«أوكسفام»: نخب دافوس تؤجج الفجوة الاقتصادية بين الأغنياء والفقراء
«أوكسفام»: نخب دافوس تؤجج الفجوة الاقتصادية بين الأغنياء والفقراء
حذّرت منظمة "أوكسفام" الدولية من نشوء "أوليغارشية أرستقراطية" في العالم، وهي مجموعة من الأثرياء الذين يتمتعون بنفوذ سياسي هائل، مستفيدين من الظروف السياسية والاقتصادية الحالية، وفقا لوكالة "فرانس برس".
جاء ذلك في تقرير صدر عن المنظمة، اليوم الاثنين، في وقت يتجه فيه كبار قادة العالم وأثرياء الكرة الأرضية إلى منتجع دافوس السويسري، حيث ينعقد المنتدى الاقتصادي العالمي في وقت حساس، ويتزامن مع تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، الذي من المتوقع أن يكون له تأثير كبير على مجريات المؤتمر رغم غيابه الشخصي.
ورغم عدم حضور ترامب شخصياً إلى دافوس، فإن سياساته الاقتصادية ستكون محور النقاشات في المنتدى، حيث ستكون له مشاركة عبر الإنترنت في وقت لاحق من الأسبوع.
ثروات ضخمة لأصحاب المليارات
تحدث تقرير أوكسفام عن الزيادة الهائلة في ثروات أصحاب المليارات في السنوات الأخيرة، لا سيما بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث تراجعت نسبة الضرائب على الأغنياء لصالحهم، مما ساهم في رفع ثرواتهم بمقدار تريليوني دولار إضافية في عام واحد فقط، لتصل مجتمعة إلى 15 تريليون دولار، هذا النمو السريع في ثروات قلة من الأفراد يترافق مع تزايد الهواجس من انكماش الطبقات المتوسطة والفقراء في المجتمع.
وأشار التقرير إلى أن هذا التراكم الضخم للثروات بين أيدٍ قليلة يعزز من هيمنة "الأوليغارشية" على السياسات الاقتصادية، مما يشكل تهديداً لأسس الديمقراطية في العديد من الدول حول العالم.
وأكدت أوكسفام أن هذه الظاهرة تسهم في تأجيج الغضب الشعبي وتعميق الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وهو ما يعد تهديداً حقيقياً للاستقرار الاجتماعي والسياسي على مستوى العالم.
دور ماسك وترامب في تعزيز الظاهرة
أوضح التقرير أن هذه الزيادة الكبيرة في ثروات الأثرياء لم تأتِ بمحض الصدفة، بل كانت نتيجة مباشرة للسياسات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي تمثلت في خفض الضرائب على الشركات والأثرياء، إلى جانب دعم مالي مباشر من شخصيات مثل إيلون ماسك، مالك شركة تيسلا ومنصة إكس.
وكان ماسك أحد الداعمين الرئيسيين لحملة ترامب الانتخابية، ما يجعل من غير المستغرب أن تزداد الثروات الهائلة لهذه الشخصيات في ظل النظام السياسي والاقتصادي الذي ترعاه سياسات ترامب.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة أوكسفام، أميتاب بيهار، إن "جوهرة التاج لهذه الأوليغارشية هي رئيس ملياردير، يدعمه أغنى رجل في العالم إيلون ماسك، ويدير أكبر اقتصاد في العالم".
واعتبر بيهار أن هذا الأمر يمثل دعوة تنبيه صارخة، حيث إن الناس العاديين حول العالم يتعرضون للظلم نتيجة لزيادة الثروات الضخمة في أيدي قلة من الأفراد.
التفاوت الاقتصادي
ركز التقرير على كيفية تأثير هذا النمو الهائل في ثروات المليارديرات على التفاوت الاقتصادي بين الطبقات الاجتماعية، مشيراً إلى أن الأثرياء الجدد يواصلون تراكم ثرواتهم بمعدل غير مسبوق.
وفي العام الماضي فقط، أضيف 204 مليارديرات جدد إلى القائمة، ليصل العدد الإجمالي إلى 2769 مليارديراً.
