وسط تحذيرات أممية.. تصاعد الإعدامات في إيران يثير موجة غضب داخل السجون

وسط تحذيرات أممية.. تصاعد الإعدامات في إيران يثير موجة غضب داخل السجون
إعدامات في إيران- أرشيف

تواصل السلطات الإيرانية استخدام عقوبة الإعدام بوتيرة متسارعة، في ما يعتبره مراقبون أداة ممنهجة لقمع المعارضين وترويع المجتمع، رغم الإدانات الدولية الواسعة التي وصفت هذه الممارسات بأنها انتهاك صارخ للحق في الحياة ولقيم العدالة والكرامة الإنسانية.

وشهدت إيران، اليوم الثلاثاء، دخول حملة "الثلاثاء لا للإعدام" أسبوعها الثالث والتسعين، وسط تصاعد الاحتجاجات داخل السجون التي تعكس حالة الغليان الشعبي تجاه تصاعد الإعدامات.

وأكد منظمو الحملة في بيان، أن سجناء من 54 معتقلاً في مختلف أنحاء البلاد أعلنوا إضراباً عن الطعام احتجاجاً على استمرار تنفيذ أحكام الإعدام بحق مئات السجناء، معظمهم من الفقراء أو من الأقليات القومية والمذهبية.

وأوضح المشاركون في بيانهم أن "آلة الإعدام الحكومية" تعمل بوتيرة غير مسبوقة، إذ نُفّذ خلال الأيام الاثني عشر الماضية فقط أكثر من 76 حكماً بالإعدام في سجون متفرقة، ما يعكس بحسبهم سياسة ممنهجة لنشر الخوف وكسر أي محاولة للاحتجاج أو المعارضة.

وأشار البيان إلى أن الإعدامات تزايدت بشكل خاص بعد إضراب سجناء الوحدة الثانية في سجن قزل حصار الذي استمر أسبوعاً، في ما يبدو أنه رد انتقامي من السلطات على العصيان السلمي داخل المعتقلات.

امتداد الغضب للشارع الإيراني

امتد صدى الاحتجاجات من خلف القضبان إلى الشارع الإيراني، إذ نظم متقاعدون في مدينة كرماشان تجمعات أطلقوا خلالها شعارات منددة بعقوبة الإعدام، منها "الإعدام خيانة للقرآن" و"إيران بدون إعدام".

ويعكس هذا الحراك الشعبي تضامناً نادراً بين السجناء والمواطنين ضد واحدة من أكثر أدوات القمع دموية في النظام الإيراني.

وتشير منظمات حقوقية إلى أن الإعدامات في إيران تُستخدم ليس فقط ضد من تُنسب إليهم جرائم جنائية، بل ضد ناشطين سياسيين ومتظاهرين شاركوا في الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد منذ عام 2022، على خلفية مقتل الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق، وهي القضية التي فجّرت موجة غضب غير مسبوقة ضد السلطة.

تحذيرات من "إعدامات سرية"

أعربت ماي ساتو، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، وسارة حسين، رئيسة البعثة الدولية لتقصي الحقائق بشأن إيران، عن قلق بالغ إزاء ما وصفوه بـ"الانتهاكات الواسعة للحق في الحياة".

وخلال اجتماع اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، شدّدتا على أن عمليات الإعدام في إيران تتسم بـ"غياب الشفافية" و"انعدام العدالة"، إذ يُنفَّذ معظمها في الخفاء دون محاكمات عادلة أو إشراف قضائي مستقل.

وأشارت تقارير البعثة الأممية إلى أن 8% فقط من الإعدامات تعلن عنها السلطات رسمياً، بينما تتم البقية بسرّية تامة، ما يجعل من المستحيل تقريباً معرفة العدد الحقيقي للضحايا.

وأكدت ساتو أن هذه الممارسات "تشكّل جرائم محتملة ضد الإنسانية"، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف ما وصفته بـ"نزيف العدالة في إيران".

دعوات لمواجهة "الصمت العام"

طالب المشاركون في حملة "الثلاثاء لا للإعدام" الأهالي والمجتمع الإيراني بعدم الصمت إزاء هذه الجرائم، داعين إلى نشر أسماء المحكومين بالإعدام والضغط الإعلامي والحقوقي لوقف تنفيذ الأحكام.

وقال البيان إن "السكوت هو مشاركة في الجريمة، وعلى الشعب الإيراني أن يرفع صوته ضد المقاصل التي تحصد الأرواح كل يوم".

وشملت السجون المشاركة في الحملة عدداً كبيراً من المعتقلات المعروفة بانتهاكاتها، منها سجن إيفين وقزل حصار وكرج المركزي وطهران الكبرى وديزل آباد في كرماشان ورشت وتبريز ومهاباد وسنندج، ما يعكس اتساع رقعة المقاومة داخل النظام العقابي الإيراني.

تصاعد الإعدامات وانحدار الثقة

تؤكد المنظمات الحقوقية أن إيران تُعدّ من أكثر دول العالم تنفيذاً لعقوبة الإعدام، إلى جانب الصين والسعودية، وأن عام 2024 شهد ارتفاعاً غير مسبوق في عدد الإعدامات، خاصة بحق النساء والأقليات الكردية والبلوشية.

وترى هذه المنظمات أن السلطات الإيرانية تستخدم الإعدام كـ"أداة للترهيب السياسي والاجتماعي"، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية خانقة وانعدام الثقة بين المواطنين والحكومة.

وفي ظل غياب الإصلاح القضائي، واستمرار النظام في تبرير هذه السياسات تحت شعار "تطبيق الشريعة"، يبقى آلاف السجناء في مواجهة خطر الإعدام في أي لحظة، فيما تواصل الأصوات داخل إيران وخارجها المطالبة بوقف هذه العقوبة التي تحوّلت إلى رمز للعنف المؤسسي وغياب العدالة في البلاد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية