69 مستوطنة خلال 3 سنوات.. تحذير حقوقي من شرعنة إسرائيلية تقوض الدولة الفلسطينية

69 مستوطنة خلال 3 سنوات.. تحذير حقوقي من شرعنة إسرائيلية تقوض الدولة الفلسطينية
مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية

حذّر تقرير حقوقي صادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان من تسارع غير مسبوق في خطوات الحكومة الإسرائيلية الرامية إلى شرعنة البؤر الاستيطانية والمزارع الرعوية التي وصفها التقرير بالإرهابية، وتحويلها إلى مستوطنات رسمية قائمة بذاتها، واعتبر التقرير أن هذه الخطوات تمثل تحدياً مباشراً للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، وتأتي في سياق دعم سياسي أمريكي واضح يوفّر غطاءً لاستمرار المشروع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أوضح التقرير المنشور اليوم السبت أن المجلس الوزاري الأمني المصغر الكابينت صادق الأحد الماضي على إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، في خطوة اعتبرها التقرير انتهاكاً جسيماً للأعراف والقوانين الدولية التي تحظر على قوة الاحتلال نقل سكانها المدنيين إلى الأراضي المحتلة، ورأى التقرير أن هذه المصادقة تشكل نقلة نوعية في سياسة التوسع الاستيطاني، ولا سيما أنها جاءت بإجماع حكومي وبدعم مباشر من وزراء يقودون المشروع الاستيطاني داخل الحكومة وفق المركز الفلسطيني للإعلام.

سموتريتش ورؤية إجهاض الدولة

نقل التقرير تصريحات وزير المالية ووزير الاستيطان بتسلئيل سموتريتش الذي وصف القرار بأنه تاريخي، معتبراً أن الهدف الأساسي منه هو إحباط أي إمكانية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، واعتبر التقرير أن هذا التصريح يعكس بوضوح النوايا السياسية الكامنة خلف هذه القرارات، والتي لا تكتفي بتوسيع الاستيطان، بل تسعى إلى تكريس واقع جغرافي وسياسي يمنع أي تسوية قائمة على حل الدولتين.

وبيّن التقرير أن مصادقة الكابينت الأخيرة ترفع عدد المستوطنات التي جرى إقرارها خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 69 مستوطنة، وهو رقم يعكس تسارعاً غير مسبوق في وتيرة التوسع الاستيطاني مقارنة بالسنوات الماضية، وأشار إلى أن هذا التسارع لا يمكن فصله عن طبيعة الحكومة الحالية التي تضم قوى يمينية متطرفة جعلت من الاستيطان أولوية مركزية في برنامجها السياسي.

انتشار جغرافي مدروس

لفت التقرير إلى أن المستوطنات الإسرائيلية الجديدة التي حظيت بموافقة الكابينت تتوزع على مختلف محافظات الضفة الغربية، في إطار خطة تهدف إلى إحكام السيطرة الإسرائيلية على أكبر مساحة ممكنة من الأرض الفلسطينية، وأوضح أن هذه المستوطنات ليست جديدة بالكامل من حيث الواقع الميداني، إذ تعود في أصلها إلى مستوطنات أخليت عام 2005 أو إلى بؤر استيطانية ومزارع رعوية أقيمت بشكل غير قانوني، إضافة إلى أحياء تابعة لمستوطنات قائمة جرى فصلها وتحويلها إلى مستوطنات مستقلة.

وأكد التقرير أن تحويل هذه البؤر إلى مستوطنات رسمية يترتب عليه إدراجها ضمن الموازنات الحكومية الإسرائيلية وتزويدها بالبنى التحتية والخدمات والامتيازات، ومنها شبكات الطرق والكهرباء والمياه والحماية العسكرية، واعتبر أن هذه الخطوة تعني الانتقال من مرحلة فرض الأمر الواقع بالقوة إلى مرحلة تكريسه بقوانين وقرارات رسمية يصعب التراجع عنها مستقبلاً.

مسار تصاعدي تقوده الحكومة

أشار التقرير إلى أن هذه القرارات تأتي ضمن مسار تصاعدي تقوده حكومة بنيامين نتنياهو، يهدف إلى شرعنة أكبر عدد ممكن من البؤر الاستيطانية وتسوية أوضاعها القانونية، وذكّر التقرير بقرارات سابقة شملت فصل أحياء استيطانية عن مستوطنات كبرى وتحويلها إلى مستوطنات مستقلة، إضافة إلى تسوية أوضاع عشرات البؤر المنتشرة في عمق الضفة الغربية.

وأوضح التقرير أن بعض المستوطنات التي جرت تسوية أوضاعها تعود جذورها إلى ثمانينيات القرن الماضي، مثل غنيم وكديم، لكنها تحولت بعد توقيع اتفاقيات أوسلو إلى جيوب استيطانية معزولة داخل مناطق مصنفة A وB، واعتبر أن إعادة إحياء هذه المستوطنات ومنحها صفة رسمية يشكل انقلاباً فعلياً على اتفاقيات أوسلو وتقسيمات الأراضي التي نصت عليها.

وأكد التقرير أن هذه المستوطنات الإسرائيلية تسهم بشكل مباشر في تقطيع أوصال الجغرافيا الفلسطينية، خاصة في شمال الضفة الغربية، حيث تعوق التواصل الجغرافي بين المدن والقرى الفلسطينية، ولفت إلى أن بعض هذه المناطق كانت خاضعة لحظر الوجود الإسرائيلي بموجب قانون فك الارتباط الذي أدى عام 2005 إلى تفكيك وإخلاء 4 مستوطنات في شمال الضفة، قبل أن تعود اليوم بصيغة جديدة أكثر توسعاً.

توسيع المستوطنات القائمة

وأضاف التقرير أن سياسة شرعنة البؤر ترافقها مخططات موازية لتوسيع مستوطنات قائمة عبر إضافة مئات الوحدات السكنية الجديدة، وأوضح أن هذا التوسع يتم ضمن مشروع استيطاني شامل يستهدف السيطرة على مزيد من الأراضي الفلسطينية الزراعية والمفتوحة، وتحويلها إلى كتل استيطانية مترابطة.

وفي السياق ذاته، أشار التقرير إلى إعلان سموتريتش توقيع اتفاقية مع وزير الجيش يسرائيل كاتس تقضي بنقل معسكرات الجيش الإسرائيلي إلى خارج مستوطنة بيت إيل. وبيّن أن هذه الخطوة ستتيح مضاعفة مساحة المستوطنة المقامة على أراضي مدينتي رام الله والبيرة، ما يعزز من ثقلها الاستيطاني والعسكري في قلب الضفة الغربية.

مستوطنة ذات رمزية خاصة

وأوضح التقرير أن بيت إيل تعد من أبرز المستوطنات في وسط الضفة الغربية، إذ تضم المقر العام لما تسمى الإدارة المدنية التابعة لوزارة الجيش، وهي الهيئة العسكرية التي تشرف على إدارة شؤون الضفة الغربية، واعتبر التقرير أن وجود هذه الإدارة داخل المستوطنة يمنحها بعداً سياسياً وأمنياً خاصاً، ويجعلها أداة مركزية في تكريس الاحتلال وإدارة سياساته الاستيطانية.

يأتي هذا التصعيد الاستيطاني في سياق تاريخ طويل من السياسات الإسرائيلية الهادفة إلى فرض وقائع ديمغرافية وجغرافية جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، ورغم صدور عشرات القرارات الدولية التي تؤكد عدم شرعية الاستيطان، وعلى رأسها قرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، واصلت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة توسيع المستوطنات بدعم سياسي وعسكري من قوى دولية مؤثرة، ومع صعود اليمين المتطرف إلى سدة الحكم في إسرائيل، بات الاستيطان سياسة معلنة تستهدف تقويض أي حل سياسي قائم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتحويل الاحتلال من واقع مؤقت إلى نظام دائم يفرض بالقوة والقانون.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية