بعد 4 سنوات من عودة طالبان.. آلاف الأفغان يبحثون عن أبسط مقومات الحياة
بعد 4 سنوات من عودة طالبان.. آلاف الأفغان يبحثون عن أبسط مقومات الحياة
دخلت حركة طالبان مجدداً إلى العاصمة الأفغانية كابول في 15 أغسطس 2021، لتعيد إلى أذهان السكان مشاهد مؤلمة عاشوها في حقبتها الأولى ما بين عامي 1996 و2001، حيث سادت العقوبات القاسية والجلد العلني وبتر الأطراف، إلى جانب البطالة الواسعة والفقر المدقع.
ومع عودتها إلى السلطة بعد عقدين من الزمن، تكررت المآسي على نطاق أوسع، ووجد الشعب نفسه عالقاً بين انعدام الأمن والانهيار الاقتصادي وفقدان أبسط مقومات الحياة، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الاثنين.
تدفقت الجماهير إلى مطار كابول في الأيام الأولى لسيطرة طالبان، في مشاهد مأساوية اختلط فيها الخوف باليأس، وواجه المدنيون تفجيراً انتحارياً، وقصفاً أمريكياً، وعمليات دهس واختفاء أطفال، وصولاً إلى سقوط شبان من أجنحة الطائرات العسكرية في محاولة يائسة للهروب.
ومثلت هذه الأحداث بداية موجة نزوح جديدة، إذ باع كثيرون ممتلكاتهم بأبخس الأثمان للهرب نحو إيران، باكستان، ألبانيا، أو انتظار مخرج عبر الدول الأوروبية، بينما ظل آخرون عالقين بلا مصير واضح، يواجهون التهديد بالموت أو الاعتقال في الداخل.
حرمان من العمل
فرضت طالبان سيطرتها على مؤسسات الدولة من خلال تقليص أعداد الموظفين إلى الحد الأدنى، وإجبار من تبقى منهم على حضور دروس دينية يومية تحت إشراف وزارة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".
ويكفي التغيب عن ثلاث جلسات فقط حتى يواجه الموظف تهديداً بالفصل أو الاعتقال، أما النساء العاملات فقد فقدن معظم وظائفهن، ولم يتبق منهن سوى قلة في قطاعي الصحة والتعليم، دون الحصول على رواتب منذ أشهر.
واضطر الرجال المسرّحون إلى العمل كسائقي أجرة أو باعة متجولين، لكن حتى هؤلاء لم يسلموا من تضييق طالبان التي تجبرهم على دفع مبالغ مالية يومياً للسماح لهم بالعمل، وتعتقل الفقراء منهم لساعات أو أيام.
الخبز والدواء حلم بعيد
تجسد قصة شهلا فايض، وهي أم لستة أطفال، عمق المأساة الإنسانية. زوجها الذي كان يخدم في الجيش السابق هرب إلى إيران منذ أربع سنوات ولا تعلم شيئاً عن مصيره.
تقول شهلا: "أبقى خارج المنزل حتى منتصف الليل أبحث عن لقمة لأطفالي. أعود أحياناً لأجدهم نائمين جائعين، ودموعهم ما تزال على وجوههم. ابنتي مريضة، ولا أملك ثمن دوائها، أما طعامنا فغالباً لا يتجاوز الخبز اليابس"، مضيفة أنها تعيش في خوف دائم من اعتقالها كبائعة متجولة في شوارع كابول.
وبعد مرور أربع سنوات على عودة طالبان، ما يزال الشعب الأفغاني يرزح تحت أزمات مركبة: قمع سياسي، فقر اقتصادي، تفكك اجتماعي، وغياب أفق للمستقبل.
كفاح من أجل البقاء
النساء والأطفال هم الفئة الأكثر تضرراً، محرومون من التعليم والعمل والحق في العلاج، بينما أصبح الكفاح من أجل البقاء وصون الكرامة الإنسانية جزءاً من تفاصيل الحياة اليومية.
ورغم كل هذا السواد، يبقى الأمل في التغيير حاضراً في نفوس كثير من الأفغان، الذين يصرون على الصمود والمقاومة، ولو بأبسط الوسائل، في مواجهة واقع لا يرحم.










