وسط أزمة إسكان.. 100 منظمة خيرية تحذر من تضاعف التشرد بين المهاجرين في بريطانيا
وسط أزمة إسكان.. 100 منظمة خيرية تحذر من تضاعف التشرد بين المهاجرين في بريطانيا
حذّرت شبكة تضم أكثر من مئة منظمة خيرية في بريطانيا، الخميس، من تزايد حالات التشرد بين اللاجئين والمهاجرين خلال العامين الماضيين، في ظل أزمة إسكان متصاعدة يواجهها الأشخاص الفارون من الحروب والاضطهاد، وتشير التقارير إلى أن التغيرات المستمرة في السياسات الحكومية، إضافة إلى إدخال نظام التأشيرات الإلكترونية، أسهمت في حرمان عدد كبير من اللاجئين من الوصول إلى الخدمات الأساسية، ما جعلهم أكثر عرضة للفقر وفقدان السكن.
وقالت جمعية ناكوم الوطنية التي تمثل 140 منظمة تعمل مباشرة مع اللاجئين والمهاجرين في بريطانيا، إن نحو 3450 لاجئاً ومهاجراً تقدّموا بطلبات للحصول على سكن خلال العامين 2024-2025، إلا أن المنظمات لم تتمكن من توفير مساكن لهم بسبب نقص الموارد والمساحات المتاحة.
وفي المقابل استضافت هذه المنظمات 4434 شخصاً، بينهم ألفان وثمانية لاجئين، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 106 بالمئة مقارنة بالعامين 2022-2023. وقد وفرت لهم ما مجموعه 672 ألفاً و807 ليالي إقامة، لكن 829 شخصاً اضطروا للنوم في العراء عند وصولهم إلى الخدمات، مقارنة بـ378 شخصاً في العام السابق، وهو ما يعكس خطورة الوضع وتفاقمه المستمر وفق شبكة "عرب لندن" الإخبارية.
تأثير السياسات الحكومية
وأكدت بريدجيت يونغ، مديرة ناكوم، أن نتائج الاستطلاع تكشف عن أزمة مستمرة بلا حل، وأن السياسات الحكومية المتغيرة في بريطانيا تجعل اللاجئين والمهاجرين أكثر عرضة للفقر والتشرد، ويزيد من صعوبة إيجاد مخرج من هذه الأزمة الإنسانية.
وأضافت أن تصاعد الخطاب المناهض للهجرة في السياسة البريطانية زاد من المخاطر التي يواجهها الأشخاص الأشد ضعفاً، وخلق بيئة يشعر فيها اللاجئون بعدم الأمان، سواء في الشوارع أو في الملاجئ الموقتة.
وفي حالة حديثة عكست خطورة الوضع، اضطرت جمعية آسايلوم ويلكوم في مقاطعة أوكسفوردشاير إلى توفير السكن لأربعين لاجئاً خلال شهر واحد بعد طردهم من أماكن إقامتهم السابقة، بعض هؤلاء اضطر للنوم في العراء، في حين تعرض آخرون للاعتداء وتدمير ممتلكاتهم على يد متظاهرين مناهضين للهجرة، وهو ما يوضح أن المخاطر لا تقتصر على فقدان السكن فقط بل تشمل التهديدات الأمنية اليومية.
برنامج تجريبي قصير المدى
وكانت وزارة الداخلية البريطانية قد أطلقت في ديسمبر 2024 برنامجاً تجريبياً مدد فترة الانتقال للاجئين الجدد 28 يوماً إلى 56 يوماً لإتاحة الوقت الكافي لإيجاد سكن أو عمل. لكنه انتهى في سبتمبر، وعادت الفترة إلى ثمانية وعشرين يوماً للبالغين الفرديين، مع تطبيق نفس المدة قريباً على الفئات الأكثر ضعفاً مثل مرضى وكبار السن والمعوقين.
