قلق وتحذيرات حقوقية.. تصاعد جرائم قتل النساء يثير الجدل في تركيا

قلق وتحذيرات حقوقية.. تصاعد جرائم قتل النساء يثير الجدل في تركيا
العنف ضد النساء - أرشيف

تشهد تركيا موجة متصاعدة من جرائم قتل النساء، في ظاهرة باتت تُثير قلق المنظمات الحقوقية والنسوية، إذ تُقتل المئات سنويًا على أيدي شركائهن أو أفراد من الأسرة، في ظل ضعف الردع القانوني وتراجع تطبيق السياسات الوقائية. 

وعلى الرغم من الأصوات المتكررة المطالبة بتشديد العقوبات وتفعيل آليات الحماية، فإن العنف ضد المرأة لا يزال يسجل مستويات مقلقة في البلاد، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم السبت.

كشف اتحاد جمعيات المرأة التركية (TKDF) في تقريره الشهري الصادر عن شهر أكتوبر الماضي، عن مقتل 27 امرأة على يد رجال خلال شهر واحد فقط، في حين لقيت خمس نساء أخريات حتفهن في ظروف وُصفت بأنها “غامضة”.

وبحسب بيانات الاتحاد، فقد بلغ عدد النساء اللواتي قُتلن منذ بداية العام وحتى نهاية أكتوبر 317 امرأة، ما يعكس استمرار تصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعي، رغم التحذيرات والمطالبات بوقفه. وأوضح التقرير أن 241 امرأة قُتلن بشكل مباشر على أيدي رجال، في حين لا تزال 76 حالة وفاة قيد التحقيق بسبب ظروفها الغامضة.

العنف المنزلي في الصدارة

أشار التقرير إلى أن 63.5% من جرائم القتل وقعت داخل المنازل، ما يؤكد أن العنف المنزلي هو الخطر الأكبر الذي يهدد النساء التركيات. وغالبًا ما كان الجناة من الرجال المقربين للضحايا، سواء من أفراد الأسرة أو شركاء سابقين، وهو ما يعكس عمق المشكلة داخل البنية الاجتماعية والثقافية.

ويرى خبراء أن الخطر لا يكمن فقط في وقوع الجرائم، بل في التسامح المؤسسي مع مرتكبيها، إذ لا تزال النساء يواجهن عقبات قانونية واجتماعية عند محاولة طلب الحماية، خاصة في المناطق الريفية حيث تغيب آليات الدعم.

أكد اتحاد الجمعيات أن استمرار الإفلات من العقاب يشكل بيئة خصبة لتكرار الجرائم، مشيرًا إلى أن بعض الجناة يتلقون أحكامًا مخففة بدعوى “الاستفزاز” أو “الغيرة”، وهو ما يُضعف ثقة النساء في العدالة.

ولفت التقرير إلى أن آليات الوقاية الحالية غير كافية، وأن وحدات الحماية لا تملك الموارد أو الصلاحيات الكافية للتدخل المبكر في حالات التهديد بالعنف. 

دعوة لتشديد العقوبات

دعا اتحاد جمعيات المرأة التركية إلى تشديد العقوبات، وتطوير أنظمة إنذار مبكر، وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في مراقبة تنفيذ القوانين.

وطالب التقرير الحكومة التركية بإعادة تفعيل اتفاقية إسطنبول التي انسحبت منها أنقرة في عام 2021، معتبرًا أن الانسحاب وجّه “رسالة سلبية” إلى المجتمع وأضعف منظومة الحماية القانونية للنساء. 

وشدد على ضرورة توفير ضمانات حقيقية لحقوق النساء في السكن والعمل والدعم النفسي والاجتماعي، مشيرًا إلى أن “حماية النساء اللواتي يكافحن من أجل البقاء أولى من حماية الرجال الذين يمارسون العنف”.

خطر يتجاوز الأرقام

تُشير منظمات حقوقية إلى أن الأرقام الرسمية قد لا تعكس الحجم الكامل للمأساة، إذ لا يتم الإبلاغ عن العديد من حالات العنف بسبب الخوف من الانتقام أو غياب الثقة في مؤسسات الدولة. 

ويُحذر ناشطون من أن استمرار الصمت المجتمعي وتهاون السلطات سيؤديان إلى تفاقم المشكلة، محذرين من أن قتل النساء أصبح “وباءً صامتًا” يهدد الأمن الاجتماعي في تركيا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية