"اليونيسف": ارتفاع كارثي في معدلات سوء التغذية بين أطفال السودان

"اليونيسف": ارتفاع كارثي في معدلات سوء التغذية بين أطفال السودان
ارتفاع معدلات سوء التغذية في السودان - أرشيف

دقّت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، اليوم الأحد، ناقوس الخطر بشأن الوضع الإنساني المتدهور في السودان، بعد رصد ارتفاع حاد في معدلات سوء التغذية الحاد الوخيم بين الأطفال في ولايات الجزيرة والخرطوم ودارفور وشمال كردفان، وسط تحذيرات من كارثة وشيكة تهدد حياة الملايين.

وأكدت المنظمة، في بيان لها، أن معدلات سوء التغذية في بعض المناطق "تجاوزت المستويات الحرجة المحددة من قبل منظمة الصحة العالمية"، مشيرة إلى أن ارتفاع الحالات بهذا الشكل ينذر بـ"خطر وقوع وفيات جماعية بين الأطفال"، خاصة مع دخول السودان ذروة موسم الجفاف وغياب التمويل الكافي للاستجابة الإنسانية.

وأوضحت "اليونيسف" أن حالات القبول للعلاج من سوء التغذية الحاد الوخيم ارتفعت بنسب مقلقة، بأكثر من 70% في شمال دارفور، و174% في الخرطوم، و683% في ولاية الجزيرة، خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

تحسن نسبي بالأوضاع الأمنية

أرجعت المنظمة الزيادة في بعض المناطق مثل الخرطوم والجزيرة إلى تحسن نسبي في الأوضاع الأمنية، ما مكّن الأمهات من الوصول إلى المراكز الصحية، إلا أن هذا لم يمنع من التأكيد على أن الوضع "كارثي ويزداد تفاقمًا".

وشهدت ولايات دارفور الخمس ارتفاعًا في نسبة الأطفال الذين يتلقون علاجاً من الهزال الشديد إلى 46%، وهو ما يعكس تدهورًا خطِرًا في صحة الأطفال بالمنطقة، خاصة في ظل محدودية الموارد.

وذكرت المنظمة أن أكثر من 40 ألف طفل أدخلوا إلى مراكز العلاج من سوء التغذية الحاد الوخيم في شمال دارفور فقط منذ مطلع العام الجاري، أي ما يقارب ضعف العدد المسجل في نفس الفترة من عام 2024.

مؤشرات تنذر بالمجاعة

وكشفت بيانات من المسوحات التغذوية التي أُجريت في شهري أبريل ومايو 2025 أن 9 من أصل 13 محلية في دارفور سجلت نسباً تتجاوز الحد الحرج لسوء التغذية الحاد الذي حددته منظمة الصحة العالمية.

وفي محلية ياسين بشرق دارفور، بلغ معدل سوء التغذية المعتدل والوشيك نسبة 28%، وهو معدل يقترب بشكل خطير من عتبة إعلان المجاعة (30%).

وحذرت المنظمة من أن هذه المؤشرات المقلقة تُشكّل إحدى المعايير الحاسمة لإعلان المجاعة رسمياً في أي منطقة، إذا ما استمرت دون تدخل.

المخزون الغذائي ينفد

وأفادت "اليونيسف" أن مخزونات الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام قد نفدت بالكامل في مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، بعد تعثر إيصال المساعدات بسبب الحصار والاشتباكات المسلحة، في وقت يتفاقم فيه الوضع الصحي مع تفشي أمراض مثل الكوليرا والحصبة، وانهيار الخدمات الصحية العامة.

وأكد ممثل اليونيسف في السودان، شيلدون ييت، أن "الأرقام مرتفعة بشكل خطِر، وستزداد سوءاً إن لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة"، مضيفًا: "حياة الأطفال السودانيين تعتمد الآن على ما إذا كان العالم سيختار التدخل أو سيغض الطرف كما فعل مراراً".

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 30.4 مليون شخص، أي ما يعادل 64% من سكان السودان، بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة خلال هذا العام. 

وكانت الخطط الأولية تستهدف إيصال المساعدة إلى 21 مليون شخص، قبل أن تُضطر الوكالات الأممية إلى خفض هذا العدد إلى 17.3 مليون فقط بسبب نقص التمويل.

وأكدت "اليونيسف" حاجتها إلى ما لا يقل عن 200 مليون دولار بشكل عاجل لتوسيع نطاق خدمات التغذية، بما يشمل علاج سوء التغذية الحاد وتوفير الأغذية العلاجية، مشيرة إلى أن غياب التمويل الكافي يعرض ملايين الأرواح للخطر، خاصة في ظل تصاعد القتال وانعدام الأمن الغذائي وانتشار الأمراض.

حرب ونزوح وجفاف

يأتي هذا التحذير في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية في السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي أدت إلى نزوح أكثر من 9 ملايين شخص داخلياً، وانهيار المنظومة الصحية وتدمير المنشآت الزراعية والأسواق.

ومع دخول البلاد موسم الجفاف، يتوقع المراقبون أن تتفاقم معاناة الأسر، التي كانت تعتمد بشكل أساسي على الحصاد المحلي الذي نفد بالفعل. 

وتُعد المناطق التي تشهد نزاعاً مستمراً، مثل دارفور، الأكثر تضررًا نتيجة انعدام الوصول الإنساني واستهداف قوافل المساعدات.

دعوة لإنقاذ الأرواح

تواجه وكالات الإغاثة، وعلى رأسها "اليونيسف"، تحديات هائلة في تقديم المساعدة، وسط استمرار العنف وعراقيل لوجستية وأمنية تحول دون إيصال الإمدادات إلى المناطق المتأثرة.

وتبقى دعوة المنظمة بمنزلة نداء استغاثة عالمي عاجل لإنقاذ أطفال السودان من خطر المجاعة والهلاك، في وقت يتقلص فيه الأمل بتدخل دولي فعال.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية