تجميد المساعدات الأمريكية.. ضربة قاسية لبرامج مكافحة «الإيدز» في المغرب
تجميد المساعدات الأمريكية.. ضربة قاسية لبرامج مكافحة «الإيدز» في المغرب
أدى قرار تجميد المساعدات الخارجية الأمريكية للمغرب إلى إرباك العديد من البرامج الصحية، لا سيما تلك المعنية بمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، والتي تعتمد بشكل أساسي على دعم المنظمات غير الحكومية المحلية، وتعد مؤسسة تحدي الألفية من بين الجهات التي تأثرت بشدة، إذ كانت تنشط في المملكة منذ أكثر من 15 عامًا بدعم أمريكي.
وفي ظل هذه المستجدات، أطلق فريق الأمم المتحدة القطري مشاورات داخلية لتقييم مدى تأثير القرار الأمريكي على البرامج التي تدعمها الأمم المتحدة في المغرب، في انتظار صدور التقييم الكامل.
ولم يقتصر التأثير على المنظمات غير الحكومية فحسب، بل امتد ليشمل المشاريع الحكومية المدعومة من قبل وكالات الأمم المتحدة.
تداعيات على القطاع الصحي
لعبت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية دورًا محوريًا في تمويل الجهود الصحية، بما في ذلك الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، وتعزيز الصحة الإنجابية، وحماية الفئات السكانية الضعيفة.
ومع تعليق هذا الدعم، أصبحت جهود منع انتشار الأمراض المعدية، وحملات التطعيم، والاستجابات الطارئة للأزمات الصحية مثل كوفيد-19 عرضة للخطر.
كما تأثرت برامج المراقبة الوبائية، التي كانت تحظى بتمويل أمريكي لضمان الكشف المبكر عن الأمراض الناشئة وتفشي الإنفلونزا الموسمية.
وإلى جانب ذلك، يواجه برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز صعوبات في تقديم الدعم الفني عبر آلية الدعم الفني، ما قد يؤدي إلى تقليص تمويل الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز في المغرب.
وتعرّضت برامج الوقاية الموجهة للمهاجرين واللاجئين، التي تدعمها المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى تحديات إضافية، فضلاً عن تأثر مبادرات الحد من الضرر التي يشرف عليها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
تهديد لبرامج التعافي
يواجه برنامج التعافي بعد زلزال الحوز، الممول من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بالشراكة مع اليونيسيف، خطر التوقف.
وكان الهدف من هذه المبادرة مساعدة ضحايا الزلزال عبر تعزيز التكامل الاقتصادي للنساء والشباب من خلال إنشاء التعاونيات ودعم المؤسسات المحلية.
وتعرّض التمويل المخصص للمنظمة الدولية للهجرة، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ومنظمة العمل الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر للخطر.
وكان يُفترض أن تسهم هذه الأموال في تعزيز آليات حماية الضحايا، وإنشاء الملاجئ، وتدريب الجهات الحكومية، وتقديم الرعاية الصحية، بما في ذلك خدمات الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية وعلاجه للمهاجرين.
قطاع التعليم في مأزق
أصبحت مئات البرامج التعليمية الموجهة للأطفال في ظروف صعبة، والشباب المهددون بالتسرب المدرسي في خطر، حيث كانت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تمول مبادرات التدريب المهني، ما يوفر للشباب فرصًا للتكامل الاقتصادي، ومع توقف هذا التمويل يواجه آلاف الشباب المغاربة مستقبلاً غير مؤكد.
ولطالما شكلت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مصدرًا رئيسيًا لتمويل العديد من المنظمات غير الحكومية المغربية.
ونتيجة لتعليق المساعدات، باتت المشاريع الاجتماعية في مجالات التعليم، وتمكين المرأة، والتنمية الريفية، والصحة مهددة بالتوقف.
واضطر مركز لمحو الأمية للنساء في وضعية هشة في فاس إلى تقليص أنشطته، ما عرض تعليم مئات المستفيدات للخطر، أما في المناطق الريفية، وخاصة في جبال الأطلس، فقد توقفت مشاريع توفير المياه، مما أجبر السكان على قطع مسافات طويلة للحصول على مياه الشرب.
كما أن المشاريع الاجتماعية الصغيرة، التي أُطلقت في إطار مبادرات التنمية الممولة من الوكالة الأمريكية، تواجه تحديات كبيرة. فالتعاونيات النسائية تشهد انخفاضًا حادًا في الطلبات، ما يهدد آلاف الوظائف التي كانت توفرها.
مستقبل غامض للمستفيدين
باتت الفئات المستفيدة من هذه البرامج مهددة بفقدان الخدمات الأساسية التي كانت تعتمد عليها. وفي ظل غياب حلول بديلة سريعة، قد تكون العواقب وخيمة، ما قد يؤدي إلى إغلاق منظمات غير حكومية، وارتفاع معدلات الفقر، وتراجع التنمية الاقتصادية في المناطق الريفية.
ويتعين على المغرب وشركائه الدوليين التحرك سريعًا لإيجاد حلول بديلة ومنع توقف التمويل المفاجئ الذي قد يزيد من هشاشة الأوضاع.
فراغ مالي وسياسي
تسعى المنظمات غير الحكومية والمؤسسات المتضررة من تعليق المساعدات إلى إيجاد مصادر تمويل بديلة، غير أن استقطاب مانحين دوليين جدد يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين.
وفي الوقت الذي لم تقدم فيه الحكومة المغربية بعد حلولًا ملموسة لتعويض النقص الحاصل في التمويل الأمريكي، تبقى عملية إيجاد بديل فوري تمثل تحديًا معقدًا قد يتطلب جهودًا مكثفة وسريعة لضمان استمرار المشاريع الحيوية التي يعتمد عليها آلاف المواطنين.