1265 يوماً خلف القضبان.. حملة فرنسية تطالب بإنهاء احتجاز ناشطين في إيران بتهم تجسس

1265 يوماً خلف القضبان.. حملة فرنسية تطالب بإنهاء احتجاز ناشطين في إيران بتهم تجسس
من حملة الإفراج عن سيسيل كوهلر وزوجها جاك باريس

دخلت قضية الناشطة النقابية الفرنسية سيسيل كوهلر وزوجها جاك باريس مرحلة جديدة من الجدل والاهتمام الدولي، بعدما أعلنت حملة الحرية لسيسيل أن الزوجين محتجزان في إيران منذ 1265 يومًا في ظروف وصفتها بأنها “قاسية وغير إنسانية”، وطالبت بإطلاق سراحهما “فورًا ومن دون شروط.

وقالت الحملة، في بيان نُشر على موقعها الرسمي، إن كوهلر اعتُقلت تعسفيًا وتُعامل كرهينة سياسية في إيران، مؤكدة أنها محرومة من التواصل مع محامٍ مستقل، وتُحتجز منذ أكثر من ثلاث سنوات في قسم شديد الحراسة بسجن إيفين بطهران، وأوضحت أن الناشطة النقابية قضت عدة أشهر في الحبس الانفرادي، في ما اعتبرته “تعذيبًا نفسيًا وجسديًا يتعارض مع معايير الأمم المتحدة لمعاملة السجناء"، وفق "إيران إنترناشيونال".

وأضافت الحملة أن اتصالات كوهلر بوالديها نادرة وتتم تحت مراقبة أمنية مشددة، معربة عن قلق بالغ إزاء تدهور حالتها الصحية بسبب العزلة الطويلة وسوء التغذية وانعدام الرعاية الطبية المناسبة.

أحكام قاسية وتهم مثيرة للجدل

في 14 أكتوبر الجاري، أعلنت وكالة الأنباء القضائية الإيرانية "میزان" صدور أحكام مشددة بالسجن ضد مواطنين فرنسيين –لم تذكر اسميهما– بتهم تشمل التجسس لصالح المخابرات الفرنسية والتعاون مع إسرائيل، وتشير التقديرات إلى أن المقصودين هما كوهلر وباريس.

وبحسب الوكالة، حُكم على أحد المتهمين بالسجن 31 عامًا، والآخر 32 عامًا، توزعت بين تهم التجسس، والتواطؤ ضد أمن الدولة، والمحاربة عبر التعاون الاستخباري مع إسرائيل، وأشارت وكالة "میزان" إلى أن الأحكام قابلة للاستئناف خلال 20 يومًا أمام محكمة النقض، وأن العقوبة الأشدّ في كل حالة ستكون واجبة التنفيذ حال تثبيتها.

لكن فرنسا رفضت هذه الأحكام بشدة. إذ وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، باسكال كونفافرو، الأحكام بأنها تعسفية، مؤكدًا أن التهم لا أساس لها من الصحة، وأضاف أن باريس تعتبر احتجاز كوهلر وباريس غير قانوني، وأن السلطات الإيرانية تستخدمهما كأداة ضغط سياسية.

وفي باريس، عقدت عائلتا الزوجين مؤتمرًا صحفيًا بحضور محامي الدفاع، حيث وصفتا المحاكمة بأنها استعراض هزيل للعدالة، ونددتا بحرمان المتهمين من الدفاع العادل والشفافية في الإجراءات.

تضامن دولي

كانت سيسيل كوهلر عضوًا بارزة في الاتحاد الوطني للتعليم والثقافة لعمال فرنسا (FNEC-FP-FO)، وشغل زوجها جاك باريس منصب الأمين العام السابق للاتحاد في قطاع التعليم، ووفق منظمات حقوقية، سافر الزوجان إلى طهران في عام 2022 في إطار زيارة مهنية للقاء نقابيين ومعلمين إيرانيين، لكنهما اعتُقلا بعد فترة قصيرة، تزامنًا مع حملة أمنية طالت ناشطي العمل والتعليم في عدة مدن إيرانية.

وتؤكد نقابات واتحادات عمالية دولية أن لقاءات النقابيين الفرنسيين كانت قانونية ومحمية بموجب اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وقد صدرت بيانات تضامن واسعة من اتحادات في فرنسا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، طالبت الحكومة الإيرانية بالإفراج الفوري عنهما.

وفي 17 أكتوبر الجاري، أدانت نقابة عمال شركة حافلات طهران وضواحيها –وهي من أبرز النقابات المستقلة داخل إيران– الأحكام الصادرة ضد كوهلر وباريس، ووصفتها بأنها اعتداء على الحركة النقابية العالمية، مؤكدة أن النضال من أجل حقوق العمال لا يمكن اعتباره تجسسًا أو مؤامرة ضد أمن الدولة.

احتمالات تبادل السجناء

وفي تطور ذي صلة، قال وحيد جلالي زاده، معاون الشؤون القنصلية بوزارة الخارجية الإيرانية، في 21 أكتوبر، إن المعتقلة الإيرانية مهدية اسفندياري –التي كانت محتجزة في فرنسا لدعمها حركة حماس– وضعت في إطار تبادل مع سجناء فرنسيين في إيران، وسبق للسلطات الإيرانية أن أعلنت عن مفاوضات جارية مع باريس لتبادل عدد من السجناء.

ويرى مراقبون أن استمرار احتجاز كوهلر وباريس يدخل ضمن سياسة تبادل الرهائن التي تتبعها طهران في علاقاتها المتوترة مع الدول الغربية، إذ جرى في السنوات الأخيرة الإفراج عن عدد من الأجانب مقابل مواطنين إيرانيين موقوفين في الخارج.

حملة متصاعدة وضغوط دولية

تواصل حملة الحرية لسيسيل جهودها على المستويين الإعلامي والدبلوماسي، مطالبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتصعيد الضغط على طهران وضمان عودة كوهلر وباريس إلى الوطن، وقالت الحملة في بيانها الأخير: لا يمكن لأي حكومة أن تظل صامتة أمام احتجاز مواطنيها كرهائن، سيسيل وجاك ليسا مجرمين، بل هما ضحيتان لابتزاز سياسي يجب أن يتوقف.

ورغم البيانات المتكررة لوزارة الخارجية الفرنسية والدعوات الصادرة من منظمات العمل الدولية، لا تزال القضية تراوح مكانها، فيما تتزايد المخاوف من أن تتحول إلى ورقة تفاوض في صفقات أوسع بين باريس وطهران.

وبين ضجيج التصريحات الرسمية وصمت الزنازين، تظل سيسيل كوهلر، النقابية الفرنسية التي آمنت بحق المعلمين في الكرامة والحرية، تنتظر في سجن إيفين يومًا تعود فيه إلى طلابها ونقابتها، لا إلى نشرات الأخبار.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية