الأطفال في مقدمة الضحايا.. ألغام سوريا تواصل حصد أرواح النازحين

الأطفال في مقدمة الضحايا.. ألغام سوريا تواصل حصد أرواح النازحين
إزالة الألغام في سوريا

تواصل مخلفات الحرب في سوريا، حصد أرواح المدنيين في مشهد مأساوي يتكرر منذ سنوات، فقد قُتل طفلان وأصيب رجل وامرأة بجروح خطرة إثر انفجار جسم من مخلفات الحرب في محيط بلدة كناكر بريف دمشق الغربي، داخل مخيم الأعزاء الذي يضم نازحين من محافظة دير الزور. 

وتؤكد الحادثة أن الألغام والذخائر غير المنفجرة لا تزال تحول حياة المدنيين، وخاصة النازحين منهم، إلى فخ قاتل يترصدهم في كل خطوة، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان له، الجمعة.

وأكد المرصد السوري أن هذه الحادثة تأتي ضمن سلسلة طويلة من الانفجارات التي أودت بحياة المئات منذ انتهاء المعارك المباشرة. 

وأوضح أن غياب عمليات التمشيط المنظمة وعدم التزام الجهات المعنية بواجباتها جعل مساحات واسعة من الأراضي السورية حقول موت مفتوحة. 

ويشير المرصد إلى أن تكرار الإصابات في المخيمات والمزارع والطرقات الريفية يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي ما زالت قائمة رغم مرور سنوات على توقف العمليات العسكرية الواسعة.

يفاقم معاناة النازحين

يدفع النازحون، الذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم جراء الحرب، ثمناً مضاعفاً لهذا الخطر، ففي مخيم الأعزاء وحده، يعيش المئات في بيوت مؤقتة من القماش والصفيح، محاطين بمخاطر الأجسام المتفجرة المدفونة في الأرض أو المرمية بين الحقول. 

ويؤكد سكان المنطقة أن الخوف بات يرافقهم يومياً، إذ لا يستطيع الأطفال اللعب بحرية، ولا يجرؤ الكبار على زراعة أراضيهم أو رعي مواشيهم دون قلق دائم من انفجار قد يودي بحياتهم.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ سقوط النظام في الثامن من ديسمبر 2024 مقتل 618 مدنياً بسبب مخلفات الحرب، بينهم 170 طفلاً و42 امرأة، إضافة إلى إصابة 673 آخرين بجراح، بينهم 296 طفلاً و22 امرأة. 

وتعكس هذه الأرقام، وفق محللين حقوقيين، هشاشة الوضع الأمني في العديد من المناطق، حيث لم تُطلق برامج واسعة لتطهير الأرض من هذه المخاطر.

يربط الماضي بالحاضر

تعود جذور هذه الكارثة إلى سنوات الحرب التي شهدت فيها سوريا استخداماً واسعاً للقصف العشوائي والقنابل العنقودية والألغام الأرضية، ورغم المطالبات المحلية والدولية، لم تُعتمد حتى الآن خطط شاملة لإزالة هذه المخلفات. 

ويقارن ناشطون الوضع السوري بتجارب دول أخرى مثل كمبوديا والبوسنة، حيث استمرت الألغام لعقود في حصد الأرواح، لكن جهوداً دولية ضخمة ساعدت على تقليص المخاطر بشكل تدريجي، وهو ما تفتقر إليه الساحة السورية حتى اليوم.

وتطالب منظمات إنسانية بإشراك الأمم المتحدة والمنظمات المختصة في عمليات مسح شاملة للمناطق الملوثة بالألغام، وتنفيذ برامج توعية للسكان حول كيفية التعامل مع الأجسام المشبوهة. 

وتدعو إلى توفير دعم طبي عاجل لمراكز الإسعاف في المناطق الريفية، حيث يموت الكثيرون بسبب غياب الرعاية السريعة بعد الإصابات. 

ويؤكد خبراء أن استمرار الوضع الراهن يعني أن الأرقام المأساوية ستواصل الارتفاع، وأن الأطفال والنساء سيبقون الضحايا الأبرز لهذه الحرب المستمرة بصمت.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية