أزمة صحية مفاجئة.. مرض غامض يضرب قاعدة عسكرية إسرائيلية ويثير استياء الأهالي

أزمة صحية مفاجئة.. مرض غامض يضرب قاعدة عسكرية إسرائيلية ويثير استياء الأهالي
نقل جنود مصابين للعلاج

شهدت قاعدة "بيسلا" العسكرية في صحراء النقب، التي تضم كلية الدفاع الجوي التابعة للجيش الإسرائيلي، أزمة صحية غير مسبوقة بعدما أُصيب عشرات الجنود والمتدربين بأعراض مرضية غامضة وصفتها وسائل الإعلام العبرية بأنها "غير عادية"، وأثارت قلقاً واسعاً لدى أهالي الجنود وأعادت إلى الواجهة تساؤلات حول واقع الرعاية الطبية والبيئة الصحية داخل المعسكرات الإسرائيلية.

وفق تقارير القناة 12 العبرية نشرت، اليوم الخميس، سجّل نحو 40 جندياً متدرباً و10 موظفين إصابات حادة بأعراض تشمل القيء والإسهال، ما استدعى تدخلاً طبياً عاجلاً، وفتحت قيادة الجيش تحقيقاً موسعاً لمعرفة مصدر المرض، حيث شملت الفحوصات عينات من الطعام والمياه، إلى جانب إجراء كشف وبائي داخل القاعدة.

وبحسب شهادة والدة أحد المصابين، فإن الجنود "يتقيؤون بلا توقف ويُتركون في حالة جفاف قبل أن يُعرضوا على طبيب"، مضيفةً أن "الأوضاع خرجت عن السيطرة". هذه الإفادات الشعبية سلطت الضوء على قلق الأهالي إزاء غياب الشفافية والتأخير في التعامل مع الأزمة.

رغم التعهد الرسمي من قبل الناطق باسم الجيش الإسرائيلي بأن "صحة الجنود هي الأولوية القصوى"، إلا أن التكتّم على التفاصيل الدقيقة أثار تساؤلات داخل المجتمع الإسرائيلي. الجيش أكد تعليق معظم الأنشطة التدريبية مؤقتاً لحين انتهاء الفحوصات، مشدداً على أن التحقيقات تشمل مصادر الغذاء والمياه والبنية التحتية الصحية.

حوادث سابقة

لم تكن هذه الحادثة معزولة، إذ كشفت القناة 12 عن وقوع أزمات صحية مشابهة خلال الأسابيع الأخيرة في قواعد عسكرية أخرى، وفي إحدى القواعد الاستطلاعية جنوب إسرائيل، اشتكى الجنود من سوء التغذية وفساد الطعام وتهالك المرافق الصحية، في حين اضطرت قاعدة أخرى في منطقة إيلوت إلى العمل دون كهرباء ومياه أثناء موجة الحر الشديد بسبب عطل فني.

جنود تحدّثوا عن واقع يومي "مليء بالذباب والصراصير" داخل المطاعم العسكرية، وعن حالات إسهال متكررة تُجبرهم على اللجوء للمستشفى، وأضافت شهادات الأهالي صوراً صادمة منها "جثة حمامة قرب المطبخ، صراصير تحيط بالطعام، ومراحيض قذرة تُجبر الفتيات على تنظيفها بأنفسهن".

وتشير التحليلات الأولية إلى أن تفشي الأعراض المرضية قد يرتبط بتلوث غذائي أو مائي ناتج عن ضعف أنظمة الرقابة الصحية، فقد عكست الصور والتقارير المسربة من القواعد العسكرية بيئة تفتقر إلى المعايير الصحية الدنيا حيث تظهر أكوام قمامة لم تُرفع، تهوية معدومة في ظل الحر الشديد، وانقطاع للكهرباء، ما فاقم من سوء ظروف التخزين والطهي.

خبراء الصحة العامة يرون أن هذه المعطيات تشكل بيئة خصبة لانتشار الأمراض المعوية، خاصة بين الجنود الذين يعيشون في أماكن مكتظة وتحت ضغط بدني ونفسي عالٍ.

تداعيات إنسانية وعسكرية

الأزمة الصحية لا تُقاس فقط بعدد المصابين، بل بانعكاساتها على الجاهزية العسكرية، فتعليق الأنشطة التدريبية في كلية الدفاع الجوي، وهي من الوحدات الحساسة في الجيش، يبرز حجم التأثير المباشر على منظومة الاستعداد القتالي، كما أن فقدان ثقة الجنود وأهاليهم بالمؤسسة العسكرية قد يُترجم إلى احتجاجات وضغط شعبي على القيادة السياسية والعسكرية.

تصريحات الأهالي التي نقلتها وسائل الإعلام تكشف عمق القلق الشعبي: والدة جندي وصفت الصور بأنها "مرعبة"، مشيرة إلى مشاهد "مراحيض قذرة وجثث طيور قرب المطبخ"، أما والدة مجندة أخرى فأكدت أن "الحر الشديد وانعدام التكييف والإرهاق المستمر تعرّض الجنود للإغماء والمرض".

هذه الأصوات تعكس فجوة متنامية بين خطاب الجيش الرسمي حول "الأولوية لصحة الجنود" وبين التجارب اليومية التي ينقلها الجنود وأسرهم.

بين الحرب والصحة النفسية

تأتي الأزمة الصحية في وقت يواجه فيه الجيش الإسرائيلي انتقادات داخلية بشأن التكتم على أعداد الجنود المنتحرين خلال حرب غزة الأخيرة، هذا السياق يربط بين أزمات الصحة الجسدية والنفسية، حيث يواجه الجنود تحديات معقدة تمتد من ميدان القتال إلى ظروف المعيشة داخل القواعد.

التقارير الحقوقية والإعلامية تؤكد أن البيئة العسكرية الحالية تجمع بين الضغط النفسي والمعيشي والصحي، ما يرفع احتمالية تكرار أزمات مشابهة في المستقبل إن لم تُعالج جذورها.

التاريخ القريب للجيش الإسرائيلي يسجل عدداً من الحوادث المشابهة، أبرزها تفشيات التسمم الغذائي في معسكرات التدريب خلال العقدين الماضيين، فضلاً على انتقادات دائمة تتعلق بجودة التغذية وظروف المعيشة، ورغم تعهدات متكررة بالإصلاح، فإن الوثائق والصور الحديثة تعكس استمرار المشكلات البنيوية.

المرض الغامض الذي ضرب قاعدة بيسلا لم يكن حادثة صحية عابرة، بل جرس إنذار حول واقع البنية التحتية والرقابة الصحية في الجيش الإسرائيلي. شهادات الجنود والأهالي، إلى جانب الصور الموثقة، تكشف بيئة تعاني من سوء النظافة والإهمال، ما يهدد صحة الأفراد وجاهزية الجيش على السواء.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية