فنانة هندية تواجه الكراهية.. كيف تحوّلت معركة ديڤولينّا إلى دفاع عن كل الأمهات؟
فنانة هندية تواجه الكراهية.. كيف تحوّلت معركة ديڤولينّا إلى دفاع عن كل الأمهات؟
حين تهكمت حسابات مجهولة على لون بشرة طفل لا يتجاوز عمره سبعة أشهر، لم يكن الهجوم هذه المرة مجرد إساءة عابرة في بحر منصات التواصل الاجتماعي، كان الجرح أعمق، والمستهدَف أغلى ما تملكه الأم وهو كرامة ابنها، ومن هنا قررت الفنانة الهندية ديڤولينّا بهاتاتشارجي ألا تصمت، لتفتح بابًا لمعركة أكبر من مجرد دفاع شخصي، إنها مواجهة شجاعة لجرائم عنصرية لا تزال تختبئ خلف الشاشات.
جوي، طفل ديڤولينّا الذي استقبلته في ديسمبر 2024، وجد نفسه -وهو بعد رضيع- في قلب موجة من التنمر والسخرية بسبب لون بشرته الداكن، وقد حملت التعليقات في طياتها لغة تمييز وعنصرية مؤلمة، وجعلت والدته تدرك أن حدود الهجوم لم تعد عندها بصفتها فنانة معروفة، بل وصلت إلى فلذة كبدها.
وصرّحت ديڤولينّا في حديثها لوسائل الإعلام الهندية: "أن تكون مشهورًا يعني أن تواجه النقد، لكن حين يتعلق الأمر بطفلي، لا مجال للصمت".
منصة القضاء بدل منصة التريند
لم تكتفِ الفنانة المعروفة بالصمت أو حتى بردّ افتراضي، بل جمعت الأدلة وقدّمت بلاغًا رسميًا في قسم الجرائم الإلكترونية، مطالبةً بفتح تحقيق في تلك الحسابات التي استهدفت ابنها، أكدت في بيانها أن معركتها لا تهدف فقط إلى حماية جوي، بل أيضًا إلى فضح وتجريم خطاب الكراهية والعنصرية.
هذه الخطوة لاقت دعمًا واسعًا من جمهورها، وزملائها في الوسط الفني، وحتى من متابعين لا يعرفونها شخصيًا لكن لمسوا الألم الذي تحمله أي أم ترى ابنها يُهان بسبب لون بشرته.
ولم تكن تلك المرة الأولى التي تواجه فيها ديڤولينّا هجومًا شخصيًا؛ فزواجها في ديسمبر 2022 من مدرب رياضي ينتمي لخلفية دينية مختلفة فتح عليها بابًا من التنمر، لكنها ظلت تدافع عن اختياراتها الشخصية، غير أن ما حدث مع طفلها كان مختلفًا، فالتعليقات استهدفت كرامة إنسان لم تُتح له فرصة حتى للتعبير عن نفسه.
تُعيد هذه الواقعة طرح أسئلة قديمة وجارحة حول العنصرية داخل المجتمعات الآسيوية، حيث يظل لون البشرة معيارًا للجمال والقبول الاجتماعي، رغم كل الحملات التي حاولت كسر هذه الصورة النمطية.
أمومة تتحدى الكراهية
ما قامت به ديڤولينا بهاتاتشارجي لم يكن دفاعًا قانونيًا فحسب، بل أيضًا رسالة اجتماعية ضد ثقافة الاستهزاء بألوان البشرة، وضد تطبيع السخرية والتنمر الإلكتروني.
تقول في تصريحها: "معركتي ليست فقط عن جوي، بل ضد العنصرية، أرفض أن يعتقد أحد أن لون البشرة مقياس لقيمة الإنسان".
وبينما تتجه القضية نحو القضاء، يأمل كثيرون أن تُسهم هذه الخطوة في توعية الآباء والأمهات بضرورة حماية أطفالهم من الأذى النفسي عبر الإنترنت، وفتح نقاش مجتمعي واسع حول مخاطر العنصرية الإلكترونية.
يذكر أن ديڤولينّا بهاتاتشارجي، ممثلة هندية معروفة، تألقت في مسلسل "Saath Nibhaana Saathiya" وبرنامج “Bigg Boss”.
التمييز في الهند
رغم ما حققته الهند من تقدم اقتصادي وتكنولوجي لافت، ما زالت تواجه تحديًا عميقًا يتمثل في التمييز بأشكاله المتعددة، سواء على أساس الطبقة أو الطائفة أو لون البشرة، وهو ما يُعرف محليًا بمصطلح "colorism" هذه الظاهرة تمتد جذورها تاريخيًا وثقافيًا، وتنعكس بوضوح في الحياة اليومية والإعلام وحتى في سوق العمل والزواج.
خلال السنوات الأخيرة، أطلقت الحكومة الهندية والمؤسسات الحقوقية مبادرات لمكافحة هذا التمييز، من بينها حملات توعية في المدارس، ومشروعات لتمكين الفئات المهمَّشة، وتشديد القوانين ضد خطاب الكراهية والعنصرية الرقمية، كما أسهم الفنانون والمشاهير في تسليط الضوء على الظاهرة، بالدعوة إلى احترام التنوع والاحتفاء بالهوية الهندية بكل ألوانها.
ويرى ناشطون أن التغيير الثقافي العميق يحتاج إلى وقت، وأن معركة كسر الصور النمطية وغسل العقول من تفضيل البشرة الفاتحة على الداكنة تتطلب تضافر جهود المجتمع بأسره، بدءًا من الأسرة والمدرسة إلى الإعلام وصناع السياسات.
وتواجه الهند جدلًا مستمرًا حول التمييز القائم على لون البشرة، في ظل شعبية واسعة لمستحضرات تفتيح البشرة وإعلانات تجميلية تُعزز هذه الصورة.
ووفقًا لتقرير أصدرته "Save the Children" عام 2023، تعرض أكثر من 45% من الأطفال في الهند لشكل من أشكال التنمر الإلكتروني.