مصدر الرزق الوحيد للآلاف.. الجفاف يهدد مزارع البن اليمنية

مصدر الرزق الوحيد للآلاف.. الجفاف يهدد مزارع البن اليمنية
زراعة البن في اليمن - أرشيف

تدهورت مزارع البن في اليمن هذا العام بسبب تأخر هطول الأمطار وتغير مواسمها، ما أدى إلى انخفاض كبير في إنتاج المحصول الذي يُعدّ مصدر الرزق الوحيد لآلاف المزارعين في المناطق الجبلية، خصوصاً في مدينة تعز جنوب غرب البلاد.

وأكد المزارعون أن موسم الأمطار الذي طال انتظاره لم يأتِ في الوقت الذي تحتاج فيه أشجار البن إلى الماء، الأمر الذي انعكس سلباً على جودة الثمار وكميتها، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم السبت. 

وتضرعت المزارعة قبول محمد إبراهيم، من قرية المنصاحة في مديرية صبر الموادم، بالدعاء أن تتساقط الأمطار، كما كانت تفعل في الأعوام الماضية، قائلة بأسى: "هذا العام تأخرت الأمطار، وكانت الأشجار بحاجة للماء وقت الأزهار، لكن للأسف لم تنبت حبوب البن كالمعتاد".

تأخر المطر وتراجع الإنتاج

أوضحت قبول أن الجفاف أصاب المزارع وجفّت الأشجار، مضيفة أن الأمطار هطلت مرتين أو ثلاث مرات فقط طول العام، وهو معدل غير كافٍ لنمو البن. 

وتعتمد زراعة البن في اليمن على مياه الأمطار والمدرجات الزراعية التقليدية، ما يجعلها أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ.

وبحسب تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) لعام 2025، تُقدّر مساحة مزارع البن في اليمن بنحو 34 ألفاً و981 هكتاراً، ويشكّل البن نحو 6% من إجمالي الصادرات الزراعية. 

إن التغيرات المناخية المتسارعة أدت إلى اضطراب أنماط الأمطار وازدياد فترات الجفاف، ما دفع بعض المزارعين إلى ترك زراعة البن والتحول إلى محاصيل أخرى أقل حساسية للمناخ.

نساء يواجهن الجفاف 

شكت المزارعة سعود محمد فارع من غياب المشاريع التي يمكن أن تخفف من آثار الجفاف، موضحة: "الآبار جفّت ولم يتبقَّ سوى بئر واحدة بالكاد تكفي للشرب، ولا نمتلك خزانات لحصر مياه الأمطار"، مشيرة إلى أن مزرعتها التي كانت مصدر دخلها الوحيد أصابها الجفاف وتلف محصولها بالكامل.

وأعربت المزارعة عن أملها في أن تتدخل الجهات المعنية لإنقاذ المزارعين، مضيفة: "لم نشهد جفافاً بهذا الحجم من قبل، ومزارع البن التي كانت تفيض بالحياة أصبحت الآن أرضاً قاحلة".

وتشاركها المعاناة المزارعة صفية نصر التي تنفق عائد البن على تعليم أبنائها. وقالت بأسى: "أصابنا الجوع واليأس، فالبن هو رزقنا الوحيد، وإذا لم نجنِ محصولنا فلا مصدر آخر لدينا".

تراث واقتصاد في خطر

أكدت رئيسة جمعية طالوق النسوية لتنمية المرأة الريفية، فاطمة عبدالخبير، أن هذا العام كان الأصعب على المزارعين، إذ أدى تأخر موسم الأمطار إلى تلف الذرة والبن معاً، مشيرة إلى أن البن يمثل "بنك المزارع" الذي يعتمد عليه في معيشته ومواجهة أزماته.

وأضافت عبدالخبير، أن شجرة البن تحتاج إلى أمطار في مراحل معينة من نضوجها، وأي خلل في توقيت المطر يؤدي إلى تدمير المحصول. 

وطالبت بتنفيذ مشاريع بسيطة مثل إنشاء برك مائية وحواجز صغيرة في مناطق طالوق والمنصاحة لمواجهة أزمة المياه.

توصيات للحفاظ على البن

أوصت منظمة الفاو بتبنّي ممارسات زراعية أكثر استدامة تشمل تحسين إدارة المياه، واستخدام أصناف مقاومة للجفاف والحرارة، وتطوير نظم إنذار مبكر للتقلبات المناخية. 

وشددت تقارير زراعية حديثة على ضرورة إدخال تقنيات الريّ الحديثة مثل التنقيط وتدريب المزارعين على أساليب التكيّف المستدامة.

وشدد تقرير صادر عن منصة علوم الزراعة على أن البن من أكثر المحاصيل حساسية للتغيرات المناخية، إذ يؤدي الجفاف وارتفاع الحرارة إلى تراجع الإنتاج وتدهور الجودة، فضلاً على زيادة انتشار الآفات الزراعية. 

وأوصى التقرير بضرورة تعزيز التعاون بين الحكومات والمزارعين لضمان استمرار زراعة البن رمزاً اقتصادياً وثقافياً لليمن، وحماية هذا الإرث العريق من الاندثار.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية