أجور لا تسمن ولا تغني.. ارتفاع خط الفقر وسقوط الطبقة العاملة في إيران
أجور لا تسمن ولا تغني.. ارتفاع خط الفقر وسقوط الطبقة العاملة في إيران
في تصريحات حديثة، أكد الأمين العام للنقابات المهنية في إيران أن الحد الأدنى للأجور لا يغطي سوى ثلث كلفة المعيشة الحقيقية للأسرة.
وتقر الأرقام الرسمية بأن خط الفقر يبلغ نحو 11 مليون تومان للأسرة الشهرية، بينما يتطلب الواقع في طهران أكثر من 35 مليون تومان، وهذه الفجوة، التي بلغت أكثر من ثلاثة أضعاف، تعكس تآكل القدرة الشرائية ولغزاً اقتصادياً واجتماعياً في آن واحد.
وعلى مدى السنوات الماضية، تراجعت قيمة الريال الإيراني بدرجة دراماتيكية بسبب العقوبات الاقتصادية وانكماش بودجة الدولة، أدى ذلك إلى ارتفاع متسارع في مستويات التضخم والغلاء، خاصة في السكن والغذاء والطاقة، فالعمال، الذين امتلكوا استقراراً وظيفياً ظاهرياً، وجدوا أنفسهم يخسرون نصف دخلهم الفعلي شهرياً، بينما الأسعار ترتفع بلا هوادة في إيران.
الركود الصناعي وصدمات الطاقة
العديد من المصانع والمنشآت الإنتاجية تواجه صعوبات جمة بسبب تقنين الكهرباء والغاز، ناهيك عن ارتفاع أسعار الوقود، وهذا الضغط الهائل على موارد الإنتاج أدى إلى تباطؤ تصاعدي في الإنفاق الاستثماري، وشهدت بعض القطاعات تأخراً في مدفوعات الأجور وتسريحاً جزئياً للعمال، ما زاد من الضغط على الأسر التي تعتمد على دخل ثابت.
يحذر خبراء الاقتصاد والسياسة من أن الحكومة الإيرانية تتراجع في الاستجابة الاجتماعية، على الرغم من حيوية الأزمة، والدعوات الحالية لرفع الأجور موصولة ببرامج إسكان للعمال، ودعم التأمين والتأمين الصحي، لكنها تعاني من بطء التنفيذ والتمويل. وفي المقابل، يهدِّد الاكتفاء بنمو اقتصادي جزئي دون حماية اجتماعية ببروز طبقة عريضة من "العمال الجدد الفقراء".
حين يفقد العاملون القدرة على إعالة أسرهم، يتراجع الإحساس بالأمان الاجتماعي وينضب الرضى السياسي، وقد شهدت إيران موجات احتجاجات عمالية في المدن الصناعية الكبرى، كما سجلت شكاوى من قطاعات النقل والتعليم والخدمات الحضرية.
دروس من تونس وتركيا
من التجارب القريبة، تعرّضت تونس وتركيا في أعوام سابقة لأزمات اقتصادیة مشابهة، حيث أدى تآكل الأجور والتضخم إلى احتجاجات عارمة وضغوط سياسية أجبرت الحكومات على معالجة شاملة، الفارق في إيران يعود إلى القيود الدولية الداخلية التي تحد من مرونة الحكومة في توفير تمويل مباشر للطبقات العاملة أو فتح باب السياسات التوسعية عبر الاقتراض أو الدعم الخارجي.
أزمة الأجور هي جزء من تحولات اقتصادية جذرية تشهدها إيران منذ نحو عقد، بدأت بالتقييد المالي، تتبعها تدهور العملة، وتنامي التضخم أكثر من 40% سنوياً.