نصف دول العالم لا تملكها.. فيضانات تكساس تكشف هشاشة أنظمة "الإنذار المبكر"

نصف دول العالم لا تملكها.. فيضانات تكساس تكشف هشاشة أنظمة "الإنذار المبكر"
أنظمة "الإنذار المبكر"

دفعت الفيضانات المفاجئة التي اجتاحت مقاطعة كير بولاية تكساس في عطلة عيد الاستقلال أكثر من 100 شخص إلى حتفهم، فيما لا يزال نحو 180 في عداد المفقودين، حسب ما نقلت رويترز.

وأشارت صحيفة "فايننشال تايمز"، اليوم الخميس، إلى أن السلطات مع أنها كانت تعتزم إصدار إنذارا أوليا قبل الفيضان، إلا أن الأنظمة المحلية فشلت في تحويل التنبؤات إلى تحذير فعال للمواطنين بنمط ملائم للزمن والمكان، خاصة في ساعة متأخرة من الليل.

وكشف برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن نحو نصف دول العالم لا تمتلك أنظمة إنذار مبكر فعّالة للظواهر المناخية القصوى، على الرغم من أن 108 دول فقط أبلغت عن أنظمة متعددة المخاطر نهاية 2024، وأضاف البرنامج أن المناطق الأكثر تضرراً، كالدول الفقيرة وجزر المحيط، لا تزال تفتقر إلى الحماية اللازمة، رغم التزام دولي لتغطية عالمية بحلول عام 2027.

تقليص ميزانيات مصلحة الأرصاد

وذكرت صحيفة "الغادريان" أن السيناتور تشاك شومر اتهم إدارة ترامب بتقليص ميزانيات مصلحة الأرصاد الوطنية "NOAA" ووكالات الطوارئ، ما أثر سلبًا على قدرة التنبؤ والتواصل، وحسب تقرير نشرته الصحيفة البريطانية، فان تخفيض بقيمة 150 مليون دولار من تمويل NOAA للنماذج الجوية أضعف قدرتها على توقع الأمطار الغزيرة والاستجابة المبكرة.

وأقرّ مسؤول في ولاية تكساس، شريف لاري ليثا، أثناء مقابلة مع رويترز بأن المقاطعة لم تشتَرِ أنظمة إنذار صفارات رغم توصية عام 2016، وأوضح أن النظام غير موحد بين المدن والريف، حتى أن منطقة مثل نيويورك تستطيع إرسال رسائل إلى جميع الهواتف، فيما لا تمتلك مناطق تكساس حتى الإنذار الصوتي المبكر.

وذكرت رويترز، أن فيضانات ألمانيا عام 2021 أسفرت عن نحو 200 وفاة رغم توفر تنبؤات جيدة وتجميع بيانات عالية الدقة، وفق تقرير المنظمة العالمية للأرصاد (WMO)، فإن الأسباب تعود إلى ضعف إعداد المواطنين والإدارات لاستخدام هذه المعلومات بجدية، وقالت عالمة الهيدرولوجيا إيرين كوجلان دي بيريز بأن "التنبؤ لا يرقى للحصول على حياة، إن لم يُدعّم برسالة واضحة".

ومن جانبه، أعلن أستاذ الكوارث إيلان كيلمان أن اليابان تعتمد نظام "J‑Alert" الذي يبث رسائل طارئة عبر مكبرات الصوت والهواتف المحمولة خلال اللحظات الأولى من الزلزال أو الفيضان، وأضاف أن البرنامج يحتوي على تدريبات سنوية تستهدف الجميع، إبرازًا لدور التجهيزات المعرفية إلى جانب التكنولوجيا، وأكدت وكالة الأمم المتحدة لتغير المناخ أن هذا نموذج معتمد لا غنى عنه.

أعدّت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرًا مفصلًا لسبب تخفيض القدرة على التنبؤ، حيث أكّد خبراء أن أنظمة التنبؤ (NWS) وصلت حدها بسبب نقص تمويل حكومي، مما أدى إلى تحذيرات متأخرة فشلت في إيصال الرسالة في الوقت المناسب، خصوصًا أن الفيضان وقع في ساعات ينام فيها الناس.

أما "نيويورك بوست"، فكتبت أن الموقع المدرسي والفندق القريب من موقع الفيضان، ومعظم الضحايا، كانوا ضمن منطقة عدم الاستعداد للإنذار المتزامن مع الاكتظاظ السياحي في العطلة.

إمكانيات الذكاء الاصطناعي

أكّد تقرير من نورت إيسترن نيوز أن استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي في التنبؤ يمكن أن يُحسن الأداء، خاصة في ظروف شديدة التعقيد، وأضافت الدراسة أن أنظمة مثل Zeus AI وClimaMeter بدأت تجارب ناجحة في عدة ولايات استخدمت بيانات دقيقة للأنهار والطقس لمتابعة الزلازل والفيضانات في الوقت الحقيقي.

وأوضح تقرير حول نظام EFAS الأوروبي (European Flood Awareness System)، مدعوم من لجنة الاتحاد الأوروبي، أنه يدمج بيانات هيئات الأرصاد في بلدان مثل ألمانيا والسويد وتشيكيا والنمسا، ويوزع تحذيرات لمدة تصل إلى عشرة أيام مقدمًا، بحسب تقييمات المجلس الأوروبي للأبحاث المشتركة.

ودعت مديرة مركز تنسيق الكوارث في الصليب الأحمر الدولي الحكومات لتطبيق خطة "مدينة واحدة – نظام إنذار واحد" كمرحلة أولى قبل إطلاق النظم الوطنية، وأكدت أن الوعي الجماعي هو مفتاح الاستجابة الفعلية.

ضرورة رفع تمويل الطوارئ

شدد الخبير في الأمم المتحدة وليام كلارك ضرورة رفع تمويل الطوارئ إلى 1.5% من ميزانيات الدولة، وتعاون مع البنك الدولي والقطاع الخاص لتغطية النقص في البلدان الفقيرة.

وأشار محاضر الكوارث توماس كيلدسن إلى أن التحذير يجب أن يصبح جزءًا من تدريب عام، مع دعوة لتحديد مسارات الإخلاء وإنشاء منشورات إرشادية واضحة، مع أداء تمارين سنوية مجتمعية.

ورغم توفر التنبؤ الدقيق، فإن رسائل الإنذار لم تصل في الوقت المناسب في تكساس وفالنسيا وألمانيا، مما يضع حياة البشر على المحك وينبهنا التقرير أننا في حاجة إلى: دعم مالي متواصل، وقنوات إعلامية متعددة وسريعة، وتدريب شامل للمجتمعات.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية