مجلس حقوق الإنسان ينشئ بعثة لتقصي الحقائق بشأن الانتهاكات في الكونغو
مجلس حقوق الإنسان ينشئ بعثة لتقصي الحقائق بشأن الانتهاكات في الكونغو
اعتمد مجلس حقوق الإنسان قرارًا يقضي بإنشاء بعثة لتقصي الحقائق بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مقاطعتي شمال كيفو وجنوب كيفو، الواقعتين شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وذلك في أعقاب تصاعد حدة العنف في المنطقة، مما دفع الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين.
ووفقا لموقع أخبار الأمم المتحدة، حذَّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الجمعة، من تدهور الأوضاع الأمنية، مشيرًا إلى أن المدنيين باتوا عالقين في دوامة العنف المتفاقمة، وأعرب عن قلقه العميق إزاء استمرار التصعيد العسكري، مشددًا على ضرورة اتخاذ تدابير فورية للحيلولة دون مزيد من التدهور.
تصاعد العنف وسقوط آلاف الضحايا
شهد شرق الكونغو الديمقراطية ارتفاعًا مقلقًا في حصيلة الضحايا، حيث قُتل قرابة 3000 شخص وأُصيب 2880 آخرون منذ 26 يناير، نتيجة هجمات شنتها حركة 23 مارس وحلفاؤها.
استخدم المتمردون أسلحة ثقيلة في مناطق مأهولة بالسكان، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة مع القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية وحلفائها.
وفي 27 يناير الماضي، تعرض مستشفيان في غوما للقصف، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من المرضى، بينهم نساء وأطفال.
وأفادت التقارير بأن 165 سجينة تعرضن للاغتصاب خلال عملية هروب جماعي من سجن موزنزي، قبل أن تُقتل معظمهن في حريق اندلع في ظروف غامضة، وفق ما ذكرته السلطات.
وأبدى تورك صدمته من تصاعد العنف الجنسي في الصراع، محذرًا من أن الوضع قد يزداد سوءًا في ظل الفوضى الحالية، وأكد أن فرق الأمم المتحدة تعمل حاليًا على التحقق من مزاعم متعددة تتعلق بالاغتصاب، والاغتصاب الجماعي، والاستعباد الجنسي في مناطق النزاع.
دعوات لوقف القتال وحماية المدنيين
دعا تورك جميع الأطراف المتحاربة إلى إلقاء السلاح واستئناف الحوار في إطار عمليتي لواندا ونيروبي، محذرًا من التداعيات الكارثية لاستمرار العنف، وشدد على ضرورة التزام كافة الأطراف بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، لضمان حماية السكان المدنيين.
بدورها، أكدت الممثلة الخاصة للأمين العام في جمهورية الكونغو الديمقراطية، بينتو كيتا، أن الأوضاع في غوما أصبحت كارثية، مشيرةً إلى استمرار انتشار الجثث في شوارع المدينة التي باتت تحت سيطرة مقاتلي حركة 23 مارس.
وقالت كيتا: "يواجه الشباب التجنيد القسري، فيما أصبح المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون وممثلو المجتمع المدني من بين الفئات الأكثر عرضة للخطر".
وأضافت أن بعثة الأمم المتحدة في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو) تتلقى يوميًا طلبات للحماية الفردية من شخصيات حقوقية ومسؤولين قضائيين يخشون التعرض للانتقام من قبل المتمردين.
تفاقم الأوضاع الصحية والتعليمية
حذَّرت كيتا من تداعيات القتال المستمرة، مشيرةً إلى ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا وزيادة خطر انتشار مرض جدري القرود كما لفتت إلى انقطاع التعليم المفاجئ للأطفال وازدياد حالات العنف الجنسي المرتبطة بالنزاع.
وأكدت أن المرافق الطبية تواجه أزمة حادة بسبب انقطاع الكهرباء ونقص الوقود، ما يهدد استمرار تقديم الخدمات الأساسية.
ودعت المسؤولة الأممية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غوما، لتخفيف معاناة السكان المتضررين.
اتهامات متبادلة بين الكونغو ورواندا
اتهم وزير الاتصالات والإعلام في الكونغو الديمقراطية، باتريك مويايا كاتيمبوي، حكومة رواندا بدعم حركة 23 مارس، معتبرًا أن هذا الدعم أدى إلى تأجيج الصراع في شرق البلاد على مدى العقود الثلاثة الماضية.
وأوضح أن النزاع مرتبط باستغلال الموارد التعدينية الاستراتيجية في الكونغو الديمقراطية، داعيًا إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية لتحديد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ومحاسبتهم.
في المقابل، رفض السفير الرواندي لدى الأمم المتحدة في جنيف، جيمس نغانغو، هذه الاتهامات، محذرًا من أن رواندا تواجه تهديدًا عسكريًا وشيكًا، وأشار إلى أن تحالفًا مدعومًا من كينشاسا قام بتخزين كميات كبيرة من الأسلحة بالقرب من حدود رواندا، خصوصًا في محيط مطار غوما.
بعثة تقصي الحقائق
اختتم مجلس حقوق الإنسان دورته الاستثنائية باعتماد قرار يقضي بتشكيل بعثة لتقصي الحقائق للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والانتهاكات الجارية للقانون الدولي الإنساني في مقاطعتي شمال وجنوب كيفو، كما وافق المجلس على إنشاء لجنة تحقيق مستقلة لمواصلة العمل الذي ستقوم به البعثة.
وفي القرار الذي اعتمده المجلس دون تصويت، أدان بشدة الجرائم والانتهاكات التي تشمل العنف الجنسي المرتبط بالنزاع، والإعدامات خارج نطاق القانون، والاختفاء القسري، واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، وقصف مواقع النازحين والمرافق الطبية والتعليمية.
وأدان المجلس كذلك الدعم العسكري واللوجستي الذي تقدمه القوات الرواندية لحركة 23 مارس، مطالبًا الحركة بوقف جميع الأعمال العدائية فورًا والانسحاب من المناطق التي تسيطر عليها. كما دعا رواندا إلى وقف دعمها للمتمردين وسحب قواتها من أراضي الكونغو الديمقراطية دون تأخير.
ومن المقرر أن تتألف لجنة التحقيق المستقلة من ثلاثة خبراء في القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، يعينهم رئيس مجلس حقوق الإنسان في أقرب وقت ممكن، لضمان مساءلة مرتكبي الانتهاكات وضمان تحقيق العدالة لضحايا النزاع.