اتهامات لبريطانيا بإعادة مهاجرين مصابين بضيق تنفس إلى فرنسا بدل إسعافهما
اتهامات لبريطانيا بإعادة مهاجرين مصابين بضيق تنفس إلى فرنسا بدل إسعافهما
اتهمت جمعيات فرنسية تُعنى بمساعدة المهاجرين خفر السواحل البريطاني بانتهاك القانون الدولي، بعد أن أعاد مهاجرين اثنين إلى فرنسا رغم حالتهما الصحية الخطيرة، إذ كانا يعانيان من ضيق تنفس أثناء وجودهما على متن سفينة شحن في بحر المانش.
أعلنت جمعية يوتوبيا 56، وهي من أبرز المنظمات النشطة في شمال فرنسا، عبر صفحتها على منصة "إكس"، الاثنين، أن شخصين تواصلا معها ليل الجمعة أثناء وجودهما في غرفة محركات داخل سفينة شحن في المياه الإقليمية البريطانية، وهما يعانيان من اختناق وصعوبة في التنفس بسبب استنشاق أول أكسيد الكربون.
ورغم حالة الطوارئ، قررت السلطات البريطانية إعادة السفينة إلى فرنسا بدلاً من تقديم الإسعاف العاجل لهما، وهو ما وصفته الجمعية بـ"الصدّ غير القانوني".
وأوضحت المنظمة أن طاقم السفينة أبلغ السلطات البريطانية بالحادث فور علمه بوجود المهاجرين، لكن خفر السواحل البريطاني أصدر أوامر بإعادة القارب إلى كاليه، حيث أُنزل المهاجران دون حصولهما على أي علاج طبي أثناء الرحلة التي استغرقت ساعتين ونصف.
انتقادات حادة لبريطانيا
وقالت لورا بوانيه، منسقة فرع كاليه في جمعية يوتوبيا 56، في تصريحات لـ"فرانس بلو"، إن القانون الدولي البحري "ينص بوضوح على أن إنقاذ الأرواح في البحر أولوية تتقدّم على الاعتبارات السياسية"، مشيرة إلى أن القرار البريطاني شكّل "انتهاكاً صارخاً" لهذا المبدأ.
وأضافت: "لقد كانت حياة المهاجرين في خطر، وكان يمكن لخدمات الطوارئ البريطانية أن تقدم لهما الرعاية الطبية الفورية بدلاً من إرجاعهما".
وتستمر محاولات المهاجرين لعبور بحر المانش نحو المملكة المتحدة رغم تشديد الإجراءات الأمنية على جانبي القناة، فقد أعلنت المحافظة البحرية للمانش وبحر الشمال أنه تم إنقاذ 12 شخصاً يوم الأحد قبالة سواحل فورت-ماهون-بلاج في منطقة السوم، حيث تم إنزالهم في ميناء بولوني وتلقّوا الإسعافات اللازمة. كما جرى إنقاذ أربعة آخرين يوم السبت قرب بولوني-سور-مير.
أما في ليلة 8 إلى 9 أكتوبر، فقد وصل 1075 مهاجراً إلى السواحل البريطانية على متن 15 قارباً، وفق بيانات رسمية بريطانية، تلتها أعداد إضافية في الأيام اللاحقة، ليبلغ عدد الوافدين عبر "القوارب الصغيرة" منذ بداية العام 35,476 مهاجراً، مقارنة بـ26,612 خلال الفترة نفسها من عام 2024، وهو ارتفاع قياسي تجاوز أرقام عام 2022.
اتفاق مثير للجدل
يأتي هذا التصعيد في ظل تطبيق اتفاقية "واحد مقابل واحد" بين فرنسا والمملكة المتحدة، والتي دخلت حيّز التنفيذ في أغسطس الماضي، وتنص على إعادة عدد من المهاجرين من كل طرف إلى الآخر بشكل متوازن، إذ أعادت لندن حتى الآن 26 مهاجراً إلى فرنسا مقابل استقبالها 18 مهاجراً فرنسياً.
لكن جمعيات حقوقية وصفت هذه الاتفاقية بأنها "مساومة على حقوق الإنسان"، معتبرة أنها تنتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية وحق اللجوء الذي نصّت عليه اتفاقية جنيف.
وتواجه حكومة حزب العمال في لندن ضغوطاً متزايدة بعد فشلها في الحد من عبور المهاجرين غير النظاميين، رغم وعودها السابقة بتشديد الرقابة البحرية وتحسين التعاون مع فرنسا.
ويرى مراقبون أن الحادث الأخير يعكس توتراً متزايداً بين البلدين حول كيفية إدارة أزمة المانش، التي باتت رمزاً لفشل السياسات الأوروبية في معالجة ملف الهجرة بطريقة إنسانية وعادلة.