تقرير: النزوح والاتجار بالبشر في جنوب شرق آسيا خطر مزدوج يهدد الفئات الأضعف

تقرير: النزوح والاتجار بالبشر في جنوب شرق آسيا خطر مزدوج يهدد الفئات الأضعف
أطفال في جنوب شرق آسيا - أرشيف

شهدت منطقة جنوب شرق آسيا تزايدًا مطّردًا في أزمات النزوح، مدفوعةً بالاضطرابات السياسية، والصراعات المسلحة، وتغير المناخ، والتدهور البيئي، أدى هذا الوضع إلى تشريد ملايين الأشخاص، لا سيما في دول مثل ميانمار وتايلاند وماليزيا والفلبين وإندونيسيا، وفقا لتقرير نشره الموقع الرسمي لـ"اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين"، اليوم الثلاثاء.

ووثّق مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن جنوب شرق آسيا تُعدّ منطقة منشأ وعبور ووجهة رئيسية للاتجار بالبشر، وأن النازحين، نظرًا لغياب الوضع القانوني وضعف الحماية، يُعدّون من الفئات الأكثر عرضة لهذا النوع من الجرائم.

وحدّد القانون الدولي الاتجار بالبشر باعتباره تجنيدًا أو نقلًا أو إيواءً أو استقبالًا لأشخاص بوسائل غير مشروعة بغرض الاستغلال، ويمثّل غياب الحماية القانونية والفرص الاقتصادية أرضًا خصبة لهذا النوع من الجرائم في صفوف النازحين.

زلزال وصراع يعمّقان الأزمة

سجّل عام 2021 بداية موجة نزوح واسعة في ميانمار بعد الانقلاب العسكري، بلغ عدد النازحين داخليًا 3.5 مليون شخص، وتفاقمت الأزمة بعد زلزال مدمّر بلغت قوته 7.7 درجة في مارس 2025، أودى بحياة أكثر من 3700 شخص وشرّد الآلاف، وعلى الرغم من إعلان وقف لإطلاق النار، واصلت القوات العسكرية شن غارات جوية على مناطق منكوبة، ما أعاق جهود الإغاثة.

واجهت الأقليات العرقية والدينية تهديدًا متزايدًا في ظل استمرار العمليات العسكرية، في وقت انهارت فيه البنية التحتية وتعطّلت الخدمات الأساسية.

وشهدت تايلاند في أواخر عام 2024 فيضانات كارثية تسببت في نزوح 150 ألف أسرة، فيما تضررت ماليزيا من فيضانات شديدة دفعت 90 ألف شخص إلى مغادرة منازلهم.

وفي الفلبين، تسببت الأمطار الغزيرة في نزوح 97 ألف أسرة عام 2024، ليصل عدد حالات النزوح المرتبطة بالكوارث بين عامي 2014 و2023 إلى نحو 43 مليون حالة.

أظهرت دلتا ميكونغ في فيتنام هشاشة متزايدة في مواجهة ارتفاع منسوب مياه البحر، ما أدى إلى نزوح آلاف الأسر وتهديد سبل عيش الملايين.

جزر تواجه خطر الغرق

وفي إندونيسيا، تواجه جزر بأكملها خطر الغرق، وتُخطط الحكومة لتهجير جماعي يشمل نقل العاصمة.

واجه النازحون في تايلاند وماليزيا وفيتنام وإندونيسيا تحديات هائلة بسبب الإقامة في مستوطنات عشوائية بلا حماية قانونية أو فرص عمل.

أظهر تحليل السياسات أن هذه الظروف تجعلهم فريسة سهلة لشبكات الاتجار بالبشر، التي تستغل غياب الوضع القانوني والافتقار إلى الخدمات الاجتماعية.

أنماط الاتجار

أفاد مسؤولون في منظمات إنسانية بارتفاع حالات الاتجار بالعمالة القسرية في قطاعات الزراعة والصيد والعمل المنزلي والبناء، إلى جانب استغلال النساء والفتيات جنسيًا وزواج القاصرات.

برزت الجريمة القسرية بوصفها نمطًا جديدًا، حيث يُجبر النازحون على تنفيذ عمليات احتيال إلكتروني داخل مجمعات مغلقة في دول مثل كمبوديا ولاوس وميانمار، وسط ظروف احتجاز وتعذيب.

أفادت تقارير دولية بأن لاجئي الروهينغا يتعرضون للاتجار عبر خليج البنغال، حيث يُنقلون في قوارب مكتظة ويُباعون كعمال قسريين في مراكب صيد أو يُستغلون جنسيًا، أما مهاجرو ميانمار فوقع الكثير منهم في فخ عروض عمل وهمية داخل مجمعات احتيال، ليُجبَروا لاحقًا على تنفيذ عمليات نصب رقمية تحت التهديد.

ثغرات الحماية

أدى غياب الوضع القانوني للاجئين، وضعف أنظمة اللجوء، وتقييد تصاريح العمل، وغياب المساعدة القانونية، إلى تفاقم مخاطر الاتجار، كما تعاني بعض برامج مكافحة الاتجار من تجاهل واضح للفئات النازحة.

حثّت منظمات حقوقية الحكومات الإقليمية على إدراج النازحين في أنظمة الحماية، وتقديم تأشيرات إنسانية مؤقتة، وتوسيع قنوات الهجرة الآمنة، وتدريب مسؤولي الحدود على التعرف إلى الضحايا.

وطالبت الجهات المانحة بتمويل البرامج التي تدمج بين حماية النازحين ومكافحة الاتجار، وتعزيز التعاون العابر للحدود، ودعم التمثيل القانوني للضحايا.

وأوضح تقرير "اللجنة الأمريكية للاجئين والمهاجرين" أن فصل النزوح عن الاتجار يمثل خطأً فادحًا في التحليل والمعالجة، وأكد ضرورة تبنّي نهج مشترك ومستدام يربط بين العدالة المناخية وحقوق الإنسان ومكافحة الجريمة المنظمة لحماية ملايين النازحين من الوقوع في براثن الاتجار والاستغلال.



 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية