رفع العقوبات.. أمل اقتصادي جديد في سوريا يواجه تحديات مزمنة
رفع العقوبات.. أمل اقتصادي جديد في سوريا يواجه تحديات مزمنة
تَطلّعَ أنس الشماع، مدير مؤسسة مالية وسط دمشق، إلى أن يسهم رفع العقوبات الغربية عن سوريا في إعادة ربط النظام المصرفي المحلي مع الشبكة المالية العالمية، بعد عزلة طويلة فرضتها سنوات الحرب.
وأعرب الشماع، البالغ من العمر 45 عاماً، عن أمله بأن يتمكن التجار والمغتربون أخيراً من تحويل الأموال بسهولة من وإلى البلاد، بعد أن كانت تلك العمليات شبه مستحيلة طول السنوات الماضية بفعل القيود المفروضة، ما فاقم معاناة السوريين في الداخل المحتاجين إلى دعم أقربائهم في الخارج، وفق وكالة "فرانس برس".
وفتح رفع العقوبات، الذي بدأته واشنطن وتبعها الاتحاد الأوروبي، باب الأمل لدى السوريين ببدء عجلة التعافي الاقتصادي، رغم تحذيرات خبراء من أن الطريق لا يزال طويلاً.
وشملت الحزمة الأوروبية الأخيرة رفع تجميد أصول المصرف المركزي السوري، وهو تطور يُفترض أن يُمهّد لإعادة دمج سوريا تدريجياً في الأسواق المالية الدولية.
لكن الحرب التي بدأت عام 2011 دمّرت الاقتصاد والبنية التحتية، كما أن العقوبات الغربية فاقمت العزلة المالية، بعد أن طالت شخصيات ومؤسسات عدتها داعمة للنظام المتهم بقمع الحراك الشعبي في بدايته.
انعكاسات فورية ومؤقتة
سجلت الليرة السورية تحسناً فورياً بعد إعلان رفع العقوبات، حيث انخفض سعر الصرف في السوق السوداء إلى 8500 ليرة للدولار، بعدما كان قد لامس 13 ألفاً، لكنّ اقتصاديين عدوا هذا التحسّن مؤقتاً وناتجاً عن الأثر النفسي للقرار، لا عن تغييرات بنيوية.
أوضح محمد الحلبي، خريج كلية الاقتصاد (25 عاماً)، أن رفع العقوبات قد يُنهي الحاجة للجوء إلى السوق السوداء التي كانت تقتطع نحو 30% من قيمة المبالغ المحوّلة، لكنه أشار إلى أن الواقع يتطلب إصلاحات أكثر عمقاً لتهيئة مناخ استثماري آمن.
بدوره، أكد الباحث الاقتصادي بنجامين فاف من مؤسسة كرم شعار، أن إعادة إعمار البنية التحتية كالمستشفيات والطرق قد تتسارع بدعم من دول مثل قطر وتركيا والسعودية، لكنها تبقى مرهونة بالاستقرار وبناء الثقة.
الفساد وغياب الشفافية
لم تصدر السلطات الانتقالية في دمشق أي تشريعات اقتصادية جديدة أو قوانين استثمارية واضحة، وهو ما أضعف ثقة رجال الأعمال.
ونقل رجل أعمال للوكالة، أنه لم يتمكن من فهم أو اتباع الإجراءات المطلوبة للاستثمار بسبب غياب الشفافية والضبابية في القوانين، مع استمرار الإرث البيروقراطي والفساد الذي نخر مؤسسات الدولة.
داخل متجر إلكترونيات في دمشق، عبّر زهير فوال (36 عاماً) عن أمله بأن يكون رفع العقوبات مقدمة لفك الحظر التقني عن البلاد. وقال إن حلمه البسيط اليوم هو الوصول إلى تطبيقات مثل "نتفليكس" و"تيك توك"، المحجوبة في سوريا منذ سنوات.
ورغم أن الترحيب الرسمي برفع العقوبات وُصف بـ"الخطوة التاريخية"، فإن الطريق نحو إعادة بناء الاقتصاد السوري يظل محفوفاً بالتحديات السياسية والمؤسساتية، وسط غياب إصلاحات حقيقية وتراكم إرث طويل من الدمار والعزلة.