أصدقاء عبر الذكاء الاصطناعي.. تطبيقات جديدة لمواجهة مشكلة الوحدة
أصدقاء عبر الذكاء الاصطناعي.. تطبيقات جديدة لمواجهة مشكلة الوحدة
في زمنٍ تتسارع فيه التطورات التقنية وتزداد فيه عزلة الأفراد بفعل العمل عن بُعد، والإدمان على المنصات الرقمية، وغياب التواصل الاجتماعي التقليدي، برزت تطبيقات ذكاء اصطناعي جديدة تحمل هدفاً مغايراً لما اعتدناه.
وبدلاً من تعزيز العزلة، تسعى هذه التطبيقات إلى إعادة الناس إلى الواقع، وتشجيعهم على اللقاء وجهاً لوجه وبناء صداقات حقيقية طويلة الأم، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، الأحد.
في سان فرانسيسكو، شارك الشاب جاي تي مايسن، البالغ من العمر 25 عاماً، في عشاء مع خمسة غرباء جرى اختيارهم عبر تطبيق "222" الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي.
لم يكن الهدف مواعدة عاطفية كما هي الحال في تطبيقات تقليدية، بل بناء علاقات إنسانية قائمة على الاهتمامات والقيم المشتركة.
يقول مايسن: "ما يعجبني في التطبيق أنني أتعرف على أشخاص حقيقيين، بعيداً عن الصور الزائفة التي يختبئ الناس خلفها على الإنترنت".
بناء مجتمعات صغيرة
يرى مطورو تطبيق "222"، ومن بينهم رائد الأعمال كيان كازيميان (26 عاماً)، أن الفكرة الأساسية هي مساعدة الناس على بناء صداقات وعلاقات طويلة الأمد، بعيداً عن ثقافة "التصفح السريع" التي تكرّسها تطبيقات المواعدة التقليدية.
وتأتي هذه المحاولات في وقتٍ حذّر فيه خبراء الصحة من "وباء الوحدة"، فقد أكد تقرير للجراح العام الأميركي فيفيك مورثي أن آثار العزلة الاجتماعية على صحة الإنسان تعادل تدخين 15 سيجارة يومياً، بل وتفوق في خطورتها البدانة والخمول.
تجربة إيزابيلا إبستين، الشابة التي انتقلت إلى نيويورك عام 2021، تعكس حجم الأزمة. فقد جرّبت كل الوسائل التقليدية للاندماج الاجتماعي، لكنها انتهت إلى الشعور بالوحدة.
ومع مرور الوقت، بدأت تبني صداقات بطريقة عفوية، عبر الحديث مع غرباء في المقاهي أو الشوارع.
ومن شغفها بهذا الموضوع أطلقت تطبيق "Kndrd" المخصص لنساء نيويورك تحت سن الأربعين، والذي يتيح لهن اقتراح أنشطة مشتركة وكسر دائرة العزلة.
نموذج أعمال مختلف
على عكس معظم المنصات الرقمية التي تربح من إبقاء المستخدم أطول وقت ممكن أمام الشاشة، تقوم هذه التطبيقات على فلسفة مغايرة: تقليل الوقت الافتراضي لصالح اللقاءات الواقعية.
يقول المستثمر فيليكس أوليفييه نغانغي: "ميزة هذه التطبيقات أنها تكسب حين يلتقي الناس فعلياً، وليس حين يبقون عالقين على الإنترنت".
لا يدّعي مطورو هذه التطبيقات أن الذكاء الاصطناعي قادر على "فهم الكيمياء البشرية"، لكنه يسهم في أخذ الخطوة الأولى: الجمع بين الغرباء في مكان واحد، وترك المجال للتواصل الإنساني أن يأخذ مجراه.
وبينما يرى البعض أن الأمر تجربة اجتماعية جديدة، يؤكد آخرون أن هذه التطبيقات قد تكون أداة مهمة للتخفيف من آثار العزلة التي باتت سمة العصر الرقمي.