دفاعاً عن الأقليات.. البرلمان الأوروبي يطالب طهران بإنهاء التمييز بحق البهائيين
دفاعاً عن الأقليات.. البرلمان الأوروبي يطالب طهران بإنهاء التمييز بحق البهائيين
اعتمد البرلمان الأوروبي مؤخراً قرارًا تاريخيًا يدين القمع المنهجي والمضايقات المستمرة التي يتعرض لها المجتمع البهائي في إيران، وعبر القرار، الذي حصل على أغلبية ساحقة بلغت 549 صوتًا مقابل سبعة أصوات معارضة و31 ممتنعًا، عن إجماع واسع بين مختلف التيارات السياسية في البرلمان الأوروبي، مؤكدًا أن سياسات النظام الإيراني ضد البهائيين تشكل انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان.
نواب البرلمان الأوروبي وصفوا سياسات إيران ضد البهائيين بأنها مضايقات مستهدفة ومخطط لها مسبقًا، وجريمة ضد الإنسانية، وجزء من نمط مستمر من الاستبداد والتمييز الهيكلي، بحسب ما أورده موقع قناة "إيران إنترناشيونال" السبت.
كما أشار القرار إلى وثيقة سرية صادرة عام 1991 عن المرشد الإيراني علي خامنئي، تضمنت توجيهًا صريحًا لحجب فرص التقدم والتطور عن البهائيين، ما يؤكد الطابع المؤسسي للقمع.
وأوضح وثاق سنائي، المتحدث باسم المجتمع البهائي العالمي، في مقابلة صحفية أن القرار الأوروبي يعكس إدراك المجتمع الدولي للممارسات المناهضة لحقوق الإنسان التي يتبعها النظام الإيراني، ويؤكد ضرورة الضغط الدولي لإنهاء هذه الانتهاكات.
انتهاكات متعددة
القرار الأوروبي سلط الضوء على سلسلة من الانتهاكات التي يعاني منها البهائيون، من بينها الاعتقالات التعسفية، الاختفاء القسري، وحرمانهم من التعليم والعمل، ومصادرة الأملاك، ومنع الدفن اللائق، ونشر الكراهية عبر وسائل الإعلام الحكومية، كما أدان البرلمان تصاعد حالات الإعدام واستخدام عقوبة الإعدام كأداة للقمع السياسي والديني.
وأشار النواب إلى أن هذا القرار يأتي في سياق استمرار جهود المجتمع الدولي، خاصة بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير الذي تناول الآثار التراكمية لقمع الأقليات في إيران، بما في ذلك البهائيون.
وطالب البرلمان الأوروبي مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء بممارسة ضغوط محددة على طهران لحماية حرية الدين والمعتقد، ووضع القضاة والمدعين العامين وضباط الأمن المسؤولين عن مضايقة البهائيين ضمن قائمة العقوبات الحقوقية.
كما دعا النواب إلى إدراج الحرس الثوري في إيران ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، وتوسيع نطاق العقوبات لتشمل المسؤولين المتورطين في انتهاك حقوق الإنسان في إيران، بمن في ذلك المشاركون في سياسات التمييز ضد البهائيين.
أرقام تكشف حجم القمع
بحسب ما ورد في القرار، فإن أكثر من نصف البهائيين الذين تعرضوا للملاحقة في العام الماضي كانوا من النساء، وتجاوز عدد القضايا القضائية ضدهم 1200 قضية، وخلال النقاشات البرلمانية، وصف عدد من النواب وضع البهائيين في إيران بأنه يمثل مؤشرًا على هشاشة النظام الإيراني، وليس قوته.
وقالت هانا نويمان، نائبة البرلمان الأوروبي عن ألمانيا، إن الحكومة التي تسجن مواطنيها بسبب دينهم أو جنسهم لا تعكس القوة بل الخوف، وإن مصادرة منازل البهائيين تدل على ضعف النظام. وأضافت أن إسكات صوت المرأة يعكس محاولة لإخفاء أصوات ملايين الحناجر الحرة.
من جانبه، وصف ألساندرو بنيدتي، ممثل المجتمع البهائي العالمي، اعتماد هذا القرار بأنه لحظة حاسمة للدفاع عن حقوق البهائيين في إيران، مشيرًا إلى أن رسالة أوروبا إلى طهران واضحة: يجب إنهاء التمييز الهيكلي ضد البهائيين فورًا.
البهائيون في إيران
يعد البهائيون أكبر أقلية دينية غير مسلمة في إيران، وقد تعرضوا لمضايقات ممنهجة منذ الثورة الإيرانية عام 1979، وفي السنوات الأخيرة، تصاعدت الضغوط على هذا المجتمع بشكل ملحوظ، مع وجود تقديرات تشير إلى أن عدد البهائيين في إيران يتجاوز 300 ألف شخص، ويعترف الدستور الإيراني رسميًا بالديانات الإسلامية والمسيحية واليهودية والزرادشتية فقط، بينما يتم حرمان البهائيين من أي اعتراف رسمي أو حقوق دستورية.
البرلمان الأوروبي سبق أن أصدر خلال العام الماضي ثلاثة قرارات أخرى تنتقد القمع الديني المنهجي في إيران، في نوفمبر 2024، ويناير وأبريل 2025، مؤكداً استمرار سياسات التمييز المنهجي والعنف الممنهج ضد البهائيين.
يعود قمع البهائيين في إيران إلى عقود من السياسات الرسمية التي تستهدفهم كأقلية دينية غير معترف بها، وبعد الثورة الإيرانية عام 1979، تم استبعاد البهائيين من المؤسسات الحكومية والتعليم العالي، ومنعهم من العمل في المهن الحيوية مثل الطب والهندسة والقضاء، كما تمت مصادرة ممتلكاتهم الخاصة، ومنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، وأحيانًا تعرضوا للضرب والاعتقال التعسفي أو الإعدام.
البهائيون، يعيشون في بيئة قانونية واجتماعية معادية، حيث تشير الدراسات والتقارير الدولية إلى أن النساء البهائيات أكثر عرضة للملاحقة القانونية والتمييز الاجتماعي، ويعاني الشباب من حرمان مستمر من التعليم والفرص المهنية، وهذه السياسات ترسخ نمطًا من التمييز المنهجي والمؤسسي يجعل البهائيين يعيشون حالة من عدم الأمان المستمر.
كما تؤكد المؤسسات الحقوقية الدولية أن قمع البهائيين جزء من نمط أوسع من انتهاك حقوق الإنسان في إيران يشمل الأقليات الدينية الأخرى، والنشطاء المدنيين، والصحفيين، والمرأة، وهو ما دفع البرلمان الأوروبي والمجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف رسمية واضحة تطالب إيران بالالتزام بالقوانين الدولية وحقوق الإنسان.











