تصريحات ترامب تثير الجدل.. تصاعد خطاب الكراهية ضد المهاجرين في الولايات المتحدة

تصريحات ترامب تثير الجدل.. تصاعد خطاب الكراهية ضد المهاجرين في الولايات المتحدة
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - أرشيف

يشهد الخطاب السياسي الأمريكي مرحلة شديدة الخطورة بعد أن أعاد الرئيس دونالد ترامب استخدام تعبيرات مهينة بحق دول وشعوب بأكملها، واصفاً إياها بـ"القذرة"، ومؤكداً بشكل واضح تبنّيه لهذه اللغة التي كان قد نفى استخدامها سابقاً في عام 2018. 

أطلق ترامب هذه التصريحات خلال تجمع في بنسلفانيا حين تساءل بشكل علني عن سبب استقبال الولايات المتحدة مهاجرين من دول أسماها "كارثية، قذرة، مثيرة للاشمئزاز"، في حين دعا إلى استقدام مهاجرين من دول "أكثر تحضراً" على حد تعبيره، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الخميس. 

هذا الخطاب الذي يمسّ ملايين البشر لم يعد مجرد انحراف لغوي، بل يمثل توجهاً سياسياً يعتمد على التمييز القائم على الأصل القومي والعرق، ما يهدد أسس المساواة واحترام الكرامة الإنسانية.

سياسات تمس الحقوق

لم يقف التصعيد عند حدود الكلام، بل تزامن مع إجراءات حكومية تقوّض حقوق المهاجرين بشكل مباشر، فقد وسّعت الإدارة الأمريكية عمليات الترحيل بوتيرة غير مسبوقة، وعلّقت استقبال طلبات الهجرة من تسع عشرة دولة فقيرة، في خطوة تثير مخاوف الحقوقيين من أن تكون المعايير العرقية والثقافية هي المحدد الأساسي للسياسات، وليست اعتبارات الأمن أو القانون. 

وأظهرت الإدارة انحيازاً واضحاً من خلال إعلانها قبول المزارعين البيض من جنوب إفريقيا بدعوى أنهم يتعرضون للاضطهاد، وهو ما يرسخ وجود تمييز انتقائي غير مبرر. 

وترى منظمات حقوق الإنسان أن هذه الممارسات تمثل تراجعاً حاداً عن التزامات الولايات المتحدة الدولية، خاصة تلك المتعلقة بحماية اللاجئين وضمان عدم التمييز.

تحريض ضد المهاجرين

ازدادت خطورة المشهد مع تبني مسؤولين في البيت الأبيض لغة تحريضية تصف المهاجرين بعبارات مهينة مثل "مصاصي الدماء"، في حين استخدم ترامب نفسه تعبير "تسميم دماء البلاد"، وهي لغة رأى خبراء التاريخ أنها تحاكي خطاب الأنظمة الشمولية المتطرفة في القرن الماضي. 

ويضاعف استخدام هذه المفردات من مواقع رسمية تأثيرها في الرأي العام ويحوّل المهاجرين إلى هدف للتحريض الاجتماعي والسياسي، ويرسخ تصوّراً عنهم باعتبارهم مصدر تهديد، لا بشراً يتشاركون الحقوق نفسها التي يكفلها القانون الدولي لكل إنسان.

وأثّر هذا الخطاب بشكل مباشر في أوضاع الملايين من المهاجرين المقيمين في الولايات المتحدة، سواء كانوا حاصلين على صفة قانونية أم لا، فقد ازدادت المخاوف من انتشار جرائم الكراهية، وتراجع الشعور بالأمان لدى العائلات المهاجرة، في حين يشعر الكثيرون بأنهم مستهدفون بسبب أصلهم أو لون بشرتهم. 

وأدى المناخ العدائي إلى تردد بعض المهاجرين في اللجوء إلى مؤسسات الدولة للحصول على الخدمات أو الحماية خوفاً من الترحيل أو الإساءة، وتؤكد دراسات جامعية أن هذه البيئة المشحونة تُضعف ثقة المهاجرين في النظام القضائي وتجعلهم أكثر عرضة للاستغلال والعنف.

انتشار أفكار اليمين

يعكس الخطاب المتبنى اليوم من البيت الأبيض صدى واضحاً لأفكار اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا، خاصة ما يعرف بنظرية "الاستبدال الكبير" التي تزعم وجود مخطط لاستبدال السكان البيض بالمهاجرين. 

وتبنى ترامب بشكل صريح مفهوم "الهجرة العكسية"، وهو تعبير يشير إلى الترحيل الجماعي وفصل المجتمعات البشرية على أسس عرقية. 

ويحذر الخبراء من أن هذه الأفكار حين تتحول إلى مواقف رسمية، فإنها تهدد النسيج الاجتماعي الأمريكي وترسخ ثقافة الإقصاء، وهي ثقافة طالما ناضلت المؤسسات الحقوقية لكسرها.

الولايات المتحدة أمام امتحان 

تشكل هذه التطورات اختباراً حقيقياً لمدى احترام الولايات المتحدة لالتزاماتها الحقوقية الدولية، خاصة تلك المتعلقة بمنع التحريض على التمييز العنصري وحماية اللاجئين وضمان المساواة. 

وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري على حظر أي خطاب رسمي يشجع الكراهية أو يستهدف فئات سكانية كاملة. 

ويؤكد خبراء القانون الدولي أن استمرار هذا النهج قد يعرض الولايات المتحدة لانتقادات واسعة وإجراءات رقابية من قبل الهيئات الأممية المختصة، فضلاً على آثاره العميقة في سمعة البلاد بوصفها وجهة للهجرة واللجوء.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية