«جسور بوست» تحاور محمد هشام عبية عن المرأة وتنظيم داعش وهجومه الأخير (1-2)

«جسور بوست» تحاور محمد هشام عبية عن المرأة وتنظيم داعش وهجومه الأخير (1-2)

لا أستطيع الجزم بأن هجوم داعش الأخير بسبب المسلسل ووارد أن يكون رد فعل لتحقيقه تأثيراً وانتشاراً واسعاً داخل مصر وخارجها

حملة ممنهجة من الدواعش ومحبيهم والمتعاطفين معهم ضد المسلسل تقودها صفحة ألتراس أهلاوي غير الرسمية

مشغول بالنفس الإنسانية وما يطرأ عليها من تغيرات وفقاً للظروف والأهوال والأزمات التي تخوضها

أنحاز للمرأة في ما أكتبه وغالباً بطل أعمالي امرأة وربما هذا بسبب ارتباطي بالمرأة أماً وابنة وحبيبة

مع الإعلان عن المسلسل شعرت بالقلق على أسرتي خاصة وأنني أسكن في منطقة استطاع الدواعش الوصول إليها واغتالوا ضابطاً

 

أعظم إنجازات الإنسان، أن يُنبتَ له حلمًا في صندوق قلبه، وأعظم الذنوب أن نقتل حلمًا هو قوت لمن لا يملك إلا أن يحلم، وثمة ذنب لا تحيطه اللغة على عظمها بمفرده تصف جرم أولئك الذين نصبَّوا من أنفسهم آلهة، فحرموا وكَفَّروا وقتلوا الحلم والإنسان.

ولعل هذا ما أراد الكتابة عنه محمد هشام عبية، في مسلسله "بطلوع الروح" لإيصال فكرة خطورة أن تكون معلقًا في فضاء مع أناس يتقربون إلى الله، بإنهاء كل ما يجعل هذا الفضاء متحضرًا مسالمًا، فبمسلسله ينتصر هو لمن قتلوا ويُناصر من قاوموا، بينما تتحسس أنت وعيك أكثر وتقبض على خصوصيتك الثقافية وهويتك الانتمائية، بعيدًا عن المحيط الهلامي الذي أصاب العقول والعيون بضوضاء العبث وعمى الفكر فضلوا وأضلوا، فتعيش في طمأنينة، وتتنفس بأريحية مزيدًا من أكسجين الحياة التي تخوضها عبر برزخ بين بحرين لا يبغيان.

محمد عبية صحفي وكاتب وسيناريست، احترف الصحافة منذ عام 2004 وعمل في مناصب عدة من بينها مساعد رئيس تحرير جريدة التحرير، ورئيس تحرير جريدة اليوم الجديد الأسبوعية، فاز بجائزة نقابة الصحفيين 3 مرات، وأصدر عدة كتب في الأدب الساخر وأدب الرحلات، شارك في تأليف مسلسل رحيم، وكتابة حوار مسلسل سقوط حر، وعدة حلقات في مسلسل طلعت روحي، و60 دقيقة.

"جسور بوست" حاورت المؤلف الشاب عن هجوم داعش الأخير، كان ضحيته 11 شهيدًا من جنود مصر، كذلك أفكاره ومسلسله "بطلوع الروح" الذي أثار جدلًا منذ الإعلان عن عرضه في رمضان 2022، محققًا ردود أفعال إيجابية وتفاعلًا كبيرًا مع أحداثه الإنسانية واختراقه كواليس دولة الخلافة في تنظيم داعش، المستوحى من أحد التحقيقات الصحفية، عن فتاة مصرية انتقلت برفقة زوجها إلى داعش بدون رغبتها، وجرى تجنيد زوجها وتصنيفها من الإرهابيات. 

ما تعليقك على هجوم داعش الأخير، هل تراه جاء كرد فعل لتأثير ونجاح المسلسل في تعريتهم أمام الجماهير؟

لا أستطيع الجزم بأن هذه العملية الإجرامية التي استشهد بسببها 11 مقاتلًا مصريًا رد فعل على المسلسل، ووارد أيضًا أن يكون رد فعل لتحقيقه تأثيرًا وانتشارًا واسعًا داخل مصر وخارجها، وارد أنهم أرادوا إبداء رد فعل مضاد، وقد تبنوا العملية ولم يعلنوا عن سببها، وهي وإن كانت تحتاج لتحضير مبكر منهم، إلا أنه من الوارد رغبتهم في انتهاز الفرصة واستغلال الحالة وشن هذا الهجوم، خاصة وأنهم منذ مدة والحمد لله أخرست ألسنتهم، فأرادوا عودة الحديث عنهم من خلال هجومهم، أتمنى ألا يكون المسلسل سببًا في إزهاق روح خاصة من جنودنا الذين يحملون على عاتقهم حماية مصر في فترة خطرة، رحمهم ونصرهم الله.

بداية كانت هناك حملة مناهضة للمسلسل فور الإعلان عنه أي قبل عرضه، كيف تفسر ذلك؟

نعم، كانت هناك حملة ممنهجة ضد المسلسل من الدواعش ومحبيهم أو تنظيمات أخرى أقل تطرفًا، والمتعاطفين معهم، أو الجمهور العادي الذي يذهب إلى أي إشارة تقول إن ثمة هجوم على الدين، فينضم إلى الركب دونما تفكير، الحملة ضدنا قادتها صفحات تضم ملايين الأشخاص على الموقع الشهير "فيسبوك" مثل صفحة غير رسمية تدعى "ألتراس أهلاوي" يتابعها 6 ملايين شخص، والتي دشنت حملة لمقاطعة المسلسل، من يقف وراء تلك الصفحات التي في ظاهرها تبدو غير مؤدلجة اختصاصها ترفيهي محض، يتحول في لحظة لمتاريس ومدافع تحارب الفن، هذا خطر كامن، بالطبع لا أدعو إلى غلقها ولكن مقصدي أنه لا بد من التفكير فيما يحدث، أيضًا موقع يدعى "السينما" يعرض من خلاله تقييمات المسلسلات العربية، من قبل عرض المسلسل والتقييمات سلبية، ثم تساوت الكفتان، بالطبع هذا التقييم ليس بمقياس، لأن عدد المقيمين لا يتعدون 100 شخص ولكن لديَّ تصور أن من يؤيدون العمل هم من شاهدوه، ومن رفضوه من مجرد "أفيش" لم يروه.

-ما هي القضايا التي تحب الكتابة عنها فيما سيأتي؟ 

أحيانًا يكون لديّ مشروع خاص بقضايا، وأحيانًا أخرى يكون مرتبطا أكثر بتفاصيل إنسانية، وليس بشرط أن يكون وراء العمل عنون براق لقضية، لكنني معنيّ بأن يكون العمل إنسانيا ويلمس دواخل الناس، قد يكون موضوع ما أكتب متعلقا بالمشاعر بين الرجل والمرأة، أو في العموم وهو ما عرضته في "60 دقيقة"، كيف يكون الحب سببًا لأزمات ضخمة، ما الذي يمكن أن تسببه المشاعر في حياة الإنسان، مشغول بالنفس الإنسانية وما يطرأ عليها من تغيرات وفقًا للظروف والأهوال والأزمات التي تخوضها، إلى جانب استهدافي لأن يكون ما أكتبه مشوقًا.

 

-تنتصر كاملة أبو ذكري دائمًا للقضايا الشائكة، خاصة ما يخص المرأة وسبق وتعاونتم في "تحت السيطرة"، هل من الممكن التعاون مجددًا في عمل عن قوانين أو قضايا تخص المرأة كالختان وزواج القاصرات أو الميراث؟

أنحاز للمرأة في ما أكتبه، وغالبًا بطل أعمالي امرأة، وربما هذا بسبب ارتباطي بالمرأة في كل صورها أمًا وابنة وحبيبة، كذلك فإنني أراها أهم مبهجات الحياة، ويشغلني تعرضها للاستغلال والألم، فهي مادة ثرية لصنع دراما مشوقة، وربما تكفيرًا عن أخطاء ارتكبت وترتكب بحقها، أنحاز جدًا لكل امرأة تدخل صراعًا من أجل قضية، كما حدث مع مسلسل "روح"، كذلك لديَّ مشروع يتناول كفاح امرأة مستوحى من أحداث حقيقية، يثير شغفي ويثيرني وأتأثر به، فأتوحد وأتعاطف وأتعايش مع الشخصية.

 

-هل لديك مخططات للسينما والمسرح؟

نعم، دائمًا لديَّ أعمال للسينما ولكنها تتعطل في اللحظات الأخيرة، والذي أتمناه هو تحرك مشروع "هدوء القتلة" للروائي طارق إمام، منذ قراءتي لها في 2009 وأرى أنها تصلح لعمل سينمائي مهم ومؤثر، بالنسبة للمسرح، لم أجرب إلى الآن الكتابة له، وأركز على الكتابة للسينما والدراما.

-صرحت أن مسلسلك القادم عن الكاتبة مي زيادة، وهي رواية للأديب واسيني الأعرج.. ما تفاصيل هذا العمل؟

كنت أعرف عن مي ما يُعرف عنها عادة من أنها عاشت مأساة وقصة حب مع الشاعر جبران خليل جبران، الذي كان يقطن أمريكا بينما كانت تعيش هي بين مصر ولبنان ولم يلتقيا، كذلك دخولها مستشفى الأمراض العقلية، لكن الوضع اختلف بعد مطالعتي رواية "واسيني الأعرج"، وجدت أنها تحمل دراما مشوقة، فحينما كانت مي نجمة في مساء العالم العربي، تعرضت لمؤامرة وتم الزج بها لدخول مستشفى "العصفورية" للأمراض النفسية، وظلت شهورا تكافح كي تثبت أهليتها وخلوها من أي مرض عقلي يستدعي احتجازها في مستشفى للأمراض العقلية، وبعد خروجها تغيرت شكلًا، وبعدها بعامين توفيت في مصر، أزمتها الأكبر أن من تسبب في هذه المأساة كان أحد أقاربها، هذه الرواية بذل فيها “واسيني” مجهودًا بارزًا، وأمنيتي أن يستكمل العمل وألا يتوقف كأعمال سابقة كما لو كانت هناك لعنة تحيل بين سماع صوتها دراميًا، أمنيتي أن تفك هذه اللعنة ويُعرض العمل وتروي مي لأول مرة قصتها على الشاشة.

 

-حصل المسلسل على إشادة من النقاد وقبول جماهيري عريض، وأظن أن هذا بسبب "خلطة سحرية" كتب بها المسلسل وليس لحجم أسماء الممثلين المشاركين.. ما هي هذه الخلطة؟

السر يكمن في الإخلاص في العمل، فمنذ قرابة 8 سنوات تتملكني فكرة الكتابة عن تنظيم داعش، فتبحرت فيه، كيف نشأ في المجتمع العربي وكيف تمكنوا وانتشروا بل وكيف عاشوا في الرقة، حقيقة ما فعلوه بالرقة وقتلهم للأهالي مأساة جذبتني للتعمق في الاطلاع عن التنظيم، لأنني أهتم بالإنسان ولا أحب أن يتحول إلى رقم، هو إنسان كامل له أحلامه وأسرته وحريته ووجوده، فقتلهم لكل هذه التفاصيل مقبض بالنسبة لي، لذا فإصراري على إخراج العمل بشكل محترف ودقيق ومفصل كان بمثابة انتصار للإنسان، وتحية لمن قاوموا ومن انتصروا، على سبيل المثال خروج "روح" ومعها ابنها من الرقة في مسلسل "بطلوع الروح"، لم يكن فقط انتصارًا شخصيًا خاصًا بتلك الشخصية، وإنما هو انتصار لكل روح تأزمت وخاضت معركة مشابهة وقاومت فانتصرت، من صمد وسط جحافل من الشر والوحشية، بالإضافة إلى وجود عناصر أخرى ساهمت في إخراج عمل متميز كوجود إنتاج جيد ونجوم مثل منة شلبي، والمخرجة الكبيرة كاملة أبوذكري.

هل خشيت رد فعل الجماعات المتطرفة؟

خشيت من رد فعل الجماعات المتشددة في مرحلة ما قبل الإعلان عن المسلسل، كنت أعلم أنه سيتسبب في إزعاجهم فقط، لكنني لم أتوقع أن يكون ردهم عنيفًا، ولكن مع نزول "البوستر" الإعلاني للمسلسل شعرت بالقلق على أسرتي، خاصة وأنني أسكن في منطقة استطاعوا الوصول إليها سابقًا واغتالوا ضابط جيش، وأحد أبناء قبائل سيناء المتعاونين مع الجيش المصري ضدهم، استشعرت القلق لعنف ردود الأفعال، لكن هذا لم يثنني عن استكمال ما بدأته، واستكملت كتابة الحلقات الأخيرة لأنني راضٍ عن العمل، وإن كنت لا أحب إدخال الدين في الأمر إلا أن هذا العمل أتقرب به إلى الله، كل يصل إلى الله بطريقته، وبعد العرض هدأت روحي أكثر للعمل حينما رأيت ردود الأفعال الإيجابية، خاصة صمتا لازمته الأصوات المتطرفة، كان هناك نقد من نوع آخر خاص بتفاصيل المسلسل. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية