محاكمة معارضين تونسيين تتواصل عن بُعد وسط رفض حقوقي
دبلوماسيون أجانب يراقبون
انطلقت، الجمعة، الجلسة الثانية لمحاكمة عشرات الشخصيات السياسية والمدنية في تونس، ضمن القضية المعروفة بـ"التآمر على أمن الدولة"، في ظل غياب عدد من المتهمين وإعلان ستة منهم الدخول في إضراب عن الطعام، احتجاجًا على محاكمتهم عن بُعد.
حضور أمني مشدد
شهد محيط المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة تعزيزات أمنية لافتة، بالتزامن مع انطلاق الجلسة، حيث مُنعت منظمات حقوقية تونسية من دخول القاعة، في حين سُمح فقط لقريب واحد من كل عائلة موقوف بالحضور، إلى جانب ممثلين دبلوماسيين عن فرنسا وكندا وألمانيا وهولندا وبلجيكا والاتحاد الأوروبي، وفق فرانس برس.
إضراب عن الطعام ورفض الدفاع المشاركة
أعلنت هيئة الدفاع عن ستة من المتهمين، بينهم أستاذ القانون جوهر بن مبارك والقيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، دخولهم في إضراب مفتوح عن الطعام، رفضًا للمثول عبر تقنية الفيديو التي فرضتها المحكمة.
وقال المحامي عبد العزيز الصيد إن هيئة الدفاع طالبت بتأجيل الجلسة، مشترطة حضور المتهمين فعليًا في القاعة، معتبرًا أن "الاستمرار في هذه الظروف يجعلنا شهود زور"، كما أضاف المحامي العياشي الهمامي: "نرفض تكرار سيناريو الجلسة الأولى، ونعلن تضامننا مع المتهمين".
اتهامات ثقيلة وملف مثير للجدل
يُحاكم في هذه القضية نحو أربعين شخصية، من بينهم سياسيون ومحامون ورجال أعمال وإعلاميون، بتهم "التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي" والانتماء إلى "تنظيمات إرهابية"، وقد تواصلت جلسات المحاكمة منذ 4 مارس الماضي، وسط جدل واسع بشأن عدالة الإجراءات وشبهات التوظيف السياسي للقضاء في تونس.
من جهته، وجّه رئيس جبهة الخلاص الوطني، أحمد نجيب الشابي، رسالة إلى الرأي العام الخميس، قال فيها إن "الملف يخلو كليًا من أي دليل يُشير إلى نية ارتكاب جريمة أو وجود اتفاق بين المتهمين"، معتبرا أن ما يجري محاكمة سياسية بغطاء قضائي.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد انتقدت بشدة سياق المحاكمة، واعتبرته جزءًا من "مناخ قمعي يستخدم فيه الرئيس قيس سعيّد القضاء لاستهداف معارضيه"، في إشارة إلى ما وصفته المنظمة بتراجع الحريات منذ قرارات يوليو 2021 التي جمّد فيها سعيّد البرلمان واحتكر السلطة في تونس.
تراجع الحقوق والحريات
يدين المدافعون عن حقوق الإنسان والمعارضون باستمرار تراجع الحقوق والحريات في عهد الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي أوقف الكثير من المتهمين أثناء حملة مداهمات في صفوف المعارضة سنة 2023، ويواجه نحو 40 شخصاً اتهامات بالتآمر على الأمن الداخلي والخارجي للدولة والانضمام إلى تنظيمات إرهابية، وهذه التهم تُعرض مرتكبيها لأحكام بالسجن ثقيلة، تصل لحد عقوبة الإعدام.