مع تصاعد الجدل الدولي.. تزايد الضغوط على ألمانيا بسبب دعمها المتواصل لإسرائيل
مع تصاعد الجدل الدولي.. تزايد الضغوط على ألمانيا بسبب دعمها المتواصل لإسرائيل
شهدت ألمانيا تصاعداً ملحوظاً في الضغوط الداخلية والخارجية عليها للانضمام إلى الجهود الأوروبية الرامية إلى فرض عقوبات على إسرائيل بسبب حربها المستمرة في قطاع غزة.
ووجدت برلين نفسها في موقع عزلة سياسية متزايدة بعد أن اعترفت عدة دول أوروبية وغربية بدولة فلسطين، ما فتح نقاشاً واسعاً حول مستقبل السياسة الألمانية التي ارتبطت تاريخياً بدعم إسرائيل، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الاثنين.
هذا النقاش جاء عشية قمة أوروبية مقررة في كوبنهاغن مطلع أكتوبر، حيث سيكون على المستشار الألماني فريدريش ميرتس تحديد الموقف الرسمي لبلاده.
وأوضحت الباحثة في السياسة الدولية بجامعة برلين الحرة، مريم صالحي، أن ألمانيا "ترزح تحت ضغوط متزايدة من شركاء داخل الاتحاد الأوروبي ومن المجتمع المدني داخل البلاد وعلى المستوى الدولي"، في إشارة إلى حجم التحديات التي تواجه حكومة برلين في ظل تزايد الانتقادات.
إرث المحرقة وثقل التاريخ
ورثت ألمانيا الحديثة عبء المحرقة النازية التي أودت بحياة ستة ملايين يهودي، وهو ما جعل دعم إسرائيل جزءاً من "المصلحة العليا للدولة"، كما وصفته المستشارة السابقة أنغيلا ميركل حين اعتبرت أمن إسرائيل جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي الألماني.
لكن تصريحات السفير السابق لدى الأمم المتحدة كريستوف هوسغن، الذي حذّر في أغسطس الماضي من تحول إسرائيل إلى "دولة فصل عنصري"، أعادت إشعال الجدل وطرحت أسئلة حول مدى استدامة هذا الالتزام التاريخي.
وأعاد مفكرون وناشطون في المجتمع المدني تفسير مبدأ "عدم تكرار ذلك مرة أخرى" الذي شكّل أساس السياسة الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية.
ورأت الباحثة صالحي أن هذا المبدأ لم يعد يقتصر على حماية إسرائيل فحسب، بل يجب أن يشمل التزاماً أوسع بالقانون الدولي ومنع وقوع أي إبادة جماعية جديدة، في إشارة إلى الوضع الإنساني الكارثي في غزة.
قيود على مبيعات الأسلحة
فرض المستشار فريدريش ميرتس في أغسطس قيوداً على مبيعات الأسلحة لإسرائيل، وهي خطوة قوبلت بترحيب من أحزاب اليسار لكنها أثارت غضب قوى اليمين، خصوصاً حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري الذي اعتبر القرار "انتصاراً لحماس في الحرب الدعائية".
كما رأت الجمعية الألمانية الإسرائيلية أن هذه القيود "تعكس سردية مقلوبة للجاني والضحية".
تجنبت الحكومة الألمانية وصف الحرب في غزة بأنها "إبادة جماعية"، رغم أن لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة استخدمت هذا المصطلح.
وأكدت برلين أنها لا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطينية في الوقت الراهن، على خلاف دول مثل فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا، لكن هذه المواقف لم تمنع تصاعد الضغوط من المجتمع الدولي ومن داخل ألمانيا نفسها لفرض خطوات أكثر جرأة ضد إسرائيل.
احتجاجات ورأي عام متغير
خرج عشرات آلاف المتظاهرين في شوارع برلين يوم السبت الماضي مطالبين بوقف الحرب على غزة.
وأظهر استطلاع أجرته شبكة ZDF أن 76% من الألمان يرون أن الحملة العسكرية الإسرائيلية غير مبررة، فيما بيّن استطلاع آخر لمؤسسة "يوغوف" أن 62% من الناخبين يعتبرون ما يحدث في غزة "إبادة جماعية".
ويرى مؤرخون، مثل رونيه فيلدانغل، أن تصريحات وزير الخارجية يوهان فاديفول عن كون غزة "جحيماً على الأرض" يجب أن تتحول إلى أفعال ملموسة، وليس مجرد مواقف دبلوماسية.










