تشويه ومضايقات.. تصاعد العنف الرقمي ضد النساء في شمال وشرق سوريا
تشويه ومضايقات.. تصاعد العنف الرقمي ضد النساء في شمال وشرق سوريا
يتعرض المجتمع في شمال وشرق سوريا لأشكال متنوعة من العنف في الفضاءين الواقعي والرقمي، في حين تبقى النساء الفئة الأكثر عرضة لهذه الانتهاكات، خاصة في بيئة رقمية باتت تُستغل لتوجيه حملات تشويه وتضليل ومضايقات منهجية.
وتشير شهادات نسائية متزايدة إلى أن العنف الإلكتروني أصبح أداة جديدة تمارسها جهات مختلفة لإضعاف النساء، عبر استخدام صورهن وبياناتهن واستغلال ظروفهن الاقتصادية والاجتماعية، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة، اليوم الثلاثاء.
وأوضحت رئيسة دار المرأة في تل تمر، هدلة عبد الوهاب، أن قضايا العنف الرقمي لا تُصنّف ضمن اختصاص محكمة الأسرة، بل تُحال مباشرة إلى محكمة العدالة الاجتماعية، في حين تتولى دار المرأة متابعة الملفات التي تكون المرأة طرفاً فيها.
وأشارت إلى أن المشكلة تتجاوز مجرد إساءة فردية، إذ تتحول المنصات الرقمية إلى ساحات ضغط وابتزاز، تُستخدم فيها صور ومقاطع مُصطنعة أو حقيقية لتشويه السمعة أو تهديد النساء والنيل من مكتسباتهن الاجتماعية.
استهداف النازحات
كشفت عبد الوهاب عن أساليب عديدة تُستخدم لاستهداف النساء عبر الإنترنت، مؤكدة أن جهات محددة تتعمّد استغلال الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها بعض النساء، ودفعهن إلى أعمال لا يرغبن فيها مقابل المال، ما يضعهن في دائرة عنف وضغط مستمر.
وأضافت أن الاستهداف يزداد حدّة تجاه النازحات، إذ يسعى البعض لإقامة علاقات معهن، وعند الرفض تبدأ حملات تشويه السمعة، باستخدام صور ومقاطع تُلتقط أو تُنشر دون علمهن، وغالباً ما تكون من داخل دمشق أو مناطق أخرى، ما يضع الضحايا أمام تهديدات مباشرة وانتهاكات قاسية.
وتحمّل عبدالوهاب ضعف الوعي وانتشار الخوف من الفضيحة مسؤولية تفاقم المشكلة، مؤكدة أن كثيراً من النساء لا يلجأن إلى المؤسسات الأمنية أو منظمات المرأة طلباً للحماية، رغم أن هذه المؤسسات موجودة ولديها آليات دعم فعالة.
وتطالب بضرورة تكثيف حملات التوعية، مشيرة إلى أن دار المرأة ومؤتمر ستار شرعا فعلاً بتنظيم جلسات تثقيف للأسر والنساء حول خطورة هذه الممارسات وكيفية التصدي لها، مؤكدة أن حماية المجتمع تبدأ من تعزيز الوعي داخل الأسرة.
انتشار الابتزاز الإلكتروني
من جانبها، أوضحت زهراء أمين، المقيمة في تل تمر، أن العنف الرقمي يشهد تصاعداً ملحوظاً ضد النساء، خصوصاً عبر الابتزاز العاطفي.
وتروي أن العديد من النساء يتعرضن لتهديدات مباشرة بنشر صورهن أو بيعها، بعد أن يُوهمهن بعض الرجال بعلاقات “حب”، قبل أن تُستخدم الصور ضدهن بهدف الضغط أو التحكم أو الإذلال.
وتشير إلى أن هذا الضغط قد يدفع بعض الضحايا إلى الانخراط في أنشطة غير قانونية، منها الاتجار بالمخدرات أو استغلال الجسد، في محاولة للهروب من الفضيحة أو الاستجابة لطلبات المبتزين.
وتؤكد أن غياب قوانين رادعة خاصة بالجرائم الإلكترونية يُجهز بيئة خصبة لازدهار هذه الممارسات، مطالبة بتفعيل مواد قانونية واضحة تضمن محاسبة المتورطين.
ضرورة تطوير التشريعات
شددت المحامية روجا خليف، المسؤولة عن الإجراءات القانونية المتعلقة بالاعتداءات الرقمية، على أن العنف الإلكتروني بات يشكّل ناقوس خطر حقيقي في الإقليم، مشيرة إلى أن العقد الاجتماعي يتضمن في مادتيه 50 و51 نصوصاً تُجرّم كل أشكال العنف والتمييز ضد النساء، ومنها الابتزاز والتهديد ونشر الصور.
وأكدت خليف أن هذه المواد تُعد أساساً قانونياً فاعلاً، رغم غياب بنود خاصة بالجرائم الإلكترونية حتى الآن.
وأوضحت أن تقديم الشكاوى يبقى العقبة الكبرى، حيث تمنع التقاليد الكثير من النساء من التوجه إلى العدالة خوفاً من الفضيحة أو فقدان “السمعة”، ما يؤدي أحياناً إلى حلول اجتماعية قاسية مثل تزويج الضحية من الجاني، خاصة إن كانت قاصرة.
وتبرز الحاجة إلى حملات توعية مشتركة بين منظمات المرأة والمحاميات والناجيات، بهدف بناء الثقة وتوضيح أهمية الإبلاغ القانوني.
تسهيل وصول النساء للحماية
اختتمت خليف حديثها بتأكيد ضرورة تدريب القوى الأمنية على التعامل مع هذا النوع من الجرائم التي تختلف جوهرياً عن الجرائم التقليدية وتحتاج خبرة تقنية وتحليلاً إلكترونياً متخصصاً.
وأشارت إلى أن وجود ضابطات مدرّبات يساعد على استقبال شكاوى النساء دون إحراج أو خوف، ما يشجع المزيد من الضحايا على كسر الصمت والإبلاغ، بدلاً من الانسحاب من الفضاء الرقمي أو تجنّب استخدامه تماماً.











