استمرار هطول الأمطار يحصد أرواح المئات ويغرق قرى باكستان في الطين والمآسي
استمرار هطول الأمطار يحصد أرواح المئات ويغرق قرى باكستان في الطين والمآسي
تسببت أمطار موسمية غزيرة في شمال باكستان بمقتل ما يقرب من 350 شخصا خلال أيام قليلة، بينما لا يزال نحو 200 شخص في عداد المفقودين، ورغم جهود آلاف من عناصر فرق الإنقاذ المنتشرين في القرى المنكوبة، فإن استمرار هطول الأمطار اليوم الاثنين أدى إلى وقف عمليات البحث عن الجثث المدفونة تحت الطين والأنقاض.
في مقاطعة بونر، إحدى أكثر المناطق تضررا، غمرت السيول التضاريس والأودية، وجرفت الصخور كل ما في طريقها.. المتطوع نيسار أحمد، البالغ 31 عاما، يصف كيف يعمل مع آخرين منذ أيام على انتشال الجثث من تحت أنقاض 12 قرية محيت بالكامل من الخريطة.
ويقول أحمد، إن استمرار تساقط الأمطار جعل الوصول إلى الضحايا شبه مستحيل بعد أن جرفت السيول الممرات المؤقتة التي شقت لمرور الآليات.
ذعر بين السكان
مع كل زخات مطر جديدة، يتجدد الهلع بين الأهالي. غلام حسين، أحد سكان بونر، يقول إن السكان باتوا يرتعدون خوفا حتى من الأمطار الخفيفة، لأنها تذكرهم بليلة الخميس حين بدأت الفيضانات المدمرة، أما الشاب حضرت الله فيؤكد أن الأطفال والنساء يفرون إلى الجبال كلما هطلت الأمطار، في محاولة لحماية أنفسهم من كارثة جديدة.
الفيضانات لم تقتل البشر فقط، بل أودت أيضا بأعداد كبيرة من المواشي، ما أدى إلى انتشار روائح الجثث المتحللة، الأهالي يطالبون بشكل عاجل بتوفير مياه الشرب ومساعدات أساسية، بينما تحذر السلطات من مخاطر صحية جسيمة مع بقاء المياه الراكدة التي تشكل بيئة خصبة لحمى الضنك والأمراض البكتيرية.
إيصال المساعدات إلى القرى المنكوبة يواجه صعوبات هائلة، بعدما جرفت الأمطار الطرق البديلة التي شقت للوصول إلى المناطق الجبلية، مسؤول كبير في سلطة إدارة الكوارث في إقليم خيبر بختونخوا قال إن هيئة الأرصاد الجوية تتوقع استمرار الفيضانات حتى نهاية الأسبوع، ما يعني أن المعاناة مرشحة للتفاقم.
خسائر متكررة
الأحداث الأخيرة أعادت إلى الأذهان مآسي سابقة، بينها فيضانات عامي 2010 و2022 التي خلفت دمارا واسعا وأزمات إنسانية طويلة الأمد، وفي الأسبوع الماضي فقط، لقي سبعة متطوعين حتفهم في منطقة غلغت بلتستان بعدما طمرهم انهيار طيني أثناء محاولتهم إعادة ربط قريتهم بشبكة المياه التي تضررت من فيضانات سابقة.
وبحسب السلطات، فإن شدة الأمطار هذا العام فاقت ما سجل في 2024 بنسبة تتراوح بين خمسين وستين في المئة، ومنذ بداية موسم الأمطار الموسمية أواخر يونيو، تجاوز عدد القتلى 650 شخصا بينهم نحو مئة طفل، كما أودت الفيضانات في الشطر الهندي من كشمير بحياة ستين شخصا على الأقل.
تعيش باكستان، التي يقطنها أكثر من 255 مليون نسمة، في خط المواجهة الأول مع التغير المناخي، فهي واحدة من أكثر دول العالم تأثرا بتداعيات الظواهر المناخية المتطرفة، تتراوح هذه التداعيات بين الفيضانات العارمة وانفجار البحيرات الجليدية والجفاف غير المسبوق.
وتثير الكوارث المتكررة أسئلة كبرى حول جاهزية البنية التحتية المحلية، ومستقبل ملايين العائلات التي تفقد منازلها وموارد رزقها كل عام مع تجدد الفيضانات.