وأوضح التقرير أن هؤلاء المليارديرات الجدد تزيد ثرواتهم بمعدل مليوني دولار يومياً، وهو ما يعكس السرعة التي يتم بها تراكم الثروات.
وتوقعت أوكسفام أنه في غضون عقد من الزمن قد يظهر خمسة تريليونيرات في العالم، واعتبرت أن هذا الوضع يشكل دافعاً كبيراً لزيادة عدم المساواة في المجتمع، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة التوترات الاجتماعية في المستقبل، كما قد يعزز من انعدام الثقة في النظم الديمقراطية في العديد من الدول.
احتجاجات ضد النظام السائد
في الوقت الذي ينعقد فيه منتدى دافوس، حيث يتجمع كبار القادة الاقتصاديين والسياسيين، خرج مئات المتظاهرين إلى شوارع دافوس في احتجاجات ضد تركيز الثروة في يد القلة.
وحمل هؤلاء المتظاهرون لافتات تطالب بفرض ضرائب على الأثرياء وتندد بما وصفوه بـ"النظام الفاسد" الذي يسهم في تعزيز الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
وقالت مارلين إنغلهورن، الوريثة النمساوية التي تبرعت بمعظم ميراثها لمصلحة القضايا الاجتماعية، إن "المنتدى الاقتصادي العالمي يرمز إلى مدى القوة التي يتمتع بها الأثرياء مثلي".
وأكدت أن الأشخاص الذين يولدون في عائلات غنية يتمكنون من التأثير على السياسيين وعلى مجريات الأمور في جميع أنحاء العالم بسبب ثرواتهم، وهو ما يعتبر ظلماً كبيراً للطبقات الفقيرة.
تأثير سياسات ترامب
من المتوقع أن تهيمن سياسات ترامب الاقتصادية على المناقشات في منتدى دافوس هذا العام، رغم غيابه الفعلي، سيُناقش تأثير سياسات ترامب المتعلقة بتخفيف القيود التنظيمية، وفرض التعريفات الجمركية المشددة، وتمديد الإعفاءات الضريبية للأثرياء، بالإضافة إلى مسألة الحد من الهجرة.
ويرى المراقبون أن هذه السياسات ستؤدي إلى تعزيز تأثير الأثرياء على الاقتصاد العالمي، وقد تتسبب في مزيد من التدهور الاقتصادي للطبقات الفقيرة والمتوسطة.
وتنبأ العديد من الخبراء بأن هذه السياسات قد تؤدي إلى اضطرابات اقتصادية كبرى، ما سيزيد من التوترات بين الحكومات والشعوب في المستقبل.
فرض ضريبة عالمية على الأثرياء
تستمر المناقشات حول فرض ضريبة عالمية على الأثرياء كإجراء لمكافحة التفاوتات الاقتصادية المتزايدة، إذ يرى البعض أن هذه الخطوة ضرورية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتقليل الفجوة بين الطبقات.
وأشار المدير الإداري السابق لشركة بلاك روك، موريس بيرل، إلى أن "التفاوتات المتزايدة بين الأثرياء والفقراء قد تؤدي إلى اضطرابات مدنية إذا لم يتم تغيير الأمور".
وأضاف بيرل أنه لا يرغب في العيش في بلد يتمتع فيه القليل من الناس بالثروات الضخمة بينما يعاني الكثيرون من الفقر المدقع، يدعم بيرل مجموعة "المليونيرات الوطنيين" التي تدعو إلى فرض ضرائب أعلى على الأثرياء كوسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية.
فعاليات المنتدى
بدأت فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري، اليوم، الاثنين، والذي استهدف في نسخته الحالية جمع قيادات بارزة من مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والسياسة والمجتمع تحت شعار "التعاون من أجل العصر الذكي".
وتستمر الفعاليات حتى 24 يناير الجاري، لمناقشة أبرز القضايا العالمية مثل التحديات الاقتصادية والبيئية، إضافة إلى استعراض سبل تطوير الحلول التكنولوجية المستدامة.