مهاجرون عالقون وسط نهر إيفروس رغم قرار المحكمة الأوروبية بمساعدتهم

مهاجرون عالقون وسط نهر إيفروس رغم قرار المحكمة الأوروبية بمساعدتهم

وجدت مجموعة مكونة من 28 شخصا حاولت عبور الحدود من تركيا إلى اليونان عبر نهر إيفروس، نفسها عالقة على جزيرة صغيرة وسط النهر الذي يشكل الحدود الطبيعية بين البلدين والممتد على طول 200 كلم، بعدما أعادهم حرس الحدود اليوناني قسرا إلى تركيا ولم يقدم لهم مساعدة.

حاول أفراد المجموعة المؤلفة من 28 شخصا، بينهم 7 نساء و8 أطفال، للمرة الأولى في 2 يونيو عبور النهر، إلا أن الحرس اليوناني تعامل معهم "بعنف"، حسب منصة "هاتف الإنذار" التي تتلقى نداءات الاستغاثة من المهاجرين وتنقلها إلى السلطات المعنية بهدف إنقاذ الأشخاص وفق مهاجرنيوز.

وقال الناشطون في المنصة الذين كانوا على تواصل مباشر مع المهاجرين، "إنهم مرهقون وعطشى وبحاجة إلى حماية دولية، أبلغنا السلطات بذلك، يجب إحضار الأشخاص إلى بر الأمان على الفور! علمنا أن المجموعة تعرضت للهجوم والسرقة من قبل القوات اليونانية".

وقالت الناشطة ليزا في منصة "هاتف الإنذار"، إن المهاجرين "مجبرون على شرب الماء من النهر، لكن ذلك ليس جيدا لصحتهم".

شكوى لـ"حقوق الإنسان"

ومن أجل الضغط على السلطات اليونانية، قدم ناشطون وحقوقيون شكوى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR) والتي أصدرت حكمها بوجوب تقديم اليونان المساعدة لهؤلاء الأشخاص وإعطائهم حقهم بطلب اللجوء، لا سيما وأن الحكومة اليونانية تعتبر ضفاف نهر إيفروس منطقة عسكرية محظورة.

وأوضح المحامون الناشطون في مبادرة "Rule39" الذين قدموا الشكوى، أن المحكمة قررت “أنه لا ينبغي إبعاد الأشخاص حتى إشعار آخر، وأن يتم تزويدهم بالطعام والماء والرعاية الطبية المناسبة حسب الحاجة حتى إشعار آخر”، لكن منصة "هاتف الإنذار" قالت إن السلطات دفعتهم إلى المياه التركية رغم ذلك.

المهاجرون قرروا إعادة محاولة عبور نهر إيفروس مرة أخرى بعدما قالوا إن القوات اليونانية دفعتهم دون أن تعطيهم فرصة لتقديم طلب اللجوء، إلا أن الحظ لم يحالفهم هذه المرة أيضا، إذ اعترضهم حرس الحدود اليوناني وتعرضوا للأمر نفسه، وقالت منصة "هاتف الإنذار" إنهم ينامون في العراء على جزيرة وسط نهر إيفروس منذ أول أمس الأربعاء.

وأشارت منصة "هاتف الإنذار" إلى أنها تلقت أخيرا ردا من السلطات اليونانية، "أخبرتنا السلطات للتو أنها على علم بالقضية وأجرت عملية بحث مع فرونتكس هذا الصباح"، لكنها لم تستطع إيجاد المجموعة.

وتنشر السلطات اليونانية دوريات مراقبة على طول الحدود بين البلدين، كما تتعاون بشكل وثيق مع وكالة حماية الحدود الأوروبية "فرونتكس" والتي تتواجد أيضا في هذه المنطقة ضمن دوريات مشتركة. 

وفي وقت سابق قال رئيس نقابة حرس الحدود اليوناني فالانتيس غيالاماس إن “أعضاء فرونتكس يقدمون لنا الكثير من المساعدة ونستفيد من خبرتهم في إدارة الحدود”، وبحسب غيالاماس يوجد حوالي 700 عنصر تابع لحرس الحدود اليوناني، إضافة إلى حوالي 150 عنصرا من وكالة فرونتكس.

استنكر الناشطون الرد الأخير، متسائلين، هل من المعقول ألا تجد الشرطة اليونانية ووكالة فرونتكس "مجموعة من 28 شخصا في جزيرة صغيرة؟"، ونقلوا عن المهاجرين قولهم إن قاربا اقترب من الجزيرة وأطلق النار في الهواء.

المحكمة "قررت بالفعل منذ أيام أن اليونان ملزمة بتزويدهم بالطعام والمأوى، هل تتجاهل السلطات اليونانية قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؟"، تساءل الناشطون في تغريدة على تويتر.

تدابير مؤقتة

القرار الصادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يستند قانونيا إلى ما يدعى "تدابير مؤقتة"، إذ يجوز لهذه الجهة القضائية، بموجب القاعدة 39 من لوائحها، أن تصدر توصيات لأي دولة طرف في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

والتدابير المؤقتة هي تدابير عاجلة لا تلجأ إليها المحكمة إلا عندما يكون هناك "خطر وشيك بحدوث ضرر لا يمكن إصلاحه"، وتكون على أساس استثنائي.

وتلك ليست المرة الأولى التي يتوجه فيها المحامون إلى هذه المحكمة، ففي نهاية مارس الماضي أصدرت المحكمة قرارا مماثلا بحق 34 شخصا كانوا عالقين وسط النهر، نقلتهم اليونان إلى أخيرا إلى البر، لكن في مايو الماضي، مجموعة من 94 شخصا من الجنسية السورية تعرضوا للأمر نفسه وحاولت المحكمة الضغط على السلطات اليونانية لكن، "رغم القرارات الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لم يتم إنقاذ الأشخاص"، بحسب ليزا، وأضافت متأسفة "اليونان لا تحترم التشريعات الأوروبية، وهذا مقلق للغاية".

كل ذلك يأتي فيما تشتد حدة الخلاف بين تركيا واليونان، لا سيما فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة بين الولايات المتحدة وتركيا، إضافة إلى أزمة السيادة على جزر إيجه والتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية. 

وفي ظل هذا التوتر المتزايد، تتخوف أثينا من استخدام أنقرة ملف الهجرة ورقة ضغط، كما حصل في العام 2020 حينما أعلن أرودغان فتح حدود بلاده أمام المهاجرين الراغبين في العبور إلى اليونان.

وأضافت الناشطة ليزا أن الحكومة اليونانية باتت تتخذ من هذا التوتر الدبلوماسي "ذريعة" من أجل "ترك الأشخاص" دون مساعدة، وقالت "يخبروننا الآن أن هذه المنطقة متنازع عليها بين اليونان وتركيا، وأنهم لا يريدون التسبب في وقوع حادث". 

ومع ذلك، فإن موقع المجموعة التي لا تزال عالقة في النهر يُظهر أن الجزيرة تقع على الجانب اليوناني، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان توصلت إلى ذات الاستنتاج، وتخلص ليزا إلى أن "هذه مجرد حجج لعدم إنقاذ الناس".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية