فرقة "نيكاب" الأيرلندية تلغي جولتها الأمريكية احتجاجاً على "اضطهاد الحكومة البريطانية"

فرقة "نيكاب" الأيرلندية تلغي جولتها الأمريكية احتجاجاً على "اضطهاد الحكومة البريطانية"
فرقة "نيكاب" الأيرلندية

أعلنت فرقة الراب الأيرلندية الشمالية "نيكاب" إلغاء جولتها الموسيقية في الولايات المتحدة، التي كانت مقررة في أكتوبر المقبل، وذلك في ظل محاكمة أحد أعضائها أمام القضاء البريطاني بتهمة دعم "حزب الله".

وقالت الفرقة في بيان عبر منصة "إكس" إن اقتراب موعد جلسة الاستماع المقبلة في محكمة لندن من توقيت الجولة، إلى جانب ما وصفته بـ"حملة الاضطهاد المستمرة من الحكومة البريطانية"، دفعها إلى اتخاذ قرار الإلغاء، وأضافت: "حين نكسب قضيتنا، وهو ما سنفعله، سنعود بجولة أكبر لجمهورنا حول العالم".

محاكمة موسيقي بتهمة "الإرهاب"

المحاكمة التي تواجهها الفرقة تعود إلى واقعة رفْع عضوها ليام أوهانا، المعروف باسم "مو شارا"، لعلم "حزب الله اللبناني" خلال حفل موسيقي في لندن عام 2024 وتعتبر المملكة المتحدة الحزب تنظيماً إرهابياً، ما دفع السلطات إلى ملاحقة أوهانا قضائياً بتهمة ارتكاب "جريمة إرهابية".

وقد مثل الفنان أمام المحكمة الأسبوع الماضي وسط دعم مئات من المؤيدين الذين احتشدوا أمام قاعة الجلسات. وأُفرج عنه لاحقاً على أن تُستكمل القضية في 26 سبتمبر المقبل.

بين المنع والدعم الشعبي

رغم تعقيدات القضية، واصلت "نيكاب" جولاتها الموسيقية التي بيعت تذاكرها بالكامل، ومنها مشاركتها في مهرجان "غلاستونبري" الشهير في يونيو الماضي، حيث وجهت اتهامات علنية لإسرائيل بارتكاب "جرائم حرب" في غزة.

لكن هذه المواقف أدت أيضاً إلى تضييق الخناق على نشاطاتها؛ فقد ألغت الحكومة المجرية مشاركتها في مهرجان موسيقي في بودابست، ما دفع الفرقة لإحياء حفلة بديلة تحت حراسة مشددة في مهرجان "روك آن سين" قرب باريس، وسط انتقادات متواصلة للحرب على غزة.

انسحاب داعمين ماليين

قرار الفرقة أثار بدوره ردود فعل سياسية واقتصادية في أوروبا، فقد سحبت مدينة سان كلو الفرنسية منحة قدرها 40 ألف يورو من المهرجان الذي استضاف "نيكاب"، كما أعلنت منطقة إيل دو فرانس وقف تمويلها لدورة 2025، في خطوة غير مسبوقة تشير إلى اتساع الضغوط السياسية التي تواجهها الفرقة.

من صرخة فنية إلى قضية أممية

لم تبدأ قصة "نيكاب" مع هذه الأزمة، فالفرقة التي تأسست عام 2017 برزت سريعاً كأحد الأصوات الأكثر إثارة للجدل في المشهد الموسيقي الأوروبي، ويغني أعضاؤها الثلاثة غالباً باللغة الغيلية، ويعتبرونها رمزاً للمقاومة الثقافية في وجه "الهيمنة البريطانية"، ويربطونها بالدعوة إلى إعادة توحيد أيرلندا.

عام 2024، حققت الفرقة نقلة نوعية مع إصدار ألبومها "فاين آرت" وفيلم وثائقي درامي بعنوان "نيكاب" عُرض في مهرجان "ساندانس" الأمريكي وفاز بجوائز، كما لقي صدى واسعاً في فرنسا ودول أخرى.

الفن تحت نيران السياسة

قضية فرقة "نيكاب" تكشف عن التوترات المتزايدة بين حرية التعبير الفني والاصطفافات السياسية في أوروبا، فبينما يرى أنصار الفرقة أنها تدفع ثمن مواقفها المناهضة لإسرائيل والمؤيدة للقضية الفلسطينية، تعتبرها الحكومات المتحالفة مع تل أبيب صوتاً مقلقاً يتجاوز حدود الفن إلى المجال السياسي.

ويشير مراقبون إلى أنّ محاكمة أوهانا تأتي في سياق أوسع من تشديد قوانين مكافحة "الإرهاب" في بريطانيا، والتي توسّعت في السنوات الأخيرة لتشمل رموزاً وشعارات سياسية مثيرة للجدل، وفي المقابل، تحظى "نيكاب" بتعاطف متزايد بين جمهور شبابي يرى في موسيقاها خطاباً ضد الاستعمار والتمييز، بل وصوتاً يتقاطع مع قضايا التحرر والعدالة العالمية.

بينما تنتظر "نيكاب" الفصل في قضية عضوها أمام محكمة لندن، يظل السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت هذه الأزمة ستؤدي إلى تقييد مسيرتها الفنية أو إلى تعزيز صورتها كفرقة "متمردة" تقف في مواجهة السلطة، في كلتا الحالتين، تبدو قصتها مثالاً صارخاً على تقاطع الفن بالسياسة، وكيف يمكن للأغنية أن تتحول إلى ساحة مواجهة تعكس الانقسامات الأوسع في العالم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية