المحكمة الجنائية الدولية: جرائم ضد الإنسانية تُرتكب في دارفور
المحكمة الجنائية الدولية: جرائم ضد الإنسانية تُرتكب في دارفور
قالت نائبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، نزهت شميم خان، إن مكتب المدعي العام لديه أسباب معقولة للاعتقاد بأن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت، ولا تزال تُرتكب في إقليم دارفور بالسودان.
وفي إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي يوم الخميس، أشارت خان إلى أن الاجتماع يُعقد في وقت يصعب فيه العثور على كلمات تصف حجم المعاناة في دارفور، محذرة من احتمال تفاقم الأوضاع هناك، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
هجمات متواصلة وأدلة متراكمة
أوضحت خان أن مكتب المدعي العام تابع عن كثب التقارير الأخيرة بشأن الهجمات في شمال دارفور، خاصة في مدينة الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين، التي نفذتها قوات الدعم السريع والجماعات المتحالفة معها.
وأضافت أن المكتب اعتمد في استنتاجاته على وثائق وشهادات وأدلة رقمية جُمعت وحُللت خلال الفترة الماضية، مؤكدة:
لن نتراجع حتى تُحقق العدالة الناجزة بما يُنصف حقوق المتضررين، ويؤثر في سلوك الجناة على الأرض.
معاناة النساء والأطفال
أعربت خان عن قلق بالغ حيال المعاناة التي تواجهها النساء والأطفال في دارفور، مشيرة إلى أن المكتب يعمل على توثيق الجرائم القائمة على النوع الاجتماعي في المنطقة.
وأوضحت أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدًا من الجهود لتعزيز القدرة على توثيق هذه الجرائم، لكنها شددت على أن حماية ودعم نساء دارفور تتطلب عملاً جماعياً وجهوداً مشتركة.
تعاون محدود لكنه مشجع مع السودان
أشارت خان إلى تحسن نسبي في التعاون مع حكومة السودان، حيث سُمح للمكتب بإجراء زيارات ميدانية، بما في ذلك زيارة إلى مدينة بورتسودان، مكنت المحققين من تحديد شهود إضافيين.
وأضافت أنه يُخطط لتنظيم زيارة أخرى قريبًا، مطالبة بضرورة العمل معًا لضمان اعتقال الأفراد الذين صدرت بحقهم أوامر توقيف من المحكمة، وبينهم الرئيس السابق عمر حسن البشير، وأحمد هارون، وعبد الرحيم محمد حسين.
الحاجة لدعم دولي عاجل
شددت نائبة المدعي العام على أن العمل الذي يُنجزه مكتبها «لا يكفي وحده بالنظر إلى حجم المعاناة في دارفور»، مؤكدة أن تسريع وتيرة تحقيق العدالة يعتمد على الشراكة مع المجتمع الدولي.
ودعت خان أعضاء مجلس الأمن إلى تقديم دعم أكبر، قائلة: بدعمكم، لا نحقق فقط العدالة التي تشتد الحاجة إليها، بل نُسهم أيضًا في كسر دوامة العنف المستمرة، والمبنية على شعور بالإفلات من العقاب.
في عام 2005، وبتفويض من مجلس الأمن الدولي، فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا في الجرائم التي ارتُكبت خلال الحرب الأهلية في دارفور مطلع القرن الجاري، وهي حرب خلفت ما يقرب من 300 ألف قتيل وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وفي عام 2023، فتحت المحكمة تحقيقًا إضافيًا بشأن الجرائم التي يُشتبه في ارتكابها منذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ومن المنتظر أن يُصدر قضاة المحكمة حكمًا قريبًا في قضية علي محمد علي عبد الرحمن المعروف بـ«علي كوشيب»، الذي انتهت محاكمته في أواخر عام 2024.
يعيش السودان أزمة إنسانية وأمنية متفاقمة منذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، ما أسفر عن آلاف القتلى وملايين النازحين داخليًا وخارجيًا. وفي إقليم دارفور تحديدًا، حذرت المحكمة الجنائية الدولية من استمرار ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على نطاق واسع، بينما يعاني المدنيون -خاصة النساء والأطفال- من هجمات ممنهجة ونزوح قسري، في ظل انهيار شبه كامل للخدمات الأساسية وتفاقم الاحتياجات الإنسانية.