«فورين بوليسي»: ترامب تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان في حربه التجارية ضد الصين
«فورين بوليسي»: ترامب تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان في حربه التجارية ضد الصين
انتقد المدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش، كينيث روث، في مقال نشرته، اليوم الاربعاء، مجلة "فورين أفيرز"، تجاهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الواضح لانتهاكات حقوق الإنسان في حربه التجارية الشاملة ضد الصين، والتي ركزت بالأساس على تقليص العجز التجاري الأمريكي، لا سيما ما يتصل باضطهاد أقلية الأويغور.
وشدد روث ان ذلك أضعف من تأثير هذه الحرب، فعوضًا عن التركيز على سلاسل التوريد المرتبطة بالعمل القسري، اكتفى ترامب بمطالب اقتصادية شكلية لم يلتزم بها الجانب الصيني.
وشهدت منطقة شينجيانغ في شمال غرب الصين منذ عام 2017 حملة قمع غير مسبوقة ضد نحو 11 مليون من الأويغور، وهم أقلية مسلمة، واعتقلت السلطات الصينية ما يقرب من مليون شخص في مراكز احتجاز ضخمة، وحتى من أُفرج عنهم، غالبًا ما يُجبرون على العمل القسري، سواء داخل شينجيانغ أو في مناطق أخرى من البلاد.
وقدر مراقبون عدد المعرضين لخطر العمل القسري في شينجيانغ بنحو 2.5 مليون شخص، كما نُقل أكثر من 80 ألف أويغوري قسرًا للعمل في مناطق أخرى من الصين، وجّهت السلطات تهماً ملفقة ضد العديد من النشطاء والمثقفين الأويغور، وحكمت عليهم بأحكام سجن طويلة، كما فرضت رقابة مشددة على السكان، تضمنت إرسال عائلات من عرقية الهان لمراقبة الأويغور في منازلهم.
ولم تقتصر الانتهاكات على الاحتجاز والعمل القسري فقط، بل شملت أيضًا تقليصًا حادًا لمعدلات المواليد باستخدام وسائل منع الحمل القسرية، وقد وصفت منظمات حقوقية هذه الممارسات بأنها تشكل جريمة ضد الإنسانية، بل وإبادة جماعية وفقًا لتوصيف إدارة ترامب الأولى.
إجراءات أمريكية محدودة
اعتمد الكونغرس الأمريكي عام 2021 قانونًا يُفترض أن يمنع استيراد السلع المنتَجة في شينجيانغ ما لم تثبت الشركات أنها خالية من العمل القسري، ورغم صرامة النص، فإن تنفيذه يواجه صعوبات كبيرة، فإثبات خلو السلع من العمل القسري في ظل غموض سلاسل التوريد أمر بالغ التعقيد.
وتُعد الممارسات التجارية الصينية غير العادلة متعددة الأوجه، لكنها تشمل استخدام العمل القسري لتقليص تكاليف الإنتاج، مما يتيح للمنتجات الصينية منافسة غير عادلة في الأسواق العالمية، ولا يستطيع العمال القسريون المطالبة بأجور مناسبة أو تغيير وظائفهم، ما يُمكّن الشركات من تخفيض الأسعار بشكل تعسفي.
وتأثرت عدة قطاعات اقتصادية رئيسية، من بينها القطن (تمثل شينجيانغ 20% من الإنتاج العالمي)، والطماطم (15% من معجون الطماطم العالمي)، والألمنيوم (10%)، وتبرز بشكل خاص مادة البولي سيليكون، التي تُستخدم في تصنيع الألواح الشمسية، حيث تنتج شينجيانغ نحو 45% من الإنتاج العالمي.
ويتطلب التعامل مع هذه الظاهرة خطوات أكثر حزمًا، ينبغي للإدارة الأمريكية، سواء كانت تحت قيادة ترامب أو غيره، تعزيز قدرات الجمارك لمراقبة الواردات الصينية.
ويشمل ذلك تعيين مزيد من المفتشين، لا سيما في ضوء خطة ترامب المعلنة لإلغاء الإعفاءات الجمركية على الطرود الصغيرة، وهي ثغرة تستغلها بعض الشركات للتهرب من القيود.
التحايل على الحظر
تواصل بعض الشركات الصينية التحايل على الحظر الأمريكي بشحن بضائعها عبر دول وسيطة مثل فيتنام وماليزيا وتايلاند، كما تواجه الشركات الأجنبية العاملة في الصين أخطاراً متزايدة، إذ اعتقلت السلطات الصينية موظفين في شركات تحقق من سلاسل التوريد، ما يعوق جهود ضمان الشفافية.
ومن جانبها، لم تتبنَ دول الاتحاد الأوروبي حتى الآن افتراضًا عامًا ضد واردات شينجيانغ، وهو ما ساعد على زيادة صادرات الإقليم إلى أوروبا في عام 2022 بنسبة الثلث، ويمكن للولايات المتحدة الضغط على الاتحاد الأوروبي، إلى جانب بريطانيا وكندا وأستراليا، لتشديد موقفهم من السلع القادمة من شينجيانغ.
ورغم الجدل العالمي الذي أثارته الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، فإن التركيز على منع العمل القسري قد يحظى بدعم أوسع، فالعمل القسري محظور بموجب القانون الدولي منذ عام 1930، ولا توجد حكومة يُمكنها التذرع بشرعيته.
ويمثل القضاء على العمل القسري خطوة ضرورية لتحقيق عدالة تجارية حقيقية، والتقليل من العجز التجاري، وفي الوقت نفسه الدفاع عن حقوق الإنسان الأساسية، ومن شأن تبني هذا النهج أن يمنح السياسة التجارية الأمريكية بُعدًا أخلاقيًا يُعزز مشروعيتها عالميًا.