حضور متنامٍ.. فنانات تشكيليات في المغرب يواجهن التمييز بالفرشاة

حضور متنامٍ.. فنانات تشكيليات في المغرب يواجهن التمييز بالفرشاة
معرض للفن التشكيلي - أرشيف

في محترف صغير يغمره ضوء النهار، تجلس الفنانة لبنى بنرابح أمام لوحة لم تكتمل بعد، تقول وهي تمزج الألوان بحذر: "أرسم لأن الفكرة هي التي تهمني، حتى لو رفضت قاعات العرض استقبال أعمالي". 

بالنسبة لها، لا ينفصل الإبداع عن التحدي، ولا يمكن للرقابة -سواء جاءت من المؤسسات أو من المجتمع- أن تُطفئ هذا الشغف، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الثلاثاء.

خلال العقود الأخيرة، بدأ حضور المرأة في الفن التشكيلي المغربي يتغير، إذ ظهرت أسماء شابة تفرض نفسها بقوة، وتقدم أعمالاً تعكس رؤيتها الخاصة وهمومها الذاتية. 

لكن الطريق ليس سهلاً؛ فالتمييز ما يزال قائماً، سواء بشكل مباشر كاختزال الفنانة في كونها امرأة، أو بشكل غير مباشر عبر العقبات البنيوية التي تواجه كل الفنانين، من قلة الدعم إلى ندرة فضاءات العرض.

لبنى بنرابح الباحثة في علم اجتماع الفن ترى أن النساء يواجهن نوعاً مركباً من التمييز: "نحن نتحمل عبء أن نكون نساء في مجال يهيمن عليه الرجال، إضافة إلى التحديات العامة التي يعانيها كل فنان في المغرب".

الجسد... ساحة معركة صامتة

بين المواضيع التي تثير حساسية في المغرب، يبقى الجسد -ذكراً كان أو أنثى- خطاً أحمر في أعين كثيرين، بعض القاعات ترفض استقبال أعمال تجسد الجسد البشري، ليس فقط استجابة للرقابة الرسمية، بل أيضاً تماشياً مع الذوق العام المحافظ. 

تروي لبنى أن هذا الموقف ليس جديداً، وتستحضر تجربة الفنان عبدالرحمن وردان في الثمانينيات الذي واجه رفضاً واسعاً حين تناول الجسد الأنثوي في لوحاته.

بالنسبة إليها، اختيار رسم الجسد ليس استفزازاً بل تفكير بصري: "إذا رُفض عرض عملي، فهذا لا يعني أنني سأتوقف عن الرسم. الفن بالنسبة لي أداة للتفكير، لا مجرد منتج للعرض".

ضيق السوق الفنية

وراء الألوان والفرش، هناك معركة اقتصادية لا تقل قسوة، فالكثير من الفنانات يجد صعوبة في العيش مع الفن، بسبب تكاليف الإنتاج وغياب سوق فنية واسعة، إضافة إلى منافسة غير متكافئة لا تعتمد دائماً على الموهبة. 

وتشتكي لبنى من ظواهر تسيء إلى المجال، مثل منتحلي صفة "فنان" الذين يبيعون لوحات لم يرسموها، مشيرة إلى أن النساء أكثر عرضة للتشكيك في مصداقيتهن.

الدعم المؤسساتي، سواء من وزارة الثقافة أو من المبادرات الخاصة، يبقى موسميًا وضعيفًا، تقول لبنى: "نحتاج إلى رؤية مؤسساتية واضحة وعادلة، تضمن شروطاً دائمة للإنتاج والعرض، بعيداً عن منطق المناسبات".

المرأة تصنع المشهد 

الفنانة حليمة الفراتي ترى أن المرأة في الفن التشكيلي المغربي لم تعد مجرد موضوع جمالي في لوحات الفنانين الرجال، بل أصبحت فاعلة تصنع المشهد بنفسها. 

"منذ النصف الثاني من القرن العشرين، بدأ نساء يتمردن على الصورة النمطية، ويدخلن بجرأة في موضوعات مثل الجسد، العلاقة بالسلطة، والعنف الرمزي".

بالنسبة لحليمة، كثير من الجيل الجديد يخوض معركة مزدوجة: معركة الإبداع، ومعركة الاعتراف. 

وتختم بعبارة تلخص المشهد: "لوحاتنا اليوم هي أيضاً بيانات مقاومة، ضد التهميش، وضد الوصاية التي جعلت المرأة -زمناً طويلاً- مجرد صورة، لا صاحبة فرشاة".




ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية