في اليوم العالمي للطفل.. أطفال ليبيا يواجهون أحد أكثر البيئات خطورة
في اليوم العالمي للطفل.. أطفال ليبيا يواجهون أحد أكثر البيئات خطورة
في اليوم العالمي لحقوق الطفل، الموافق 20 نوفمبر، يظهر واقع مؤلم للأطفال في ليبيا التي تجد نفسها أمام مرآة قاسية تعكس تدهور وضع الطفولة في بلد أنهكته الانقسامات والحروب.
ولا يُعدّ هذا اليوم مناسبة احتفالية أو بروتوكولية، بل محطة حرجة تُحاصر الليبيين بسؤال صادم.. أيّ حق من حقوق الطفل ما زال قائماً فعلاً، لا على الورق؟
وتشير تقارير صادرة عن منظمات حقوقية ليبية ودولية، بينها مكتب اليونيسف وبرامج الحماية المجتمعية، إلى أن الطفل الليبي يواجه أحد أكثر البيئات خطورة واضطراباً في المنطقة، وسط غياب منظومة حماية فعلية، وضعف التشريعات، وغياب تطبيق القانون على أرض الواقع، وتؤكد هذه المنظمات أن “الطفولة أصبحت المؤشر الأصدق على عمق الأزمة الليبية”.
الانتهاكات داخل الأسرة
يتحوّل العنف في ليبيا من وقائع متفرقة إلى مناخ شامل يتغذى على الانقسام السياسي والفقر والفراغ الأمني، وتُظهر شهادات الأهالي والأخصائيين النفسيين أن الطفل أصبح الضحية الأولى داخل الأسرة التي يُفترض أن تكون ملاذه الآمن.
ويتعاظم الخطر حين يتحول المنزل نفسه إلى مساحة للتهديد والغضب والعقاب، في ظل ضعف الرقابة وضعف الوعي بقوانين حماية القُصّر.
ويدفع النزاع المسلح آلاف الأطفال إلى مناطق لا يستطيعون العودة منها نفسياً أو اجتماعياً، وتؤكد منظمات مراقبة النزاعات أن تجنيد القُصّر - بشكل مباشر أو غير مباشر - يمثل انتهاكاً متصاعداً في ليبيا.
ويفقد الطفل الذي يعيش تجربة الحرب قدرته على العودة إلى حياة طبيعية، إذ لا تنتهي آثار السلاح عند توقف إطلاق النار، بل تستمر داخل الذاكرة والسلوك والانتماء.
رحيل يخلخل الهوية
تُجبر موجات النزوح عشرات الآلاف من الأطفال على مغادرة منازلهم محملين بذاكرة مثقوبة، وتوضح تقارير المساعدات الدولية أن النزوح ليس انتقالاً جغرافياً فحسب، بل انهيار في شعور الطفل بالأمان والاستقرار.
ويُفاقم نقص خدمات التعليم والدعم النفسي من هشاشة الأطفال النازحين، الذين يعيشون في بيئات غير مستقرة وغير مهيأة للنمو السليم.
يحمل الطفل الليبي آثاراً نفسية غير مرئية ترافقه لسنوات، وفق أخصائيين نفسيين يؤكدون أن القلق المزمن والخوف والتوتر الأسري يسهمون في خلق جيل يعيش استعداداً دائماً للانفجار.
وتُظهر الدراسات أن المجتمعات التي تتطبع مع ألم الأطفال تفتح باباً طويلاً للفوضى والعنف الاجتماعي.
انهيار المنظومة الحامية
يفرض اليوم العالمي لحقوق الطفل على ليبيا مواجهة حقيقة أن الطفولة أصبحت الأكثر تعرضاً للدفن تحت أزمات الحرب، والانقسام، والفقر، وغياب الدولة.
وتؤكد المنظمات الحقوقية أن حماية الطفل لا يمكن أن تُختزل في تشريعات قانونية أو حملات توعية، بل تحتاج إلى قرار سياسي يعتبر الطفل ملفاً للأمن القومي.
وتشدد على أن البيئة المدمِّرة للطفل يجب إصلاحها أولاً: الأسرة، المدرسة، المجال العام، وأن تكون حقوق الطفل جزءاً من إعادة بناء الدولة.