وأوضح متحدث باسم وزارة الداخلية أن فترة الـ56 يوماً لا تزال سارية للعائلات والفئات الضعيفة حتى نهاية العام، وأن السلطات تعمل مع المنظمات غير الحكومية لضمان توفير الدعم اللازم، كما يجري تقييم مستقل للبرنامج التجريبي لتحديد فعاليته وأثره في المهاجرين واللاجئين.
يقول خبراء إن أزمة الإسكان لا تؤثر فقط في الأفراد البالغين، بل تمتد لتشمل الأطفال والعائلات، حيث يؤدي فقدان السكن إلى اضطرابات نفسية واجتماعية خطيرة، الأطفال الذين ينامون في العراء أو في أماكن مزدحمة ومؤقتة غالباً ما يعانون من صعوبة في الوصول إلى التعليم والخدمات الصحية، ويصبحون أكثر عرضة للأمراض النفسية والاضطرابات السلوكية، كما أن النساء والفتيات يواجهن مخاطر مضاعفة، منها التعرض للعنف والاستغلال بسبب غياب الحماية والأمان في الملاجئ المؤقتة.
التحديات الاقتصادية والاجتماعية
ويضيف التقرير أن أزمة التشرد لدى اللاجئين والمهاجرين مرتبطة بشكل وثيق بالضغوط الاقتصادية والاجتماعية، وارتفاع أسعار الإيجار في المدن الكبرى، ونقص المساكن المخصصة للفئات الأكثر حاجة، بالإضافة إلى تعقيدات نظام التأشيرات الإلكترونية، وتعوق وصول اللاجئين إلى الدعم والخدمات الأساسية. ويشير التقرير إلى أن كثيرين من اللاجئين يجدون أنفسهم مضطرين للعمل في وظائف غير مستقرة أو غير قانونية لتغطية احتياجاتهم الأساسية، وهو ما يزيد من ضعفهم واستغلالهم.
وتثير هذه الأزمة جدلاً واسعاً على المستوى السياسي، حيث يطالب الخبراء والمنظمات الخيرية الحكومة البريطانية بتبني سياسات إسكان أكثر مرونة وشمولية، وإلغاء العقبات البيروقراطية التي تمنع اللاجئين من الوصول إلى الدعم، كما يحذرون من أن استمرار الإجراءات الحالية يمكن أن يؤدي إلى تفاقم ظاهرة التشرد وانتشار الفقر بين هذه الفئات الضعيفة، ما قد ينعكس على استقرار المجتمعات المحلية.
وتعيش المملكة المتحدة منذ عدة سنوات أزمة متصاعدة في توفير السكن للأسر الفقيرة واللاجئين والمهاجرين؛ بسبب ارتفاع أسعار العقارات ونقص المساكن العامة، إضافة إلى تغييرات متكررة في السياسات الحكومية المتعلقة بالهجرة والتأشيرات.
وتعمل المنظمات الخيرية على سد الفجوة بين الحاجة والموارد، لكنها تواجه قيوداً مالية وبيروقراطية تعوق قدرتها على الاستجابة للطلبات المتزايدة، وقد أظهرت الدراسات أن اللاجئين الذين لا يحصلون على مأوى مستقر يواجهون مخاطر صحية ونفسية جسيمة، ومنها اضطرابات النوم والضغط النفسي وفقدان الأمان، كما أن الأطفال الأكثر تأثراً يواجهون صعوبات في التعليم والتواصل الاجتماعي، ما يضع المستقبل الاجتماعي والاقتصادي للفئات الهشة في خطر.
وتشير التقارير إلى أن السياسات الأكثر ثباتاً وشمولية في الدول الأوروبية الأخرى قد تحد من هذه الأزمات، لكن اعتماد نظام متغير ومتقلب في المملكة المتحدة جعل اللاجئين والمهاجرين أكثر عرضة للتشرد والفقر والتهميش.











