المفوض الأممي يحذّر من أزمة إنسانية متفاقمة في ميانمار
المفوض الأممي يحذّر من أزمة إنسانية متفاقمة في ميانمار
أكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الجمعة، أن ميانمار تشهد واحدة من أسوأ أزمات حقوق الإنسان في العالم، واصفًا الوضع بأنه "سلسلة من المعاناة الإنسانية".
استعرض تورك، خلال كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان، التداعيات المدمرة للصراع المستمر والانهيار الاقتصادي على المدنيين، مشيرًا إلى نزوح أعداد كبيرة منهم جراء تصاعد العنف، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وشهد العام الماضي ارتفاعًا حادًا في أعداد القتلى، حيث بلغ عدد المدنيين الذين لقوا حتفهم أكثر من 1800 شخص، وهو الرقم الأعلى منذ الانقلاب العسكري في 2021، قُتل العديد منهم جراء غارات جوية عشوائية وقصف مدفعي، فيما أصبحت الهجمات على المدارس ودور العبادة والمرافق الصحية جزءًا من الحياة اليومية.
وندد تورك بالأساليب الوحشية التي تستخدمها القوات العسكرية، بما في ذلك الإعدامات بقطع الرأس، والحرق، والتشويه، واستغلال المدنيين كدروع بشرية.
وأوضح أن ما يقرب من ألفي شخص لقوا حتفهم أثناء الاحتجاز منذ الانقلاب، معظمهم نتيجة إعدامات ميدانية وأعمال تعذيب ممنهجة.
كارثة إنسانية ونزوح جماعي
أدى القتال بين القوات العسكرية والجماعات المسلحة المعارضة إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث نزح أكثر من 3.5 مليون شخص، فيما يواجه 15 مليون شخص خطر الجوع، بينهم مليونا شخص مهددون بالمجاعة.
واشتدت الاشتباكات في ولاية راخين بين الجيش وجيش أراكان، ما أسفر عن مقتل الآلاف من المدنيين، بينما وجد أبناء الروهينغا أنفسهم عالقين وسط النزاع.
وهرب عشرات الآلاف من الروهينغا إلى بنغلاديش عام 2024، رغم القيود المفروضة على الحدود، كما لجأ أكثر من 8 آلاف شخص إلى الفرار عبر البحر، مسجلين زيادة بنسبة 80% مقارنة بعام 2023، لكن ما لا يقل عن 650 شخصًا، نصفهم تقريبًا من الأطفال، لقوا حتفهم أثناء هذه الرحلات المحفوفة بالمخاطر.
تداعيات اقتصادية وانتشار الجريمة
تسبب الانهيار الاقتصادي في تفشي الفساد والجريمة المنظمة، حيث صنّفت ميانمار كواحدة من أكبر مراكز الجريمة المنظمة عالميًا، احتفظت البلاد بموقعها كأكبر منتج للأفيون، إضافة إلى كونها من كبار مصنعي المخدرات الاصطناعية.
وتحولت بعض المناطق في شرق ميانمار إلى بؤر لعمليات الاحتيال والاتجار بالبشر، حيث يجبر الضحايا على ممارسة الجرائم الإلكترونية، بينما يتعرضون للتعذيب والعنف الجنسي والعمل القسري.
وأعاد المجلس العسكري تفعيل قوانين التجنيد الإجباري، ما أسفر عن اعتقالات تعسفية وإجبار الشباب من الجنسين على الخدمة العسكرية، دفع الخوف من التجنيد العديد إلى الفرار من البلاد، ليجدوا أنفسهم عرضة للاستغلال والاتجار بالبشر.
وأكد تورك أن التداعيات الإنسانية والسياسية والاقتصادية لهذه الأزمة تؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار في المنطقة، مشددًا على ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل أكثر فاعلية.
دعوات لاتخاذ إجراءات دولية
جدد تورك مطالبته بفرض حظر على توريد الأسلحة إلى ميانمار، بالإضافة إلى فرض عقوبات محددة، تشمل الوقود المستخدم للطائرات والسلع ذات الاستخدام المزدوج، وذلك لضمان توفير حماية أكبر للمدنيين.
وشدد على أهمية تحقيق العدالة والمساءلة، مشيرًا إلى الجهود التي تبذلها المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لمحاسبة القادة العسكريين في ميانمار على الجرائم المرتكبة بحق السكان.