوات المقبلة، مثل تغير المناخ، والفقر، والبطالة.
التحولات في السياسة الاقتصادية
تتبنى الحكومة الأمريكية سياسة اقتصادية تهدف إلى تقليص العجز التجاري مع الصين، وهي سياسة تتسم بفرض الرسوم الجمركية على السلع الصينية، لكن هذه الاستراتيجية لا تعكس بالضرورة تفكيرًا استراتيجيًا مدروسًا بما يخص الاستقرار الاقتصادي العالمي، حيث يمكن أن تؤدي هذه السياسات إلى تدهور العلاقات الاقتصادية مع الدول الأخرى، ما قد يشكل تهديدًا أكبر على الاقتصاد العالمي.
وتبذل الحكومة الصينية جهودًا مستمرة لزيادة صادراتها وتحفيز النمو الاقتصادي، لكنها تواجه تحديات كبيرة بسبب تباطؤ الاستهلاك المحلي وارتفاع مستويات الديون.
وتساءلت "واشنطن بوست" عن كيفية تعامل الأسواق المالية العالمية مع هذه التوترات الاقتصادية المستمرة، وأكدت أن أسواق المال العالمية تواصل التأثر بشكل متسارع من تداعيات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وبالنظر إلى حجم العلاقة الاقتصادية بين البلدين.
حالة تقلبات عالية
ومن المتوقع أن تظل الأسواق في حالة تقلبات عالية، ما يزيد من تحديات السياسة الاقتصادية التي تتبعها الحكومات على مستوى العالم.
وتدعو الصحيفة إلى ضرورة اتخاذ تدابير دبلوماسية واقتصادية تضمن تجنب التصعيد العسكري أو التجاري، وتحث على إيجاد حلول اقتصادية توازن بين مصالح جميع الأطراف المعنية.
وبدلاً من التركيز على التصعيد، قد يكون من الأفضل أن تسعى الدول الكبرى إلى التعاون في حل القضايا الاقتصادية العالمية الملحة مثل التغير المناخي والتنمية المستدامة، بدلاً من الانزلاق إلى حرب تجارية قد تضر الجميع.