تحرك مثير للجدل.. خطط أمريكية لإعادة صياغة حق اللجوء الدولي

تحرك مثير للجدل.. خطط أمريكية لإعادة صياغة حق اللجوء الدولي

كشفت وثيقتان داخليتان، أن الإدارة الأمريكية تخطط للدعوة إلى إعادة صياغة شاملة للنهج العالمي تجاه اللجوء، خلال فعالية مرتقبة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. 

ووفقًا للوثائق التي اطلعت عليها وكالة "رويترز"، اليوم السبت، فإن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعتزم الدفع باتجاه تقليص كبير لحق اللجوء المعترف به دولياً منذ عقود، في خطوة وصفت بأنها تهديد مباشر للإطار الإنساني الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية.

وأظهرت وثائق التخطيط أن نائب وزير الخارجية الأمريكي، كريستوفر لاندو، سيتولى قيادة الفعالية المرتقبة، وبحسب المسودة، فإن المقترح الأمريكي سيشترط على طالبي اللجوء التقدم بالحماية في أول بلد يصلون إليه، بدلًا من حرية اختيار الدولة المستضيفة

وستصبح الحماية مؤقتة، تخضع لتقدير الدولة المضيفة التي ستقرر متى يمكن إعادة اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية. هذا التحول يُعد خروجًا جذريًا عن الآليات المتبعة في الولايات المتحدة وأغلب الدول الغربية.

إعادة صياغة شاملة

وصفت إحدى الوثائق الهجرة بأنها "تحدٍ حاسم للعالم في القرن الحادي والعشرين"، واتهمت نظام اللجوء العالمي الحالي بأنه يُساء استخدامه لأسباب اقتصادية بحتة. 

ودعت الوثيقة إلى إصلاح كامل للنهج المتبع منذ عقود، بحيث يُحدّ بشكل كبير من القدرة على طلب اللجوء.

ويعكس هذا التوجه مساعي إدارة ترامب منذ عودته للسلطة لإعادة تشكيل السياسة الأمريكية تجاه الهجرة، بعد أن كان قد جمد استقبال اللاجئين عام 2017 وفرض قيودًا واسعة النطاق.

انتقادات حقوقية وتحذيرات

أثارت هذه الخطط انتقادات واسعة من منظمات حقوقية وإنسانية. فقد أكد مارك هيتفيلد، رئيس منظمة "HIAS" لإعادة توطين اللاجئين، أن الاتفاقيات العالمية القائمة "تشكل آلية حيوية لحماية المضطهدين". 

وأضاف: "حاليًا، إذا وصل أي شخص إلى حدود دولة هربًا من الاضطهاد بسبب العرق أو الدين أو السياسة، فله الحق في الحماية، لو تغير هذا الوضع، سنعود إلى المأساة التي شهدها العالم خلال المحرقة".

وأُرسيت قواعد النظام الدولي للاجئين من خلال اتفاقية جنيف لعام 1951 وبروتوكول 1967، اللذين وقّعت عليهما معظم دول العالم، لتوفير ملاذ آمن للفارين من الحروب والاضطهاد. 

ومنذ ذلك الحين، أصبح الحق في طلب اللجوء مبدأً إنسانيًا أساسياً يحمي الملايين. لكن في السنوات الأخيرة، بدأت الولايات المتحدة ودول أخرى تميل إلى مواقف أكثر تشددًا، مدفوعة بتصاعد التيارات الشعبوية والضغوط الداخلية.

أبعاد سياسية وعنصرية

أشارت وثائق الاجتماع الداخلي لوزارة الخارجية الأمريكية، الذي انعقد في 9 سبتمبر الجاري، إلى أن إدارة ترامب وضعت هدفًا رئيسيًا يتمثل في إعادة توطين "البيض من جنوب إفريقيا" من أقلية الأفريكانز ذات الأصول الهولندية. 

وأكد المسؤول البارز في شؤون اللاجئين، سبنسر كريتيان، أن هذا التوجه يحظى بأولوية قصوى من البيت الأبيض.

وكان ترامب قد دعا منذ عودته للبيت الأبيض إلى منح الأفضلية لهذه الأقلية، وفعليًا وصلت أول مجموعة من 59 لاجئًا من جنوب إفريقيا في مايو الماضي، ليرتفع العدد إلى 138 حتى الآن، بحسب مسؤول أمريكي.

ورغم هذه الجهود، لا توجد مؤشرات على دعم واسع النطاق لخطة واشنطن لإعادة تنظيم القواعد العالمية الخاصة باللاجئين، فرغم احتمال حصولها على دعم بعض الحكومات المتشددة، يبقى من الصعب إلغاء أو تعديل الاتفاقيات الدولية التي صاغها العالم بعد الحرب العالمية الثانية، والتي لا تزال تمثل صمام أمان لملايين النازحين واللاجئين حول العالم.

مستقبل غامض لحق اللجوء

في حال تبنت الأمم المتحدة المقترحات الأمريكية -وهو أمر مستبعد في المدى القريب- فإن النظام العالمي للحماية الإنسانية سيتعرض لهزة غير مسبوقة. 

وسيترك إلغاء الحق المطلق في اللجوء أو تحويله إلى حماية مؤقتة مشروطة بقرارات الحكومات المضيفة، الملايين في مواجهة مصير مجهول، ويعيد إلى الأذهان أسوأ فصول القرن العشرين، حين تُرك المضطهدون دون ملاذ آمن.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية