«الطريق المناخي».. إذاعة لاتينية تنقل أصوات المجتمعات المهمشة

في اليوم الدولي للإذاعة

«الطريق المناخي».. إذاعة لاتينية تنقل أصوات المجتمعات المهمشة
إذاعة لاتينية- أرشيف

احتفظ الراديو بمكانته كوسيلة إعلامية موثوقة رغم التطور الرقمي وانتشار الذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي، وفي كوستاريكا أسهمت برامجه الفريدة في رفع الوعي العام وتعزيز المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمناخ، وهو ما يتماشى مع موضوع اليوم العالمي للإذاعة لعام 2025، الذي يُحتفل به في 13 فبراير من كل عام.

خصصت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) هذا العام لتسليط الضوء على قوة البث الإذاعي في مواجهة التغير المناخي، تماشيًا مع الجهود الدولية الرامية إلى الحد من الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وفقًا لاتفاقية باريس للمناخ.

وأثبت الراديو، وفقًا لليونسكو، أنه وسيلة إعلامية قادرة على تعزيز الديمقراطية وإيصال المعلومات إلى المجتمعات النائية، حتى تلك التي تفتقر إلى الإنترنت، لذلك دعمت المنظمة مبادرات مثل "طريق المناخ الإذاعي" (Climate Radio Route) التي تعمل على زيادة الوعي بقضايا المناخ في أمريكا اللاتينية.

الطريق المناخي

قاد مدير منظمة "لا روتا ديل كليما" (الطريق المناخي)، أدريان مارتينيز، جهودًا حثيثة منذ عام 2014 لتعزيز مشاركة المواطنين في السياسات البيئية.

وشاركت المنظمة في مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ وعملت على تمكين المجتمعات من التعبير عن مخاوفها بشأن التأثيرات البيئية.

وأوضح مارتينيز في حديثه إلى أخبار الأمم المتحدة قائلاً: "ساهم الراديو، سواء عبر البث التقليدي أو الرقمي، في إيصال أصوات المجتمعات المهمشة، مما جعله أداة ديمقراطية حقيقية.. فالكثير من المناطق النائية لا تمتلك وصولًا مستمرًا إلى الإنترنت، لكن الراديو يظل وسيلة تفاعلية يومية تُحدث تأثيرًا مباشرًا في حياة الناس".

التغير المناخي وتأثيره

كشف "طريق المناخ الإذاعي" عن الأثر العميق لتغير المناخ على حقوق الإنسان في المجتمعات الضعيفة في أمريكا اللاتينية، وخاصة في أمريكا الوسطى، حيث تحملت هذه المجتمعات تبعات الظواهر المناخية القاسية رغم مسؤوليتها المحدودة عنها، حيث أدى تغير المناخ إلى تحول أراضيها وأساليب حياتها، مما فرض تحديات معيشية كبرى.

وأنشأت المنظمة، استجابةً لهذه التحديات، إذاعة "الطريق المناخي" عام 2015 بهدف رفع الوعي البيئي بين المواطنين، حيث بُثت برامج الإذاعة في بدايتها عبر محطة تابعة لجامعة كوستاريكا، قبل أن تنتقل إلى المنصات الرقمية والتدوينات الصوتية، مما ساهم في توسيع نطاق وصولها إلى جمهور أوسع.

وساهمت الإذاعة في توفير منصة للمجتمعات المحلية للتعبير عن مخاوفها البيئية وصياغة رؤيتها المستقبلية، أكد مارتينيز أن "الاتصال الجماهيري بات مكلفًا وحكرًا على النخب، لكن الراديو التقليدي والرقمي يتيح فرصة متساوية للمجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية لإيصال أصواتها".

وأكدت اليونسكو أن الإعلام المستقل، بما في ذلك الإذاعة، يؤدي دورًا رئيسيًا في تشكيل وعي المستمعين حول قضايا المناخ بعيدًا عن الضغوط الاقتصادية والسياسية، حيث أتاح الراديو فرصة لتوجيه النقاش العام نحو التحديات البيئية، مما ساعد في التأثير على سياسات المناخ وتعزيز ثقافة الاستدامة.

توسيع نطاق التأثير

ركزت برامج "طريق المناخ الإذاعي" على ربط قضايا التغير المناخي بالمجتمعات المحلية في كوستاريكا وأمريكا اللاتينية، كما ناقشت البرامج موضوعات الحوكمة البيئية، وطرحت وجهات نظر الخبراء والناشطين والمجتمعات المتأثرة مباشرة بالتغيرات المناخية.

وقال مارتينيز: "ساهمت برامجنا في تزويد المواطنين بمعلومات أعمق من تلك المتاحة في الإعلام الرسمي، مما مكنهم من تشكيل آراء أكثر شمولًا والمشاركة الفعالة في القرارات المناخية".

وتضمنت الإنتاجات الإذاعية تغطية المؤتمرات المناخية، وإجراء مقابلات مع المجتمعات المتضررة، وبث حوارات عبر الإنترنت باللغتين الإسبانية والإنجليزية مع ناشطين من جميع أنحاء العالم.

دعم أهداف التنمية المستدامة

التزمت الإذاعة بالمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما في مجالات العمل المناخي، والسلام، والعدالة، وبناء المؤسسات القوية، عملت المنظمة غير الحكومية "لا روتا ديل كليما" بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة مثل اليونيسف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وأكد مارتينيز أن المنظمة تعاونت أيضًا مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان في مناقشة قضايا المناخ، وأجرت حوارات مع خبراء الأمم المتحدة ومنظمة الدول الأمريكية بشأن التحديات البيئية.

واشتهرت كوستاريكا بوعيها البيئي العالي، ما جعل "الطريق المناخي" جزءًا أساسيًا من هذا الوعي، أشار مارتينيز إلى أن "المحطة جذبت مستمعين متخصصين من مختلف البلدان، بمن في ذلك سياسيون وناشطون ومسؤولون حكوميون، مما عزز النقاش حول العدالة المناخية وحقوق الإنسان ووجهات النظر المجتمعية المختلفة".

وساهمت هذه المنصة في تسليط الضوء على قضايا مثل حقوق المرأة، والتحديات البيئية، والعدالة المناخية، مما عزز من قدرة المجتمعات على المطالبة بحقوقها وإحداث تأثير إيجابي.

بناء حوار مجتمعي

رغم صغر حجم الإذاعة، فإن تأثيرها امتد إلى قطاعات واسعة، حيث وصفها مارتينيز بأنها "ليست محطة إذاعية ضخمة، لكنها تحمل رسالة فريدة تؤسس لجسر تواصل مع المجتمعات التي يصعب أحيانًا الوصول إليها".

وأكد مارتينيز أهمية الراديو في تعزيز الحوار المجتمعي، موضحًا أن "التواصل الشفوي يتيح فهمًا أعمق للقضايا ويخلق مساحة للنقاش الفعّال، وهو ما يصعب تحقيقه عبر وسائل الإعلام المكتوبة".

واختتم حديثه، قائلاً: "علينا الاستمرار في استكشاف دور الراديو ووسائل الإعلام الأخرى في تعزيز التعاون والتفاهم بين المجتمعات المختلفة.. فالإعلام ليس مجرد وسيلة لنقل المعلومات، بل أداة لفهم الآخرين وبناء قرارات مشتركة من أجل مستقبل أكثر استدامة".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية