"نأكل ما تأكله الماشية".. نساء سودانيات يصرخن: "المجاعة تحاصرنا"

"نأكل ما تأكله الماشية".. نساء سودانيات يصرخن: "المجاعة تحاصرنا"
أزمة النزوح في السودان- أرشيف

في كوخ طيني مهترئ على أطراف مدينة الجنينة غرب دارفور، جلست حليمة، وهي أم لخمسة أطفال، تفتت قطعًا من الـ"أمباز" –علف الحيوانات– في وعاء معدني صغير، وتضعه أمام أطفالها كوجبة رئيسية. 

بعينين غائرتين وصوت مخنوق، تهمس: "نأكله لكي لا نموت"، في السودان اليوم، لم تعد هذه الحكاية استثناءً، بل عنوانًا لمرحلة مأسوية يعيشها الملايين، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الثلاثاء.

منذ اندلاع الحرب الدامية في منتصف أغسطس 2023، والسودان يترنح تحت ضربات الفقر والجوع والدمار، ما بدأ كصراع على السلطة، تحوّل بسرعة إلى كارثة إنسانية شاملة، ومعها تفاقمت المجاعة بطريقة "كارثية"، كما وصفها نشطاء حقوقيون، لتطارد أكثر من 8 ملايين سوداني مهددين بالموت جوعاً، في ظل انهيار شامل للبنى التحتية وغياب شبه تام لأي استجابة إغاثية فاعلة.

معاً لمجابهة المجاعة 

أطلقت 64 منظمة وتحالفاً إنسانياً في أبريل 2024 حملة بعنوان "معاً لمجابهة المجاعة"، محاولة دق ناقوس الخطر. 

وفي بيان صدر أمس الاثنين، أعلنت الحملة انطلاق مرحلتها الثانية، مؤكدة أن الجوع في السودان لم يعد مجرد أزمة عابرة، بل تحول إلى حرب خفية تستهدف ما تبقى من حياة وكرامة لدى السكان.

وكشف الاتحاد النسائي السوداني في بيانه أن أكثر من نصف سكان السودان، أي نحو 25 مليون شخص من أصل 47 مليونًا، يعانون من نقص حاد في الغذاء والمياه. 

أما الأطفال فكان لهم النصيب الأكبر من الكارثة؛ إذ يواجه 14 مليون طفل خطر سوء التغذية، مع تسجيل ما يزيد على 730 ألف إصابة فعلية حتى الآن.

وروت متطوعة ميدانية من إحدى منظمات الإغاثة أن أطفالاً في مناطق نهر النيل ودارفور وكردفان يموتون بصمت في القرى البعيدة دون أن يسجّلهم أحد أو تصل إليهم فرق الإنقاذ.

رفض الاعتراف بوجود مجاعة 

اتهم الاتحاد النسائي السلطات السودانية بـ"التعنت والإنكار"، مشيرًا إلى رفض الحكومة الاعتراف الرسمي بوجود مجاعة، وتعطيلها المتكرر لمحاولات فتح ممرات إنسانية آمنة، خاصة معبر "أدري" الحدودي مع تشاد، وهو أحد الممرات الرئيسية التي يمكن أن تسهم في إيصال الإغاثة إلى غرب السودان المنكوب.

وفي ظل غياب الإرادة السياسية، يجد سكان مناطق النزاع أنفسهم محاصرين ليس فقط بالنزوح والعنف، بل أيضًا بالجوع الصامت الذي لا تصاحبه انفجارات، بل أنين لا يسمعه أحد.

وطالب الاتحاد النسائي في بيانه المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإعلامية بـ"تحرك عاجل"، داعياً إلى إعلان المجاعة رسمياً على مستوى السودان، وفتح ممرات إنسانية آمنة فورًا، وتنسيق الجهود الإنسانية لتوفير الغذاء والمياه والأدوية، وتوفير حماية للمدنيين والنساء والأطفال في مناطق الحرب.

وأكد الاتحاد النسائي أن الأزمة لم تعد مجرد مسألة غذائية أو صحية، بل هي تهديد وجودي لكيان الشعب السوداني بأكمله.

ما بعد المجاعة

في الطريق بين نيالا والفاشر، لا ترى سوى قوافل نازحين تمضي حفاة، بلا زاد أو ماء، يتساقط بعضهم على جانبي الطريق. 

ولا تزال السلطات تنشغل بالحرب، وتغيب المساعدات، تزداد أعداد الجياع الذين لم يعودوا ينتظرون خبزًا، بل فقط من يلتفت إلى أنهم ما زالوا على قيد الحياة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية