من الاحتجاج إلى الإصلاح.. شباب المغرب يمدون يد الاعتذار لعمّال النظافة

من الاحتجاج إلى الإصلاح.. شباب المغرب يمدون يد الاعتذار لعمّال النظافة
آثار الاحتجاجات الشبابية في المغرب

 

في مشهد استثنائي أثار تفاعلاً إيجابياً واسعاً، أعلن شباب حركة "جيل Z" في المغرب عن إطلاق حملة شاملة لتنظيف الشوارع، مساء السبت، ابتداء من الساعة السادسة، في عدد من المدن الكبرى، وتأتي الحملة التي وصفتها الحركة بأنها "مبادرة مواطنة فعلية" تأتي كرد إنساني وحضاري على ما شهدته بعض الأحياء مؤخرا من تخريب رافق احتجاجات شبابية، ووجد رجال النظافة أنفسهم في مواجهته دون ذنب.

القائمون على المبادرة أوضحوا أن هذه الخطوة لا تقتصر على إعادة الاعتبار للفضاءات العمومية التي تضررت في المغرب، بل تمثل أيضا رسالة اعتذار واضحة لعمّال النظافة، ووسيلة للتأكيد أن الشباب المغربي قادر على الجمع بين الدفاع عن حقوقه المشروعة وبين تحمل مسؤوليته في إصلاح ما أفسده بعض المحتجين وفق صحيفة "هيسبريس" المغربية.

الشباب بين الغضب والمسؤولية

شدد بيان حركة "جيل Z" على أن تنظيف الشوارع لا يقل شأنا عن الوقفات الاحتجاجية السلمية التي شهدتها الساحات مؤخرا، معتبرا أن الانخراط في هذه الحملة هو ترجمة عملية لفكرة التوازن بين الحقوق والواجبات، واعتبر الشباب المشاركون أن المبادرة تعكس وعيا جديدا لدى الجيل الصاعد، الذي يريد أن يثبت أن الاحتجاج ليس وحده وسيلة للتغيير، بل يمكن أن يكون الإصلاح من داخل المجتمع وجها آخر من أوجه التعبير.

تفاعل واسع ورسالة حضارية

ردود الفعل على منصات التواصل الاجتماعي جاءت سريعة ومؤيدة، إذ اعتبر العديد من النشطاء أن هذه الخطوة تعكس الوجه الحقيقي للشباب المغربي: احتجاج حضاري، لكن أيضاً استعداد عملي لترميم الأضرار، وتداولت التعليقات عبارات تؤكد أن الحملة تمثل "رسالة قوية عن رقي الفكر وعمق المسؤولية"، وأنها نموذج لما يمكن أن تكون عليه المواطنة النشطة القائمة على المبادرة.

وتأتي هذه الحملة في وقت حساس، حيث شهدت بعض المدن المغربية خلال الأيام الماضية احتجاجات شبابية رفعت مطالب اجتماعية واقتصادية مشروعة، غير أن بعض الأطراف غير المنضبطة أقدمت على أعمال تخريبية ألحقت أضراراً بالممتلكات العامة، وهو ما أثار استياءً واسعا، خاصة بعدما تحمل عمّال النظافة العبء الأكبر في إعادة الشوارع إلى وضعها الطبيعي. 

جيل جديد ومفهوم متجدد للمواطنة

يؤكد المراقبون أن مبادرة "جيل Z" قد تشكل علامة فارقة في علاقة الشباب المغربي بالعمل المدني، إذ تكشف أن الأجيال الجديدة لم تعد مقتصرة على الاحتجاج التقليدي، بل تسعى إلى طرح نماذج عملية تقوم على التوازن بين التعبير عن الحقوق وتحمل الواجبات، وهذا التحول قد يسهم في تعزيز ثقة المجتمع بالدور الإيجابي للشباب، ويقدم صورة حضارية تعكس طموح جيل يسعى لربط النضال بالمسؤولية والعمل الميداني.

الحركة الشبابية "جيل زد 212" التي ظهرت على منصات التواصل الاجتماعي وتحديداً "ديسكورد"، تعرّف نفسها بأنها فضاء للنقاش حول التعليم والصحة ومحاربة الفساد، وأكدت تمسكها بالسلمية وحب الوطن، ورغم ذلك، فقد بات اسمها مقترناً بموجة احتجاجات غير مسبوقة أفرزت مشهداً متناقضاً بين مظاهرات سلمية ومواجهات عنيفة.

وانطلقت الدعوات الأولى للاحتجاجات في السابع والعشرين من سبتمبر الماضي عبر منصات التواصل، وشملت 13 مدينة كبرى من بينها الدار البيضاء وفاس وطنجة، قبل أن تتوسع إلى مدن إضافية.

وتركزت المطالب على إصلاح التعليم والصحة، وتوفير فرص العمل، ومحاربة الفساد، في انعكاس لمخاوف الجيل الجديد من التهميش الاقتصادي والاجتماعي.

شهد المغرب خلال الفترة الأخيرة تصاعد الغضب الاجتماعي حول قضايا التعليم والصحة والعدالة الاجتماعية في المملكة، وتعد "جيل زد 212" انعكاساً لجيل جديد من الشباب المغربي، وُلد مع نهاية التسعينات وبداية الألفية، يستخدم وسائل التواصل للتعبئة والضغط السياسي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية