أطفال يحتضرون تحت حصار متواصل.. ارتفاع ضحايا المجاعة في غزة إلى 303
أطفال يحتضرون تحت حصار متواصل.. ارتفاع ضحايا المجاعة في غزة إلى 303
أعلنت مؤسسات صحية في قطاع غزة تزايد حصيلة ضحايا المجاعة إلى 303 شخصاً، بينهم 117 طفلاً، في مؤشر صارخ على بلوغ الأزمة الإنسانية ذروتها بعد أكثر من 22 شهراً من الحرب والحصار، فيما أعلنت جهات أممية رسمياً عن وقوع مجاعة في أجزاء من القطاع، تقول وكالات إغاثة إن الأرقام مرشّحة للارتفاع إذا لم يُسمح بعمليات إنسانية سريعة ومنسقة على نطاق واسع وفق منظمة الصحة العالمية.
أرقام ومشهد ميداني
التقرير الصحي الذي نشرت خلاصته وسائل إعلامية وصدر عن منظومات طبية محلية يشير إلى تسجيل وفيات مباشرة ناجمة عن الجوع وسوء التغذية الحاد، مع تسجيل حالات هبوط حاد في الأوزان لدى الأطفال وسلسلة حالات دخول المستشفيات لأمراض مرتبطة بسوء التغذية، في الوقت نفسه، حذّر خبراء الغذاء من أن أكثر من نصف مليون شخص يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، وأن مناطق أوسع معرضة للتحول إلى حالات مجاعة إذا لم تتوفر إمدادات عاجلة ومأمونة.
أسباب متنوعة
تحلل منظمات إنسانية سبب المجاعة إلى مزيج من العوامل التي تركزت في ثلاث نقط رئيسية: الأول إغلاق واسع للمعابر وقيود على دخول الغذاء والوقود والأدوية، والثاني تدمير ممنهج للبنى التحتية الحيوية بما فيها مطاحن ومخابز ومستودعات طعام ومزارع، والثالث عوائق أمنية ولوجستية وعملياتية أمام فرق الإغاثة أدت إلى تأخر وصول المساعدات أو تشتتها أو نهبها في بعض النقاط، وقد وثقت منظمات حقوقية منذ أشهر سياسات وإجراءات أفضت إلى تقليص متعمد لقدرة السكان على الحصول على الاحتياجات الأساسية، واعتبرت أن ذلك أسهم في دفع أجزاء من السكان إلى خط المجاعة.
الأطفال أول الضحايا: أرقام وصدمات طبية
المنظمات المتخصصة بحماية الأطفال حذّرت من موجة وفيات بين الأطفال دون الخامسة مع ارتفاع حالات سوء التغذية الحاد، وقد أفادت تقارير مراكز علاج التغذية بزيادة كبيرة في أعداد الأطفال الذين يحتاجون إلى تغذية علاجية متخصصة، في وقت تكاد تختفي لدى المرافق الطبية سلع حيوية مثل الحليب الطبي والمغذيات الجاهزة، وقد دعت منظمات مثل اليونيسف و"سيف ذي تشيلدرن" إلى وقف النار وتوفير قوافل طبية وغذائية مخصصة للأطفال على وجه السرعة.
ردود فعل المنظمات الحقوقية والدولية
أدانت هيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوقية أخرى ما وصفته بسياسات من شأنها "استعمال التجويع كسلاح" ضد المدنيين، وناشدت لإجراءات فورية لرفع القيود وتسهيل مرور المساعدات، كما أصدرت الأمم المتحدة تحذيرات قوية وأكدت أن المعطيات التي جمعها خبراء الإغاثة ترقى إلى إعلان مجاعة في مناطق محددة، وهو ما استدعى طلبات علنية لوقفٍ فوري في الأعمال العسكرية وفتح ممرات إنسانية آمنة، وفي المقابل، نفت جهات إسرائيلية اتهامات الاستخدام المتعمد للمجاعة كأداة حرب، وأشارت إلى صعوبات أمنية وادعاءات عن سرقات وتلاعب بعمليات التوزيع.
الأطر القانونية
قواعد القانون الدولي الإنساني تحظر استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحروب، وتحمي المدنيين ومصادر معيشتهم من الهجوم أو التدمير، وتشير اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتفاقيات الدولية بوضوح إلى أن استهداف أو حرمان السكان من الأغذية والموارد الأساسية قد يرقى إلى جريمة حرب، وفي الحالات المنهجية الواسعة قد تتصل جرائم ضد الإنسانية أو أفعال اضطهاد، كما أن جهات قضائية دولية تواصل عمليات التحقيق المتعلقة بانتهاكات في سياق هذه الحرب، ما يجعل ملف التجويع مساراً محتملاً لمساءلات لاحقة في المحافل الدولية.
التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية طويلة الأمد
المجاعة لا تقتصر في أضرارها على حالات وفاة فورية، بل تترك أثراً طويل الأمد في صحة الناجين، خاصة الأطفال الذين يتعرضون لمضاعفات نمو خطيرة، وفقدان سنوات تعليم، وتدمير القدرة الاقتصادية للأسرة والمجتمع، وتدمير سلاسل الغذاء المحلية والزراعة والثروة السمكية يعني أن إعادة البناء ستتطلب دعماً اقتصادياً وتقنياً بعيد المدى، فضلاً عن ثقة معطوبة بين السكان والمزودين، وتظهر الشواهد التاريخية على مجاعات مرتبطة بالحروب أن التعافي يتطلب عقوداً من الجهود المركزة.
عوائق الوصول والحلول المقترحة من المجتمع الإنساني
المنظمات الإنسانية تقول إن هناك عوائق مفصلية منها إغلاق المعابر، والقيود على الوقود، وتهديدات أمنية لفرق التوزيع، وافتقار إلى آليات رقابة للحد من السرقة والنهب، تقترح تلك المنظمات خطوات عملية تشمل فتح معابر آمنة وموثوقة تحت إشراف دولي، توفير وقود كافٍ لتشغيل مرافق المياه والطبخ والمستشفيات، إتاحة واردات طعام تجارية منتظمة بجانب قوافل الطوارئ، ونشر فرق لتقييم التغذية بسرعة، إضافة إلى اتفاق فوري على وقف النار لفترات كافية لتنفيذ عمليات إنسانية شاملة، كما تؤكد المنظمات أن هذه الإجراءات وحدها قادرة على خفض معدلات الوفيات بسرعة إن نُفذت دون عوائق.
مآلات محتملة وخيارات سياسية
ثمة سيناريوهات متباينة متوقعة وفق المنظمات الإنسانية منها تنفيذ تحرك إنساني فوري واسع يوقف ارتفاع الوفيات، أو استمرار القيود والعمليات العسكرية ما يزيد من رقعة المجاعة ويحوّل الأزمة إلى كارثة مفتوحة على مدى سنوات، مشددة أن الحل السياسي المستدام يعتمد على وقف دائم لإطلاق النار، واتفاقات موثوقة لإدخال المساعدات، وضمانات دولية لإعادة بناء البنى الغذائية والصحية، وأن أي حل جزئي يبقى هشاً ما لم يضمن حماية المدنيين ومساءلة من يعرقل وصول الأغذية والمساعدات.