بينهم أطفال ونساء.. تقرير حقوقي يوثق مقتل 73 مدنياً في سوريا خلال نوفمبر
بينهم أطفال ونساء.. تقرير حقوقي يوثق مقتل 73 مدنياً في سوريا خلال نوفمبر
أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن توثيق مقتل 73 مدنياً في سوريا خلال شهر نوفمبر من عام 2025، وشمل العدد 12 طفلاً و6 سيدات إضافة إلى حالتي وفاة ناجمتين عن التعذيب، ويستعرض التقرير الذي جاء في 12 صفحة طبيعة الانتهاكات خلال الشهر الماضي، وآليات الشبكة في توثيق القتل خارج نطاق القانون.
أوضحت الشبكة في تقريرها المنشور على موقعها الرسمي، اليوم الاثنين، أن النتائج تعتمد على مراقبة مستمرة للحوادث والبيانات، إضافة إلى شبكة واسعة من المصادر المحلية وتحليل الصور والمقاطع المصورة.
وشمل التقرير الضحايا الذين جرى توثيق وفاتهم خلال الشهر، مع التأكيد أن بعض الحالات قد تكون وقعت قبل ذلك بفترة طويلة وتم إدراج تاريخ التوثيق والتاريخ المقدر للوفاة.
انتهاكات مستمرة
أكد التقرير أن سقوط نظام الأسد عام 2024 لم يُنهِ الانتهاكات في سوريا، إذ ما تزال حالات قتل تسجَّل نتيجة مخلفات الحرب مثل الألغام والذخائر العنقودية، أو بسبب جراح سابقة، إضافة إلى تجاوزات تقوم بها ميليشيات مسلحة.
وسجلت الشبكة مقتل ثلاثة أطفال جراء انفجار ذخائر عنقودية من مخلفات قوات النظام السابق، كما وثقت حالتي وفاة تحت التعذيب على يد قوات سوريا الديمقراطية.
تصدرت محافظة حماة قائمة المناطق الأكثر تضرراً بنسبة 20 في المئة، تلتها محافظة حمص بنسبة 16 في المئة، في حين لم تتمكن الشبكة من تحديد الجهة المسؤولة عن مقتل معظم الضحايا في المحافظتين، كما سجل التقرير مقتل ثمانية وستين مدنياً بينهم تسعة أطفال وست سيدات، إضافة إلى وقوع مجزرة واحدة لم تحدد جهتها.
استنتاجات التقرير
خلص التقرير إلى مجموعة نقاط أبرزها أن الهجمات استهدفت مدنيين بشكل مباشر، وتسببت الألغام المزروعة في مقتل أعداد كبيرة بسبب غياب أي خرائط توضّح مواقعها، كما أكد أن القصف العشوائي من قبل قوات سوريا الديمقراطية يشكل خرقاً للقانون الدولي، وأن التفجيرات عن بعد داخل المناطق السكنية تشير إلى نية واضحة لإيقاع أكبر عدد من الضحايا.
كما حمّل التقرير القوات التركية مسؤولية عدم مراعاة مبدأ التناسب خلال هجماتها على مواقع قوات سوريا الديمقراطية، في حين أشار إلى تمركز هذه القوات داخل مناطق مأهولة ما يعرض المدنيين للخطر، واعتبر التقرير أن المرحلة الانتقالية لم تحقق الاستقرار الأمني المطلوب في سوريا وأن الانفلات الأمني ما يزال مستمراً رغم تغير السلطة.
تضمن التقرير مجموعة توصيات للحكومة، منها التعاون مع الآليات الدولية والتحقيقات الأممية، وتسهيل الوصول إلى مراكز الاحتجاز، وحماية الأدلة ومواقع الجرائم، وتوثيق المقابر الجماعية، وتعزيز العدالة الانتقالية والتصديق على نظام روما الأساسي، ودعا التقرير إلى حماية المدنيين والمواقع الثقافية، وإزالة الألغام، وإصلاح مؤسسات الحوكمة وتوثيق الممتلكات المهجورة، إضافة إلى ضمان الحقوق الأساسية ومنع الانتهاكات ودعم الناجين وعائلات الضحايا.
نداء إلى المجتمع الدولي
دعا التقرير مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى إحالة الجرائم المرتكبة في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية أو إنشاء محكمة خاصة، والعمل على تجميد أصول النظام السابق، وتكثيف المساعدات الإنسانية، وضمان وصول الدعم إلى المناطق المتضررة والشمال الشرقي للبلاد، إضافة إلى تمويل عمليات إزالة الألغام.
كما شدد التقرير على ضرورة دعم جهود البحث عن المفقودين وتعزيز المصالحة الوطنية، ومراجعة العقوبات لضمان عدم تأثيرها في العمل الإنساني، وضمان حماية اللاجئين السوريين ومنع إعادتهم قسراً.
حث التقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان على رفع تقارير دورية حول الانتهاكات، كما طالب لجنة التحقيق الدولية بفتح تحقيقات شاملة وتحديد المسؤولين ونشر أسمائهم. ودعا الآلية الدولية المحايدة المستقلة إلى جمع مزيد من الأدلة والتعاون مع المنظمات السورية.
توصيات
طالب التقرير قوات سوريا الديمقراطية بفتح تحقيقات داخلية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات ومنع التمركز في المناطق المدنية وتقديم خرائط للألغام، كما دعا المنظمات الإنسانية إلى وضع خطط عاجلة لمراكز إيواء للمشردين وتكثيف إزالة الألغام وتزويد المنشآت الحيوية بسيارات إسعاف يمكن التعرف إليها من مسافات بعيدة.
مرت سوريا بتحولات سياسية عميقة منذ سقوط النظام السابق في نهاية عام 2024، غير أن التحديات الأمنية بقيت حاضرة بقوة نتيجة انتشار السلاح وتعدد القوى العسكرية وتواصل الانتهاكات بحق المدنيين، وتعد الشبكة السورية لحقوق الإنسان واحدة من أبرز الجهات التي توثق الانتهاكات منذ بداية النزاع، وتعتمد في تقاريرها على شبكة واسعة من الباحثين المحليين ومصادر ميدانية متنوعة.
وتشير تقديرات دولية إلى أن عدد الضحايا خلال سنوات النزاع تجاوز مئات الآلاف، في حين ما يزال ملف المفقودين والمعتقلين من أكثر القضايا تعقيداً في سياق العدالة الانتقالية، وتبرز أهمية هذه التقارير في الإضاءة على الانتهاكات المستمرة والدفع نحو مسار محاسبة حقيقي يضمن عدم تكرار الانتهاكات ويهيئ لبيئة مستقرة في المرحلة المقبلة.











