"نساء العرب".. سلسلة حوارية تقدم رائدات وأيقونات نسائية مؤثرة في العالم العربي

"نساء العرب".. سلسلة حوارية تقدم رائدات وأيقونات نسائية مؤثرة في العالم العربي

في البدء.. لم تكن الأنثى أكثر أهل سجيل.. بل كان الآثمون، أصحاب الأفكار الذكورية والمتشددة المتخذة من شعار "خير حجاب المرأة بعد حجاب وجهها، هو بيتها" منهجًا وفريضة.

منهج أعوج، لا يستقيم وفطرة الله التي خلق الناس عليها، فتراجع طواعية تحت وطأة تفوُّق المرأة العربية وحصدها أعلى المناصب ومكاتفتها الرجل في جميع المجالات، فحصدت جوائز نوبل للسلام كـ “مالالا يوسف 2014، وشيرين عبادي 2003، وتوكل كرمان 2011”.

ولدى المرأة العربية فلسفتها في النجاح، حيث تهرول إليه عبر منظومة تراكمية، لا يمكن فلسفتها بتاريخ بداية ونهاية صنع، وتخوض لذلك أصعب المهام فترفض النجاح المُعلَّبْ وانتصارات الـ"تيك آوي"، أبت بكل ما أوتيت من "صوت وقلم وصناعة وحِرفة وعلم وتجارة" إلا وضع بصمتها على كل ما من شأنه إثراء ركب الحضارة وتطور الإنسانية.

وهو الأمر الذي دعا موقع "جسور بوست"، إلى إفراد مساحة خاصة لإبراز الدور الإيجابي للمرأة العربية، المشاركة من خلال عملها على تنوعه في نهضة مجتمعها، في شكل سلسلة حوارية تحت مسمى "نساء العرب"، تستضيف أيقونات نسائية ورائدات ومؤثرات، مشهورات وغير مشهورات، للحديث عن قصص نجاحهن وتجاربهن وما خضنه من صراع وعقبات وصولًا للنجاح.

ولا تغفل "نساء العرب"، مناقشة ضيوفها في القضايا النسوية الشائكة والأبرز والأكثر تعقيدًا في المجتمعات العربية ومحاولة وضع حلول لها.

فوفقًا لتقارير صحفية تحدث فيها خبراء: "عندما تكون هناك نماذج أمام النساء تحتذى، فمن المحتمل بشكل أكبر أن يشجعهن ذلك على دخول قوة العمل، وجلب المواهب والمهارات التي تفيد الجميع".

والعالم العربي زاخر بنساء هن في مجالهن "أيقونات"، عملن بجد حتى صرن عَلمَا يُهْتدى به، بإباء رفضن تخدير الإرادة باسم العرف والمغلوط من الدين، ولا ما تُرَسِخ له التقاليد البالية، ففي ثقافتنا العربية علميًا، المرأة نصف المجتمع، عمليًا، يتربصون سقوطها ليضحكوا عليه، لأجلِ أن يُخبروها أنها ضلع أعوج وأن إحدى قَدميها ليسَت لها.

فإذا ضربت بأصبعك في بحث سريع على الموقع الشهير "جوجل" عن حكم عمل المرأة، ودونما تحديد جهة أو أشخاص، ستجد في الصدارة فتاوى وأبوابا أفردت لإظهار مدى تحريمه بل وخطورته على الرجل، كما أورد موقع “ابن باز” بابًا كاملًا تحت ما أسماه “خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله”!

إلا أن الواقع قديمًا أثبت خروج المرأة للتجارة بل وتميزها، وعلى رأس النساء كانت أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها، وفي العصر الحالي على سبيل المثال لا الحصر، حصلت المرأة في مصر ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2021، على 8 حقائب وزارية داخل مجلس الوزراء بنسبة 24% من عدد الوزراء في الحكومة، وحصلت في البرلمان على 162 مقعدا، تمثل 27% في مجلس النواب.

وشهدت السعودية ميلادًا جديدًا للمرأة في شتى المجالات، على رأسها تمكين المرأة في سوق العمل، فقد كشفت إحصائيات وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية مؤخرًا أن النسبة المطلوبة والمتوقعة لمشاركة السيدات في سوق العمل كانت 25% خلال عام 2025 وصلت بنهاية 2020 إلى 31%.

ما سبق يستوجب استنفار كل الطاقات والوسائل تقديرًا للمرأة لاقتحامها كل ميادين العلم والعمل، ومشاركتها في التحركات الشعبية في بعض الدول العربية، كانت المرأة نفسها من دفعت غاليًا ثمن الصراعات السياسية على حياتها أو تفتت عائلتها.

ووسط هذا، فقدت بعضهن إمكانية التأثير الفاعل في مجريات الأحداث التي تساهم في تهميشها، وهناك تراجع كبير لدورها في ظل التطرف والتحجر الفكري، وتداعيات الصراعات التي تصنف بعضها على أنها جرائم حرب، كما تفعل ميليشيات الحوثي بنساء اليمن. 

كشف تقرير حقوقي حديث صادر عن منظمات نسوية يمنية ودولية، عن تسجيل 1181 حالة انتهاك لنساء يمنيات اعتقلن في سجون الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، وذلك في الفترة الممتدة منذ ديسمبر 2017 حتى ديسمبر 2020.

وفي تفاصيل جديدة كشفها تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول اليمن، أكدت معلومات الخبراء الأمميين أن حوالي 2000 طفل يمني جندهم الحوثيون، لقوا حتفهم في ساحة القتال بين يناير 2020 ومايو 2021.

فلا قيمة لمن يجعلون من صوت المرأة ذنبا يستوجب الغفران، القيمة الحقيقية للشعوب هي أن تكون لهم نساء مؤثرات يكن بمثابة "بنية فكرية" لبناء قلوبهم وأرواحهم صعودا إلى السماء، فلا يمكن للمجتمع أن يحقق التنمية الشاملة وبناء مجتمع جديد إذا لم يكن للمرأة دور في صياغة القرارات المتعلقة بحياتها الخاصة والعامة، وإذا لم تأخذ حصتها من الأعمال المهنية والإدارية والاقتصادية، وإذا لم تشارك في مؤسسات السلطة في مختلف المستويات وفي مؤسسات صنع القرار، فتمكين المرأة بات يشكل التحدي الأهم لتحقيق التنمية على أساس المشاركة والفرص المتساوية. 

ولا سيما وأن "نون النسوة" تُعد ثروة بشرية، حيث تبلغ نسبة الإناث في العالم العربي والإسلامي 48.2% من مجموع السكّان، كما بدأت بعض المجتمعات التي لم تكن تعترف بأي دور سياسي للمرأة تعين النساء في بعض المجالس والهيئات، كذلك البرلمانات بدأت تفسح المجال للمرأة ولو بصورة رمزية ونخبوية.

ما سبق لا يعني أن الوضع الحالي يدعو للاسترخاء، بل على العكس فإن الوضع الحالي يطرح تساؤلات من نوع جديد بشأن نسبة مشاركة المرأة ومستوى أدائها وكيفيته، ومدى قدرتها على التأثير في الحياة السياسية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني، ومدى صلتها بالنضال القائم من أجل الحريات العامة وحقوق الإنسان في المجتمعات العربية، وهل يمكن تأطير عمل النساء كي يمثلن نصف الهيئة الناخبة. 

لذا سيستمر "جسور بوست"، في العمل بطرق متوازية بعضها يناقش مشاكل تعاني منها المرأة عربيًا، وبعضها يبرز دورها على تنوعه واختلافه في نهضة المجتمعات كما في سلسلة "نساء العرب".

أخيرًا، أعرف أنني لن أستطيع أن أحصي الحكايا والتجارب، وأن العيون لا ترى بطريقة بانورامية، وأن الأفواه لا يمكن أن تقول كل ما تعرف، ولا الأقلام ما يحلو لها، مع ذلك ولذلك فمحاولات الكتابة مستمرة بقدر ما يهبنا الله من طاقة، فبسم الله نبدأ.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية