خلال فعاليات كوب 30.. جامايكا تقود دعوات الدول الأكثر ضعفاً لمواجهة تغير المناخ

خلال فعاليات كوب 30.. جامايكا تقود دعوات الدول الأكثر ضعفاً لمواجهة تغير المناخ
إعصار ميليسا- أرشيف

أطلقت حكومة جامايكا دعوة حاسمة للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه الدول الأكثر ضعفًا أمام آثار تغير المناخ، مؤكدة أن الوقت لم يعد مجالًا للكلام، بل للعمل الفوري، حيث حثّ وزير النمو الاقتصادي، ماثيو سامودا، خلال مؤتمر الأطراف الثلاثين "كوب 30"في بيليم، البرازيل، الدول الكبرى المصدرة للانبعاثات على الوفاء بالتزاماتها، مشددًا على أن حماية حقوق شعوب الدول الصغيرة والمتضررة لم تعد مسألة سياسية، بل مسألة حياة أو موت، وفقا لصحيفة "الغارديان".

وأشار سامودا إلى أن إعصار ميليسا، من الفئة الخامسة، الذي اجتاح البلاد قبل ثلاثة أسابيع، أحدث أضرارًا تُقدّر بنحو 10 مليارات دولار أمريكي، أي ما يُقارب ثلث الناتج المحلي الإجمالي لجامايكا، وشرد مئات الآلاف من المواطنين، وفقا لصحيفة "جامايكا غلينر".

ووصف الإعصار بأنه "المرحلة الجديدة من تغير المناخ"، داعيًا إلى تعزيز التمويل الدولي لصندوق الأمم المتحدة للخسائر والأضرار، مؤكدًا أن هذا التمويل ليس ترفًا أو صدقة، بل قضية عدالة مناخية يجب أن تنفذ على أرض الواقع.

وقال سامودا: "لم نتسبب في هذه الأزمة، ونرفض أن نكون ضحايا، ندعو المجتمع الدولي، وخاصةً الدول الرئيسية المُصدرة للانبعاثات، إلى الوفاء بالتزاماتها والحفاظ على عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.. هذا هو البقاء.. الأمر يتعلق بشعبنا وحقه في مستقبل آمن ومزدهر"، وفقا للغارديان.

تحريك الضغط الدولي

ونقلت "أسوشيتد برس"، مطالب وزير البيئة والعلوم الكوبي، أرماندو رودريغيز باتيستا، للمجتمع الدولي بالتحرك قبل فوات الأوان، مؤكدًا أن بلاده غمرتها مياه إعصار ميليسا وأن التأخر في الإجراءات سيضاعف المخاطر على شعوب الجزر الصغيرة والدول الفقيرة.

ومن جانبه، أكد وزير خارجية موريشيوس، دانانجاي رامفول، أن "وجود بلاده على المحك"، مضيفًا: "بعد عقد من وعود اتفاقية باريس، ورغم حسن النوايا، لم تُتخذ الإجراءات الكافية.. كوكبنا يتطلب خطوات عاجلة لضمان حقوق شعوب الدول الضعيفة في المستقبل"، وفقا للغارديان.

وأشار سامودا إلى أن التمويل ليس ترفًا، بل عدالة مناخية، داعيًا الدول المتقدمة إلى الالتزام الكامل بواجباتها تجاه الدول الأكثر تضررًا.

وثّق كبير مسؤولي المناخ في الأمم المتحدة، سيمون ستيل، أن وتيرة التغيير في الاقتصاد الحقيقي لم تُقابلها سرعة الإجراءات في غرف المفاوضات، مشيرًا إلى أن الكوارث المناخية تزهق أرواح الملايين وتؤثر على اقتصادات الدول، مما يزيد من انعدام الأمن الغذائي ويهدد الحقوق الأساسية في الحياة والصحة والتعليم، وفقا لـ"أسوشيتد برس".

وقال نائب رئيس البرازيل، جيرالدو ألكمين: "كل جزء إضافي من الدرجة في الاحتباس الحراري يمثل أرواحًا معرضة للخطر، وتفاوتًا أكبر في الخسائر الاقتصادية، خصوصًا لأولئك الذين ساهموا أقل في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري".

التمويل الدولي

أوضح سامودا أن آلية الأمم المتحدة لتمويل المناخ، التي أُنشئت في كوب 27 عام 2022، تهدف لمساعدة الدول النامية على التعافي من الآثار غير القابلة للإصلاح لتغير المناخ، مثل الظواهر الجوية المتطرفة وارتفاع مستوى البحار.

 وأكد سامودا: "نرحب بالصندوق للاستجابة للخسائر والأضرار، وبالنسبة لنا، الوصول ليس صدقة، بل هو عدالة مناخية.. نحث جميع الدول المتقدمة على المساهمة بشكل فعّال في الصندوق حتى تتمكن الدول المواجهة من التعافي وإعادة البناء بشكل أقوى".

كما استثمرت الحكومة الجامايكية في استعداداتها، بما في ذلك سند الكوارث السيادي، الذي جُدد مع البنك الدولي عام 2024، ووضع استراتيجيات طويلة الأجل لمواجهة تغير المناخ، بما يضمن حماية المواطنين وحقوقهم في مستقبل آمن ومستدام.

القضايا الشائكة في كوب 30

مع بدء "الجزء رفيع المستوى"، تولى الوزراء رفيعو المستوى مهام المفاوضين الأصغر سنًا وبدأوا معالجة القضايا الأكثر تعقيدًا، قالت ليليام شاغاس، كبيرة المفاوضين عن البرازيل: "لقد أنجزنا العمل الفني، والآن يبدأ العمل السياسي".

وتشمل "القضايا الأربع الكبرى" التمويل، التجارة، الشفافية، والفعالية في خطط المناخ الوطنية، حيث تشير التقييمات إلى أن المساهمات الحالية ستؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.5 درجة مئوية بدل الحد الأقصى المقرر 1.5 درجة، ما يهدد بقاء شعوب الجزر الصغيرة ويطرح البعد الحقوقي كعنصر أساسي في أي اتفاق مستقبلي.

أفاد لينجاني إيتاليلي تاليا، المدعي العام لتوفالو، بأن حكم محكمة العدل الدولية لعام 2025، الذي اعتبر تغير المناخ مشكلة وجودية، يمثل أداة قوية للدول الصغيرة لتسريع جهود حماية حقوق شعوبها، وفقا لـ"أسوشيتد برس".

وأكدت ديانا-آندا بوزويانو، وزيرة البيئة الرومانية أن الأحداث الأخيرة، مثل الفيضانات وإعصار ميليسا، تضع حياة المواطنين على المحك، وتبرز أهمية اتخاذ إجراءات حقيقية لضمان المساواة والعدالة الدولية في مواجهة المخاطر البيئية.

يبرز مؤتمر الأطراف الثلاثين (كوب 30) في بيليم، البرازيل، دور الدول الضعيفة بقيادة جامايكا في حماية حقوق شعوبها أمام التغير المناخي، وتؤكد تصريحات المسؤولين من جامايكا وكوبا وموريشيوس وتوفالو أن حماية حقوق الإنسان، بما يشمل الحق في الحياة، والأمن الغذائي، والصحة، لا يمكن تحقيقها دون التزام الدول الكبرى بخفض الانبعاثات والمساهمة المالية الفعالة في صندوق الخسائر والأضرار.

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية