الألغام تبتلع حياة اليمنيين.. الاتحاد الأوروبي يحذر من "حقول الموت الخفي"

الألغام تبتلع حياة اليمنيين.. الاتحاد الأوروبي يحذر من "حقول الموت الخفي"
الألغام في اليمن

يواجه اليمنيون اليوم خطراً لا يقل فتكاً عن الحرب نفسها، إذ حذّر الاتحاد الأوروبي من أن الألغام الأرضية ومخلفات الحرب المتفجرة تواصل حصد أرواح المدنيين، محوّلةً مساحات شاسعة من البلاد إلى ما وصفه التقرير الأوروبي بـ"حقول موت خفي" تمتد من الساحل الغربي إلى الجبال الداخلية، وتعوق كل محاولات التعافي والاستقرار.

وفي تقرير أصدرته المديرية العامة للحماية المدنية والعمليات الإنسانية في الاتحاد، اليوم الخميس، أُشير إلى أن اليمن سجّل خلال العقد الماضي ثالث أعلى حصيلة لضحايا الألغام ومخلفات الحرب في العالم. وتصدّرت محافظتا تعز والحديدة قائمة المناطق الأكثر تضرراً، إذ تشكلان معاً نحو نصف إجمالي الإصابات المسجّلة في البلاد، وبيّن التقرير أن المعارك التي شهدتها المحافظتان تركت وراءها آلاف الألغام والأجسام غير المنفجرة، ما جعل حياة السكان هناك أشبه بالعيش وسط فخاخ قاتلة وفق موقع "بوابتي".

قالت رئيسة مكتب المساعدات الإنسانية التابع للاتحاد في اليمن، مورييل كورنليس، إن وجود هذه المتفجرات لا يتسبب فقط في سقوط ضحايا جدد، إنما يحرم المدنيين من أبسط مقومات الحياة، من الزراعة إلى التعليم والرعاية الصحية، وأضافت أن الفيضانات الأخيرة فاقمت الكارثة بعدما جرفت ألغاماً إلى مناطق جديدة كانت آمنة نسبياً، ما زاد من حجم الخطر ورفع عدد المتأثرين.

جهود الإغاثة والتطهير

أشار التقرير إلى أن المجلس الدنماركي للاجئين، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، يواصل تنفيذ عمليات إزالة الألغام في عدد من المحافظات، وقد تمكنت فرقه حتى الآن من تطهير أكثر من 23 ألف متر مربع من الأراضي الملوثة، وهذا العمل الدؤوب أتاح للمجتمعات المحلية استعادة جزء من أراضيها الزراعية واستئناف أنشطتها المعيشية، كما يجري تنفيذ برامج توعية لحماية المدنيين، تم خلالها تدريب أكثر من 53 ألف شخص على التعرف على الأجسام المشبوهة وتجنبها.

حذر الاتحاد الأوروبي من أن بقاء الألغام دون معالجة عاجلة يهدد بمفاقمة المعاناة الإنسانية في اليمن الذي يعيش واحدة من أسوأ الأزمات في العالم، فالمزارعون الذين يحاولون العودة إلى أراضيهم يواجهون خطر الموت في كل خطوة، والطرق التي تربط القرى بالمستشفيات والمدارس لا تزال مغلقة أو محفوفة بالمخاطر، كما أن كثيراً من النازحين لم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم بسبب التلوث الواسع للبيئة بالمتفجرات.

إرث الحرب يهدد المستقبل

الألغام في اليمن ليست مجرد بقايا حرب، بل باتت إحدى أكثر تحديات ما بعد النزاع تعقيداً، فالمناطق الزراعية تحوّلت إلى أرض محظورة، والمدارس والمراكز الصحية تقع أحياناً على مقربة من مناطق ملوثة.

وتشير التقديرات إلى أن مئات الآلاف من الألغام زرعت منذ بداية الصراع، بعضها بدائي الصنع، ما يجعل عمليات الإزالة أكثر صعوبة وخطورة.

منذ اندلاع النزاع في اليمن عام 2014، أصبحت البلاد واحدة من أكثر مناطق العالم تلوثاً بالألغام ومخلفات الحرب، وتُقدّر الأمم المتحدة أن أكثر من 11 مليون شخص يعيشون في مناطق معرضة للخطر، كما وثق المركز اليمني للأعمال المتعلقة بالألغام أكثر من 19 ألف ضحية بين قتيل وجريح منذ عام 2015.

ويُعتقد أن الألغام زرعت بكثافة في محيط المدن وفي الأراضي الزراعية وعلى الطرق الريفية، وتواجه فرق التطهير صعوبات هائلة بسبب ضعف الإمكانيات وتدهور البنية التحتية وانعدام الأمن.

ووفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يحتاج اليمن إلى ما لا يقل عن عقد كامل لإزالة الألغام إذا استمرت الجهود بالمعدلات الحالية، ما يعني أن خطر الموت سيظل كامناً تحت أقدام اليمنيين لسنوات قادمة. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية