تهديد ناشطين إيرانيين بعد تداول فيديو الاعتداء على باعة جائلين في قزوين
تهديد ناشطين إيرانيين بعد تداول فيديو الاعتداء على باعة جائلين في قزوين
تعرّض عدد من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في إيران، لرسائل تهديد مباشرة بعد إعادة نشر مقطع فيديو يُظهر التعامل العنيف والاعتداءات على باعة جائلين في مدينة قزوين شمال غربي البلاد.
وكشفت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم الثلاثاء، أن الرسائل التي جاءت من حسابات مجهولة وواسعة المتابعة، تضمنت عبارات مثل: "سيحين دورك أيضًا"، في محاولة لبث الرعب بين من يجرؤ على تداول مثل هذه المقاطع.
وأفادت "إيران إنترناشيونال" أن التهديدات لم تقتصر على الرسائل الإلكترونية، بل وصلت إلى طباعة صور وجوه بعض الأشخاص وإرسالها إليهم بهدف الترهيب.
وأكد الناشط السياسي الإيراني إيمان آقاياري، أن هذه الممارسات تمثل أسلوبًا واضحًا لترهيب الأصوات المعارضة، مشيراً إلى أن السلطات القضائية تحاول التنصل من مسؤوليتها عبر الحديث عن "إسناد الأمور إلى مقاولين"، ما يلقي باللوم بعيداً عن الأجهزة الرسمية.
تورط مؤسسات رسمية
وكشف آقاياري أن هذه الحادثة تعكس طبيعة آليات السلطة في إيران، حيث تُترك مساحة لجماعات تعمل خارج الأطر القانونية لكنها تستفيد من حماية النظام.
وأثار الفيديو الذي وثّق الاعتداء الوحشي على باعة متجولين من قبل موظفي بلدية قزوين، موجة غضب عارمة على وسائل التواصل الاجتماعي دفعت قائد شرطة المدينة إلى الإعلان عن اعتقال ستة موظفين من البلدية على خلفية الحادثة.
وانتقد اتحاد العمال الأحرار في إيران موقف النيابة العامة في قزوين، واصفًا إياه بـ"المعكوس وغير العادل"، وأكد في بيان أن ما جرى لم يكن مشاجرة بين طرفين بل اعتداء وحشي نفذه جهاز حكومي يُعرف بسمعته القمعية ضد الباعة الجائلين.
وشدد البيان على أن قمع هؤلاء الباعة يمثل "جريمة تُرتكب من قِبل عناصر مؤسسة تابعة للحكومة"، داعيًا إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات بدلاً من تبريرها.
تبريرات قضائية
في المقابل، أعلنت السلطة القضائية في قزوين أن ما قامت به البلدية جاء "في إطار القانون" لحماية حقوق المواطنين، لكنها اعترفت في الوقت نفسه بأن المواجهة كانت "خارج الضوابط"، وأكدت فتح ملف قضائي للتحقيق في الحادثة.
ورأى حقوقيون أن هذا التناقض في الموقف الرسمي يعكس محاولة للتهرب من المسؤولية مع الإبقاء على سياسة التضييق ضد العاملين في السوق غير الرسمي.
يُشار إلى أن توسع سوق العمل غير الرسمي في إيران يُعد نتيجة مباشرة للفقر البنيوي وتفاقم الأزمات المعيشية، فقد اضطر عشرات الآلاف من الإيرانيين، بسبب غياب فرص العمل المستقرة وارتفاع معدلات البطالة، إلى اللجوء إلى البيع المتجول والأعمال الهامشية لتأمين لقمة العيش.
ويعكس الاعتداء الأخير في قزوين صورة واسعة عن الأزمة الاقتصادية العميقة التي تواجهها البلاد، حيث يتحول الباعة الجائلون إلى ضحايا مزدوجين.. ضحايا للفقر وضحايا للقمع.











