على الحدود الإيرانية.. إنقاذ 1600 مهاجر أفغاني من الموت تجمداً

على الحدود الإيرانية.. إنقاذ 1600 مهاجر أفغاني من الموت تجمداً
الثلوج تكسو منطقة حدودية بين إيران وأفغانستان

شهدت المناطق الحدودية الشرقية لإيران خلال الأسبوع الماضي ظروفا مناخية قاسية، تميّزت بتساقط كثيف للثلوج وانخفاض حاد في درجات الحرارة، ما حوّل مسارات العبور غير الرسمية إلى مناطق شديدة الخطورة تهدد حياة العابرين.

وأعلنت السلطات الإيرانية تنفيذ واحدة من أوسع عمليات الإنقاذ الإنسانية في تلك المناطق، بعد تعرّض مئات المواطنين الأفغان لخطر التجمّد أثناء محاولتهم دخول البلاد بطرق غير نظامية.

وأفادت وكالة مهر للأنباء الخميس بأن العميد سعيد منتظر المهدي صرّح بأن قوات حرس الحدود التابعة لفوج تايباد نفذت عمليات إنقاذ مكثفة خلال موجة البرد الأخيرة، وأوضح أن أكثر من 1600 مواطن أفغاني كانوا يحاولون عبور الحدود عبر منافذ غير رسمية، وجدوا أنفسهم في مواجهة خطر حقيقي تمثّل في التجمّد والموت نتيجة الطقس القارس.

وأضاف المسؤول الإيراني أن عناصر حرس الحدود تحركوا فور رصد الحالات الإنسانية، مستخدمين جميع الإمكانات المتاحة لإنقاذ المهاجرين العالقين، في ظل ظروف طبيعية صعبة وتعقيدات ميدانية فرضتها الثلوج الكثيفة وتضاريس المنطقة الحدودية الوعرة.

تفاصيل العمليات الميدانية

بحسب العميد منتظر المهدي، شاركت قوات حرس الحدود التابعة لفوج فرج في تنفيذ عمليات الإنقاذ، حيث جرى العثور على مجموعات كبيرة من العابرين المنهكين بفعل البرد ونقص وسائل الحماية، وأشار إلى أن القوات استخدمت وسائل التدفئة المتوفرة، وقدّمت إسعافات أولية عاجلة، قبل نقل الأشخاص الذين جرى إنقاذهم إلى أماكن آمنة بعيدا عن مناطق الخطر.

وأكد أن سرعة التدخل أسهمت في تجنّب وقوع خسائر بشرية، مشيرا إلى أن كثيرين من بين هؤلاء كانوا على وشك فقدان حياتهم بسبب انخفاض درجات الحرارة وعدم امتلاكهم ملابس أو تجهيزات مناسبة لمثل هذه الظروف المناخية القاسية.

أوضح المسؤول الإيراني أن المواطنين الأفغان الذين جرى إنقاذهم عادوا إلى بلادهم بعد تحسّن الأحوال الجوية وانحسار موجة البرد، وأكد أن عملية الإعادة تمت بعد التأكد من سلامتهم الجسدية، في إطار ما وصفه بالتعامل الإنساني مع الحالات الطارئة، بعيدا عن أي إجراءات عقابية في ظل الظروف الاستثنائية التي مروا بها.

تحذيرات مسبقة ونصائح

وأشار سردار منتظر المهدي إلى أن حرس الحدود الإيراني كان قد وجّه في وقت سابق تحذيرات إلى مسؤولي الحدود في أفغانستان بشأن مخاطر العبور غير القانوني، خاصة خلال فصول الشتاء التي تشهد تقلبات مناخية حادة في المناطق الجبلية والحدودية.

كما شدد على أن السلطات الإيرانية تنصح مواطني الدول المجاورة، ولا سيما الأفغان، بضرورة استخدام القنوات الرسمية والإجراءات القانونية المعتمدة للدخول إلى إيران، لما توفره من حماية وسلامة وتجنّب للمخاطر الإنسانية التي قد تنجم عن العبور عبر المسارات غير النظامية.

وتسلّط هذه الحادثة الضوء مجددا على البعد الإنساني لأزمات الهجرة والعبور غير النظامي في المنطقة، حيث يجد آلاف الأشخاص أنفسهم مضطرين للمخاطرة بحياتهم بسبب الفقر أو انعدام الفرص أو الأوضاع الأمنية الصعبة في بلدانهم، وفي ظل هذه المعطيات، تتحول الحدود في أوقات معينة من السنة إلى مساحات مواجهة قاسية بين الإنسان والطبيعة، تتجاوز فيها المخاطر الجوانب الأمنية لتصل إلى تهديد مباشر للحياة.

ويرى مراقبون أن ما جرى على الحدود الإيرانية الأفغانية يعكس حجم التحديات التي تواجهها الدول المستقبلة والمصدّرة للمهاجرين على حد سواء، خاصة في غياب حلول شاملة تعالج الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية.

تحديات متكررة

تُعد المناطق الحدودية الشرقية لإيران من أكثر المناطق عرضة لموجات البرد القارس خلال فصل الشتاء، حيث تتكرر سنويا حوادث فقدان أو إصابات في صفوف العابرين غير النظاميين، وتؤكد مصادر محلية أن كثيرا من هؤلاء يسلكون طرقا جبلية أو صحراوية بعيدة عن الرقابة الرسمية، ما يزيد من مخاطر التعرّض للبرد أو الجوع أو الضياع.

وفي هذا الإطار، يشدد خبراء على أهمية تعزيز التعاون الحدودي بين الدول المعنية، وتكثيف حملات التوعية بمخاطر العبور غير النظامي، إلى جانب توفير بدائل قانونية أكثر مرونة للعمالة والتنقل، بما يحد من لجوء الأفراد إلى الطرق الخطرة.

تشهد الحدود بين إيران وأفغانستان منذ سنوات حركة عبور نشطة، تشمل عمالا وباحثين عن فرص اقتصادية وأشخاصا فارين من أوضاع معيشية وأمنية صعبة، وتتصاعد هذه الحركة خلال فترات الاضطراب داخل أفغانستان، ما يدفع أعدادا متزايدة إلى محاولة دخول إيران بطرق غير رسمية، في المقابل، تواجه السلطات الإيرانية تحديات أمنية وإنسانية متزايدة في إدارة هذه الحدود الطويلة والمعقدة جغرافيا، ومع حلول فصل الشتاء، تتضاعف المخاطر بسبب الطقس القاسي، ما يجعل عمليات الإنقاذ الإنسانية ضرورة ملحة لتفادي مآسٍ بشرية متكررة، في ظل غياب حلول إقليمية شاملة لأزمة الهجرة غير النظامية.

تعيش أفغانستان منذ سنوات أزمة إنسانية عميقة تدفع آلاف المواطنين إلى المخاطرة بحياتهم بحثا عن ملاذ آمن أو فرصة للعيش الكريم خارج البلاد، فبعد عقود من الحرب وعدم الاستقرار، تفاقمت الأوضاع الاقتصادية بشكل حاد، مع ارتفاع معدلات البطالة والفقر وانهيار مصادر الدخل، خاصة في المناطق الريفية. 

وتشير تقارير أممية إلى أن ملايين الأفغان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما يواجه عدد كبير من الأسر صعوبات في توفير الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء وتدفئة، لا سيما خلال فصل الشتاء القارس، ومع محدودية فرص العمل وتراجع الخدمات الصحية والتعليمية، يجد كثيرون أنفسهم مجبرين على الهجرة بطرق غير نظامية، رغم إدراكهم للمخاطر الجسيمة التي تنتظرهم على طرق العبور، من البرد القاتل إلى الاستغلال والاحتجاز، في رحلة يختلط فيها الأمل بالخوف، وتغدو فيها النجاة هدفا بحد ذاته.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية